أكد الباحث القانوني مالك محمد القانع، على ضرورة وضع تشريع خاص بالاستثمار الأجنبي في البحرين، مع مراعاة وضع فصل مستقل ينظم العقود التي تكون الدولة طرفا فيها، ليشمل ضمانات الاستثمار الأجنبي وحقوق والتزامات الأطراف، وفض المنازعات.

وأوصى بتعديل التشريعات الخليجية التي تتبنى نظرية التركيز التشريعي أو الإسناد الجامد، موضحا أنها لا تتناسب مع خصوصية عقود الاستثمار غير المباشر، وكذلك تبني نظرية التركيز الموضوعي فيما يتعلق يعقود الاستثمار الدولية.

وطالب القانع في أطروحة ماجستير قدمها بجامعة البحرين، حول إشكالية القانون الواجب التطبيق على موضوع المنازعات التي تنشأ عن عقود الاستثمار الدولية، بإضافة مادة في القانون رقم 6 لسنة 2015 بشأن تنازع القوانين في المسائل المدنية والتجارية ذات العنصر الأجنبي تحت رقم 17 مكرر بأنه يسري على عقد الاستثمار المبرم بين الدولة أو الأجهزة التابعة لها وبين المستثمر الأجني القانون الأوثق صلة به على أن يراعى محل تنفيذ العقد والاتفاقيات الدولية بشأن حماية وتشجيع الاستثمار، ما لم يتفق الأطراف على اختيار قانون وطني آخر، وإلغاء المادة رقم 20 في القانون.



كما دعا الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تقديم مقترح حول إلغاء المادة رقم 12 من نظام مركز التحكيم التجاري واستبدالها بنص المادة رقم 29 من لائحة إجراءاته لإزالة التعارض بين المادتين فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق.

وأشار القانع إلى أن دول الخليج، أخذت في الآونة الآخيرة اتجاها نحو تبني السياسات والآيدلوجيات الاقتصادية عوضاً عن الاعتماد الكلي على النفط والغاز في تحقيق النمو والتكامل الاقتصاديين، من خلال الاستثمارات في الدول المضيفة لها في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية، فأصبحت الاستثمارات الدولية محطاً لاهتمام المجتمع الدولي وذلك من خلال إصدار اتفاقيات دولية خاصة بالاستثمارات المبرمة بين الدول والمستثمرين الأجانب، عن طريق إبرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية من أجل تشجيعها وحمايتها.

وأفردت تشريعات العديد من دول العالم ومن ضمنها بعض التشريعات الخليجية قوانين خاصة بالاستثمار ونظراً لتداخل العلاقات الدولية والخاصة في إطار عقود الاستثمار وتعقيدها، والتي تتعدد في ظلها القوانين وتتعارض، وذلك لاختلاف جنسيات ومراكز من يبرمها أو يتفاوض، مما قد تثار بمناسبتها النزاعات في أي مرحلة من مراحل المشروع الاستثماري.

وبعد استنفاد الوسائل الودية لحل النزاع، يتحتم عرضه على القاضي أو المحكم، لإيجاد الحل الملائم.

ونوه إلى ضرورة بحث مشكلة القانون الواجب التطبيق على موضوع المنازعات التي تنشأ عن عقود الاستثمار الدولية، ورؤوس الأموال الأجنبية التي يتم نقلها إلى البلد المضيف للاستثمار، سواء كان هذا الانتقال مباشراً أو غير مباشر. وتعد هذه العقود من طائفة العقود الدولية الخاصة، إذ تبرمها الدولة أو أحد أجهزتها بصفتها شخصاً من الأشخاص الخاصة، فلا تتعاقد بصفتها أحد الأشخاص العامة وذلك وفقاً للاتجاهات الحديثة.

وإعمالاً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين الذي نصت عليه التشريعات الخليجية، فإن أطراف عقد الاستثمار الدولي قد يتفقون على تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا العقد، إلا أن هناك اتجاهات تتوسع في إعمال ذلك المبدأ في نطاق عقود الاستثمار الدولية، فتسمح للأطراف بإختيار الشروط والأحكام التي يتفقون عليها باعتبارها قانوناً حاكماً للعقد المبرم بينهم دون اختيار نظام قانوني في بلد معين. وهناك اتجاهات تتجه نحو تضييق إعمال مبدأ حرية الإرادة وتحددها في اختيار الأنظمة القانونية، وطنية كانت أم دولية، وتتوسط هذه الاتجاهات إشكاليات عملية وواقعية تتمثل في تعطيل الأطراف أنفسهم للقانون المختار لحكم موضوع منازعات عقود الاستثمار الدولية، إما عن طريق إدراج شرط الثبات التشريعي، أو أن يجعلوا اختيارهم للقانون اختياراً احتياطياً، أو عن طريق دمج القانون المختار في شروط العقد ذاته. وإذا كانت الإرادة تستطيع تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع عقود الاستثمار الدولية، إلا أنها قد تغيب في حالات عديدة عن تحديد ذلك القانون.

ولفت إلى تعدد الآراء الفقهية وأحكام التحكيم الدولية والتشريعات الوطنية وكذلك الاتفاقيات الدولية المعنية بالاستثمار الدولي في تحديد القانون الواجب التطبيق على عقود الاستثمار الدولية في هذه الحالة، فيذهب اتجاه إلى توطين عقود الاستثمار الدولية في قانون الدولة المضيفة للاستثمار، إلا أن هذا الاتجاه ينقسم إلى فريقين، فريق يذهب إلى تطبيق القانون الوطني من غير الاستعانة بقواعد تنازع القوانين، وهناك فريق يذهب إلى إعمالها من أجل توطين عقد الاستثمار.

أما الاتجاه الآخر فيذهب إلى إخراج تلك العقود عن نطاق القانون الوطني من خلال إخضاعها للقانون الدولي أو تطبيق أعراف وعادات التجارة الدولية، وإزاء تلك الاتجاهات يطرح التساؤل حول موقف التشريعات الخليجية منها في ظل خصوصية عقود الاستثمار الدولية وتسارع وتيرة تطورها وتعقيدها.