رسائل كراهية -إرهابية- تصل إلى مجموعة من المسلمين البريطانيين في منطقة «وست يورك شير» عبر بريدهم الإلكتروني، عنوان الرسالة «يوم عقاب المسلمين»، حيث تم تحديد يوم 3 أبريل المقبل يوماً لإرهاب المسلمين في بريطانيا لأنهم -أي المسلمين- بحسب ما جاء في الرسالة «إن المجتمع متضرر من وجودهم وإنهم يسببون الأذى للمجتمعات البريطانية والأوروبية وأمريكا الشمالية»، وقد بادرت الشرطة البريطانية وبالتحديد وحدة مكافحة الإرهاب في التحقق من مصدر هذه الرسائل الإلكترونية، كما قامت بعض الجهات المهتمة بمثل هذه القضايا في حوادث الكراهية ضد المسلمين برصد تلك الرسائل، فهي بالتأكيد رسائل إرهابية تنشر الفوضى في المجتمع وتدعو إلى الكراهية والطائفية وتعمل على شق المجتمع وأيضاً تضع المملكة المتحدة في دائرة خطرة جداً، وسوف تحصرها ضمن الدول التي يغلب عليها التمييز والتي لا تراعي حقوق الإنسان وممارسة الحريات وخاصة حرية اعتناق الأديان والمذاهب والتعدي على حرية التعبير عن دينهم من خلال عباداتهم الدينية المتمثلة في ملابسهم ومنها ارتداء الحجاب للمسلمات.

نقلاً عن «سي إن إن العربية»، قالت عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال ناز شاه، عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن «رسالة الكراهية المزعجة» عنوانها «يوم عقاب المسلمين»، مؤكدة أن «محتوى الرسالة يثير بشدة قلق مستلميها والمجتمع، كما تضمنت الرسالة مكافآت للتحرك ضد المسلمين، حيث تم تحديد نقاط متفاوتة لكل من يعتدي على مسلم باللفظ أو نزع حجاب مسلمة أو إلقاء مادة حارقة على وجه مسلم، أيضاً الاعتداء على مسلم بالضرب أو تعذيبه أو قتله بمسدس أو سكين أو دهسه بالسيارة والمكافأة الكبرى ستكون من نصيب من يحرق أو يفجر مسجداً، ولأن الأمر في غاية الخطورة بادرت بعض السفارات العربية بإرسال رسائل إلى مواطنيها المبتعثين في بريطانيا تدعوهم فيها إلى توخي الحذر وأخذ الحيطة في هذا اليوم، وشددت على أهمية التواصل مع الملحقية في بريطانيا إذا ما تم تعرضهم للأذى أو استلامهم هذه الرسالة الإلكترونية، وبالتأكيد تحديد نوع الأذى الذي يلحق بالمسلم والمسلمة وتحديد النقاط التي هي بالفعل نابعة من كراهية شديدة للمسلمين تلك التي تذكرنا بالعنصرية في أمريكا على يد منظمة «كو كلوكس كلان» الذين مارسوا أشد التعذيب والاضطهاد على أقلية أمريكية من أصول أفريقية آنذاك، ونرجو ألا تصل هذه المرحلة في بريطانيا ضد الأقلية المسلمة هناك».

بالطبع لا تسمى هذه الرسائل برسائل كراهية، فهي رسائل إرهابية لأنها تدعو إلى التنكيل والقتل، لأنها لا ترهب الأقلية المسلمة في بريطانيا فقط وإنما ترهب المجتمع البريطاني بأكمله وتقلق العالم إذا ما احتضن مجتمع آخر في دولة أخرى هذا التوجه الإرهابي لقتل وتعذيب وترهيب المسلمين في بلادهم، ولكن السؤال هو، ما الذي تريد هذه الجماعة الإرهابية أو المتطرفة أن تحققه في المجتمع البريطاني؟ وما هي رسالتها للحكومة البريطانية؟ ولماذا تحاول أن تبث كراهية المسلمين في مجتمع مثل «يورك شير» غالبيتهم من أصول آسيوية من الهند وباكستان وخليط من العرب منهم من العراق وفلسطين من الحاصلين على الجنسية البريطانية وبعض المبتعثين من طلبة العلم من دول خليجية وعربية يدرسون في الجامعات البريطانية؟ وللعلم معظم الذين اكتسبوا الجنسية البريطانية في مناطق معينة في «يورك شير» منذ أكثر من 50 أو 60 سنة كانوا عمالة آسيوية اشتغلوا في عدة أعمال مختلفة وفي مصانع منها صناعة الأقمشة، واستقرت هذه العوائل في بريطانيا وقد منحتهم الحكومة البريطانية حقوقاً عديدة بعد ذلك منها اكتساب الجنسية البريطانية.

بالطبع يقع على عاتق الحكومة البريطانية الكثير لحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع البريطاني، وحماية الأقلية المسلمة في بريطانيا من الجماعات المتطرفة والإرهابية، وحماية السياحة والسياح العرب والمسلمين من العنف الذي ستظهره، أيضاً تقع المسؤولية على المجتمع البريطاني في الحفاظ على النسيج الواحد، خصوصاً أن بريطانيا دائماً تلتزم في إرساء الحقوق والحريات، ولكن يبدو أنه كلما حاولت الحكومة أن تكون مثالاً يحتذى به في الحريات وعدم التمييز خرق آخرون القوانين حتى وصل المجتمع إلى مستوى القتل المتعمد للمسلمين، فما ذنب الأقلية المسلمة في بريطانيا وما ذنب السياح المسلمين والعرب، خصوصاً أن هذه الجماعات تظهر بين فترة وأخرى لإيذاء المسلمين.

الحقد والكراهية ضد المسلمين تولدت عند بعض الأوروبيين وفي أمريكا، وكان سببها الحملات الإعلامية المكثفة التي وجهت لتشويه الإسلام في عيون العالم، أيضاً دعم بعض الدول الكبرى للمنظمات الإرهابية التي تزعم بأنها منظمات إسلامية تهدف إلى إعلاء كلمة الحق لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط حتى وصلت إلى عقر دارهم وأصبحت هذه المجتمعات مستهدفة من قبل هذه المنظمات الإرهابية، وهذه أسباب كفيلة بأن يتحامل البعض على المسلمين لعدم معرفتهم عن الإسلام بصورته الصحيحة، لذلك على هذه الحكومات تصحيح هذا الخطأ المتعمد على الإسلام والمسلمين حتى تعود المجتمعات إلى استقرارها وأمانها.

* كلمة من القلب:

كلمة حق يجب أن تقال في هذا المقام، وللأمانة عندما عشت في بريطانيا لعدة سنوات مع عائلتي لم نتعرض إلى أي أذى أو تمييز ولم نستشعر بالكراهية من قبل المجتمع البريطاني، وحتى خلال أحداث 11 سبتمبر التي تعرض خلالها كثير من المسلمين لأنواع عدة من التمييز والأذى في كثير من الدول الغربية، كان المجتمع البريطاني وخصوصاً في المنطقة التي كنا نسكن فيها يحترموننا كثيراً، فالمملكة المتحدة عزيزة على قلبي، فيها أمضيت أياماً جميلة وتعاملت مع شعب راقٍ وودود، لذلك أحزن وأنزعج عندما يبادر البعض لإثارة الفوضى في المجتمع البريطاني، فهو مجتمع يستحق أن يحظى بالاستقرار، وعليه، يجب على الجميع التكاتف من أجل تلك البلاد ومن أجل استقرارها.