كل التطورات التي تمر بها المنطقة اليوم وكل التغيرات الحادثة فيها، وكثير منها عنيف وقاسٍ ومتسارع، لا تصب في مصلحة من يعتبرون أنفسهم «معارضة»، وكل التطورات التي تمر بها إيران، التي لاتزال مستمرة في إطلاق الوعود الكاذبة والتي لا تبحث إلا عن مصلحتها، لا تصب في مصلحة أولئك، فلدى حكومة الملالي ما يكفيها وهي مهددة بالزوال في كل لحظة حيث تفقد في كل يوم ما يعين المعارضة الإيرانية، وخصوصاً مجاهدي خلق، على تحقيق الانتصارات والتقدم. وبالتأكيد فإن كل الإنجازات التي تحققها حكومة البحرين والتي يشهد بها الداني والقاصي لا تصب في مصلحتهم، فما يتحقق على أرض الواقع هنا هو بمثابة رد عملي ودليل قاطع على عدم صدقية ما يتم الترويج له بقصد الإساءة للبحرين عبر المنابر الدولية «ما تحقق من إنجازات على مدى السنوات السبع الأخيرة أحرج تلك «المعارضة» وأظهرها وكأنها وفرت صورة غير حقيقية للعالم، فكل ما قالت إنه غير موجود وطالبت بتوفيره يراه العالم متحققاً على أرض الواقع، وهذا يشمل الادعاءات المتعلقة بحقوق الإنسان وبالحريات والديمقراطية وغيرها».

كل هذا لا يصب في مصلحة أولئك الذين من الواضح أيضاً أنهم دون القدرة على فهمه واستيعابه، فمن يستوعب هذا الأمر ويدرك ما يدور حوله من تطورات وتغيرات كهذه التي تشهدها المنطقة وتشهدها مملكة البحرين ويدرك ما تحتويه الساحة من معطيات لا يتردد عن مراجعة نفسه واتخاذ القرارات التي تساهم في حفظ الوطن وتخرج الناس من المأزق الذي أوقعوهم فيه، فما يجري لا يستوعب العناد ولا التصرفات والمواقف البعيدة عن العمل السياسي، وهذا دليل قاطع على أنهم بعيدون عن هذا المجال وأنهم أقحموا أنفسهم فيه عنوة ولم يدركوا عواقب القرار الذي أوهمتهم إيران وتوابعها أنه القرار الصحيح وزينت لهم الأمر حتى رأوه ممكن التحقق بسهولة.

مسؤولية هذا الواقع -أو جزء كبير منه على الأقل- مسؤولية الجمعيات السياسية التي كانت تمثل «المعارضة» وتعمل في إطار القانون، فهي التي سلمت الراية لأولئك ووقفت تتفرج وكأن الأمر لا يعنيها، وهي التي ينبغي أن تفعل شيئاً ينقذ تاريخها أولاً ويوقف تهور أولئك الذين لا يمكن تركهم يتحركون على هواهم لأنهم بفعلهم وتهورهم وقلة استيعابهم ووضع يدهم في يد الأجنبي يمكن أن يخربوا كل الإنجازات التي تحققت لصالح هذا الوطن على مدى عقود ويعيثوا فساداً بتاريخ العمل الوطني الذي ظل ناصعاً وشارك فيه الجميع.

إيران لن تفيدهم، وكذلك قطر التي تأكد أنها كانت تعمل طويلاً «من تحت لتحت» وتدعم وتمول وتعين وتهيئ الظروف ولم تتردد حتى عن طرح نفسها كوسيط لحل المشكلة التي حدثت في 2011 لعلها تحصل على فرصة تستفيد منها، فهاتان الدولتان وكل دولة كان لها دور في تزيين الأمر لهم لن تفيدهم بشيء لأنها كلها تعمل من أجل مصلحتها هي وليس من أجل مصلحتهم، وترفع الشعارات الرنانة أيضاً من أجلها هي فقط، والأمر نفسه فيما يخص المنظمات الدولية التي تحتضن كل فعل خارج لاعتقادها أن كل من يقف ضد أي سلطة محق ومظلوم. لهذا فليس أمامهم سوى أن يفعلوا شيئاً ينصفون به الناس الذين أوذوا بسببهم، وليس أمام من كان يعمل تحت مظلة الجمعيات السياسية سوى العمل على وضع حد لاستهتارهم ومنعهم من قيادة «المعارضة» التي لا تليق بهم ولا يعرفون أسرارها.

وبالتأكيد لا يمكن إغفال الدور الذي ينبغي أن يقوم به أولئك الذين لايزالون يعتقدون أن مسؤولية حماية الوطن مسؤولية الحكومة أولاً وآخراً، ويعتقدون أن الوقوف على الحياد والصمت وطنية.