مدريد- علي حيدر

أعاد تأهل ريال مدريد إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا وتقديمه عرضاً استثنائياً في باريس إلى واجهة الشارع الكروي إمكانية مضي النادي الملكي قدماً في البطولة المفضلة لديه وتحقيق اللقب الثالث توالياً، بعدما ما كان أول فريق يحققه مرتين متتاليتين بنسخته الجديدة. إنجاز قد يبدو خيالياً إن تحقق، خاصةً بعد نصف الموسم الأول السيء الذي قدمه الفريق، ففارق الـ 15 نقطة مع برشلونة والإقصاء من كأس الملك على يد ليغانيس ولد شكوك حول قدرة زيدان على الخروج من هذه الأزمة وتحويل الموسم من كارثة إلى إنجاز تاريخي. إلا أن للريال مقومات وميزات تجعله حاضراً على الدوام في المنصات الأوروبية، فتاريخ النادي وشخصيته ولاعبيه ترعب أي منافس مهما على شأنه. فعلى ماذا يرتكز ريال مدريد من أجل تحقيق هذه المعجزة ؟

جينات دوري الأبطال... شخصية وخبرة



تؤمن الصحافة الإسبانية أنه عند سماع لاعبي ريال مدريد نشيد التشامبيونز يتحولون من مجرد لاعبين إلى خبراء في هذه المسابقة، وهذه فرضية باتت أقرب الحقيقة هذا الموسم، فكيف من الممكن أن يرافق هذا الأداء الرائع أمام باريس سان جرمان في دوري الأبطال أداءٌ متواضع وضعيف في الدوري وكأس الملك؟ وكيف لكريستيانو رونالدو الذي عانى من شح تهديفي في بداية الليغا أن يكون هدافاً لدوري الأبطال بفارق كبير عن البقية؟ حقائق وتساؤلات عدة أخرى تجعلك تؤمن فعلاً أن ريال مدريد يملك جينات دوري الأبطال، وأن هذه البطولة تحفزه أكثر من غيرها بدرجات، ولعل تصريح الفرنسي الشاب كيليان مبابي منذ أيام يشرح الأمور كماهية، فقد قال: "تعلمنا الفرق بين اللاعبين الكبار واللاعبين الأبطال". جملة تختصر ما حدث في حديقة الأمراء وترسم ما قد يحدث لاحقاً في الأدوار القادمة، فأغلب اللاعبين الموجودين اليوم، توجوا باللقب عام 2014, أو 2016, أو 2017 أو جميعهم كرونالدو ورمس ومرسل وكارفاخال ومودريتش وكروس وكاسيميرو وإيسكو وبيل وبنزيما... لهذا فهم الأجدر والأنسب لخوض غمار هذه المسابقة.

كريستيانو.. الرجل الحاسم

يواصل النجم البرتغالي صحوته ويبرهن من جديد أنه ملك دوري الأبطال من دون منازع، فهو لم يتخلف أبداً عن تلبية حاجة فريقه له وظهر في الوقت المناسب وحمل الملكي مرة أخرى للدور المقبل، تماماً كما فعل في ربع ونصف ونهائي العام الماضي. تواجد كريستيانو في هذه الحالة المذهلة ذهنياً وبدنياً والتي يتم ترجمتها عبر الأهداف تطمئن الجماهير وتعدهم بالأفضل. أما المنافسون، فهم بالتأكيد غير مطمئنين لمواجهة أفضل نسخة لكريستيانو في الأدوار الإقصائية.

التركيز على "الوحيدة المتبقية"

يعلم الجميع أن هذه البطولة هي الوحيدة المتبقية للريال، وهي القادرة على إنقاذ الموسم، لا بل تحويله من كارثة إلى نجاح تاريخي،لذلك فإن الجهود كلها ستنصب من أجل رفع الكأس الثالثة عشر،. وإن لم يحدث ذلك، قد نشهد ثورة في النادي على مستوى المدرب واللاعبين، ونتحدث هنا عن إمكانية استقالة زيدان وليس إقالته، فضلاً عن خروج لاعبين أمثال بيل وإيسكو وغيرهم... من أجل تفادي هذا، يجد اللاعبون أنفسهم أمام اختبار مفصلي قد يتحكم بمصير بعضهم في الفريق الملكي.

تحسن الدفاع

كانت هشاشة خط الدفاع أحد أهم أسباب تدهور مستوى الفريق في النصف الأول من الموسم، وبات شبه مؤكد تلقي الريال هدفاً على الأقل في كل مباراة، مما يصعب مأمورية الفوز طبعاً. إلا أن الرباعي الدفاعي بقيادة راموس بات يظهر تحسناً ملحوظة في الآونة الأخيرة، على الرغم من بعد الهفوات البسيطة. هذا التحسن يجب أن يستمر ويترجم إلى "شباك نظيفة" من اجل رفع منصوب الثقة والاطمئنان ودخول المباريات بشكل أفضل.

تعدد الخيرات وعمق التشكيلة

إن كمية وجودة وتعدد وظائف لاعبي ريال مدريد تمنح مدربهم زين الدين زيدان خيارات واسعة وإمكانية تطبيق الرسم التكتيكي الذي يراه مناسباً، فعدم جاهزية مودريتش وكروس في موقعة باريس لم تشكل أي مشكلة، بل على العكس، فإشراك المتألقين لوكاس فاسكيز وماركو اسينسيو على الأطراف، مع كاسيميرو وكوفاسيتش في قلب الوسط حطمت آمال الباريسيين، وكانت كافية من أجل تأمين فوز وعرض كروي ممتع. وهذا مثال على

قوة دكة البدلاء وأهمتيها من أجل استمرارية ودعم الفريق على الرغم من العوائق التي قد تواجه كالإصابات والتوقيفات.

وعلى الرغم من الميزات تلك، إلا أن الأمور لن تكون سهلة على الإطلاق بوجود فرق صاحبة تاريخ وشخصية هي الأخرى، فتألق البايرن مع هاينكس وعودة اليوفي إلى طريقه مع اليغري واستقرار مستوى برشلونة فالفيردي (إن تأهل)، فضلاً عن المفاجآت التي قد تصنعها الفرق الإنجليزية كالسيتي وليفربول ومانشستر يونايتد، تضع ريال مدريد أمام امتحان بالغ الصعوبة لا يغتفر الخطأ فيه.