لطالما عرفنا نحن أهل البحرين بالطيبة والانفتاح وحب الآخرين وقبولهم على أرضنا والتعايش معهم بسلام وأمان، تلك الصفات هي ثوابت وركائز أساسية موجودة في شخصية الإنسان البحريني بغض النظر عن أي شيء آخر، وهو ما يجعل من بلادنا مقصداً منذ سالف الأزمان للآخرين الذين سبحان الله ما إن يستقروا في هذه الأرض إلا ونراهم قد تطبعوا بطبائع أهلها.

وقد جاء الأمر الملكي السامي بإنشاء مركز الملك حمد للتعايش السلمي في هذا الوقت بالذات للتأكيد على صفات المواطن البحريني الأصيلة، تلك الصفات التي تتحدى هذا الزمن الصعب والذي اختلط فيه الحابل بالنابل، وتزايد الصراع الديني والمذهبي والتشدد والغلو في أمور كثيرة، وفي خضم كل تلك الأمور جاء حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وضمن نظرته الثاقبة والمعروفة بأمره السامي بإنشاء هذا المركز، للتأكيد على رسالة البحرين الحضارية والراقية إلى العالم بأنها وطن السلام ومهده.

تلك الرسالة البحرينية تحتاج إلى مؤتمنين قادرين على إيصالها إلى غايتها السامية، لذلك وقع الاختيار على من تشرفوا بحمل مسؤولية هذا المركز من خلال عضويتهم فيه، وهم من الشخصيات المعروفة ويترأسهم إنسان بحريني أصيل محبب إلى الجميع، ومقرب من الجميع، ويعرفه الجميع، وهو من الشخصيات التي تشعر بمجرد القرب منها بالسلم والأمان والطمأنينة، إنه طبعاً الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة، وهو باختصار، «الرجل المناسب في المكان المناسب».

إن الأدوار المقبلة للمركز هامة جداً، حيث تقع على عاتق أعضائه ورئيسه مهام جمة، وصعبة، وأولها مواجهة أولئك الذين يرغبون في التقليل من هذا المركز وأهدافه، وهم تلك الشرذمة التي تسعى للنيل من البحرين بأي شكل كان، وبأي وسيلة، وإنشاء مثل هذه المراكز لا يخدم أجنداتهم ويكشف كذبهم وتدليسهم على البحرين.

ولا أقصد بالمواجهة هو الجدال مع تلك الثلة المسيئة لوطننا، لأن الجدال والنقاش معهم مضيعة للوقت، ولكن ما أعنيه في مواجهتهم هو إثبات ما يستطيع هذا المركز تحقيقه، وتعزيزه لمفهوم التعايش السلمي، ومواجهة كل أنواع التطرف والغلو، وإظهار الوجه الناصع والمشرق لمملكتنا ولشعبها الكريم، ومخالفة كل الآراء المضللة والكاذبة التي تدّعي وجود تمييز وتفرقة وطائفية في بلادنا، بل قد يرتفع سقف الطموح أكثر ويصل إلى نقل تجربة المركز لدول أخرى للاستفادة منها وتطبيقها في تلك الدول.

المركز يحتاج في اعتقادي أيضاً إلى الدقة والحرص في تنفيذ مهامه المقبلة، فلا بد من دراسة وتمحيص كل شيء يقوم به المركز، فالمتلقي بمجرد أن تصله رسالة منقوصة أو غير واضحة أو مبهمة، فإنه قد يتخلى عن كل الرسالة ولا يهتم لها، مما يفقده الاهتمام والثقة في مرسلها مستقبلاً، لذلك يحتاج المركز في هذا الفترة إلى الوضوح التام والدقة والثقة في قدرته على تحقيق مهامه بكل تمكن واقتدار، وبالتالي كسب ثقة المتلقي فيه، وإزالته لكل لبس أو فهم خاطئ عن وطننا، وهذه ضمن مسؤوليات الجهاز الإعلامي على وجه الخصوص لهذا المركز، والذي أتوقع أن يضم كفاءات إعلامية قادرة على ترجمة جهود المركز ومساعيه لتحقيق أهدافه واستراتيجيته وإيصالها للمتلقي.

لا أظن أن القائمين على هذا المركز قد أغفلوا تلك الجوانب فهم من أصحاب الخبرات والتجارب واختيارهم لحمل أمانة هذا المركز لم يأتِ من باب الصدفة، ولكن لا يمنع من تذكيرهم بتلك الأمور، خاصة وأن الطرف المناقض أي الذين لم يكونوا سعداء بإنشاء المركز، قد يعملون على استراتيجية جديدة للتعامل معه، خاصة مع كل الإشادة التي حظي والإعجاب والتقدير بمجرد الإعلان عنه في لوس أنجلوس قبل عدة شهور.

مرحلة التأسيس قد تكون أصعب المراحل عند البدء بأي عمل، ولكن عندما يتعلق الأمر بإنشاء مركز للتعايش السلمي في مملكة البحرين فإن الصعوبة هنا تتلاشى بسبب القاعدة الصلبة التي يقام عليها هذا المركز، وهي تلك الصفة الحميدة والأصيلة لدى شعب البحرين، وأعني بالتأكيد حبهم للسلم والانفتاح وقبول الآخرين والتعايش معهم، فمن يمتلك تلك الصفات في مجتمعه فلن يواجه صعوبة التأسيس بإذن الله.