غزة - عز الدين أبو عيشة

قال مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بيار كرنبول، خلال مؤتمر في روما الخميس إن "هذه الهيئة بحاجة إلى أموال قبل الصيف المقبل بعد أن تمكنت فقط من تغطية عجز يقارب نصف المليار دولار".

وأضاف بيار كرنبول أن "الوكالة التي تشارك في الاجتماع تلقت تعهدات بتقديم 100 مليون دولار إلا أنها تريد تأمين مبلغ 446 مليون دولار بعد قيام واشنطن، المانح الرئيسي للوكالة، بخفض التمويل لعام 2018".



وتابع "إنها خطوة أولى نحو سد العجز بأكمله. هناك ضرورة قصوى لجمع باقي الأموال (...) لا يمكننا العودة إلى طلابنا للقول لهم "كانت هذه خطوة واحدة ولندعها عند هذا الحد"".

وبعد الأزمة المالية الخانقة التي عصفت بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وأسفرت عنها توقف وتقليص عدد من خدماتها المقدمة للفلسطينيين، في مختلف مناطق عملها الخمس "سوريا، لبنان، الأردن، الضفة الغربية، قطاع غزّة"، تعقد نحو 90 دولة حول العالم اجتماعًا وزاريًا في العاصمة الإيطالية روما لبحث سبل سد العجز المالي للوكالة الدولية.

وبدأت الأزمة المالية تعصف بـ "الأونروا" منذ أن جمدت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 60 مليون دولار كانت تمولها لوكالة غوث اللاجئين، في حين تشكل العجز المالي بقيمة 300 مليون دولار، وأثّر على صندوق الطوارئ الخاص بالمساعدات الإنسانية.

واجتمعت الدول بدعوة من مصر والأردن والسويد، لوضع حلول عملية، وتسعى لتقديم الدعم المالي وزيادة حصة الدول المانحة، وتقديم موعد تسديد الدفعات المالية المقرّرة للأونروا، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد لله، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.

ومن المتوقع إذا استمر العجز أنّ تضطر "الأونروا" إلى إغلاق المستشفيات والمدارس في قطاع غزّة، إضافة لفصل عدد كبير من موظفيها، في حين إنّ التمويل المتوفر للوكالة الدولية يكفي استمرارية عملها حتى مايو المقبل.

ولم تنجح حملة كبيرة أطلقتها "الأونروا"، بعنوان "الكرامة لا تقدر بثمن" للحصول على تمويل بعد تجميد باقي المساهمة الأمريكية سوى في جمع أموال محدودة، ولا يشعر الدبلوماسيون بالتفاؤل إزاء الحصول على تعهدات كبيرة خلال مؤتمر روما.

وستدعم منظمة التعاون الإسلامي بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية إنشاء صندوق استثماري وقفي لدعم اللاجئين الفلسطينيين، يسعى لإنقاذ أزمة "الأونروا"، بحسب الأمين العام للمنظمة يوسف العثيمين.

وقال البنك الدولي إنّ التدهور الاقتصادي في غزّة لن تعالجه المساعدات الدولية، وإنما يتطلب السماح بتجارة أكثر سلاسة بالقطاع، مشيرًا إلى أنّ النمو الاقتصاد غزة هوى من 8% عام 2016 إلى 0.5% العام الماضي، في وقت يعاني نصف قوة العمل من البطالة.

وزير الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية أليستير بيرت قال إنّ "المملكة تنوي دعم اللاجئين الفلسطينيين"، معلنا نية حكومته تقديم 28 مليون جنيه إسترليني على الأقل للأونروا.

وبيّن أنّ المنحة تأتي نتيجة لتزايد احتياجات الوكالة، وأنّ المملكة المتحدة ملتزمة بدعم الفئات المهمشة من اللاجئين، مطالبًا جميع الدول بالعمل الدؤوب للتخفيف من حدة الضغوط التي تتعرض لها الوكالة.

من ناحيته، قال المتحدث باسم وكالة غوث اللاجئين سامي مشعشع "أيّ خفض للمساعدات يخلق مشكلة أكبر لسكان غزة"، مشدّدًا على أنّ ""الأونروا" تلعب دورًا مهمًا في دعم الاستقرار الإقليمي".

وأضاف في حديث لـ "الوطن" "تسود مخاوف إزاء مستقبل المنظمة التي توظف أكثر من 20 ألف شخص غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، كما ويدرس فيها أكثر من 500 ألف طفل فلسطيني في مدارس"، موضحًا أنّ "موظفي "الأونروا" قلقون للمبلغ الضخم الذي لا يزال ناقصًا".

رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية زكريا الأغا قال إنّ "الأمر يستوجب إعادة تقييم الوضع القائم والبحث في السبل التي يتعين اتباعها لإيجاد حلول جذرية للأزمة المالية الراهنة لوكالة الغوث".

وطالب في حديثه مع "الوطن"، "بضرورة التوصل إلى آلية تضمن توفير تمويل كاف ومستدام للأونروا لضمان الحفاظ على دورها حتى حل قضية اللاجئين بشكل نهائي".

وندّد الأغا "باستخدام المساهمات المالية لأغراض إنسانية كأداة ابتزاز سياسي"، مشيرًا إلى أنّ "قضية اللاجئين ستبقى عرضة لضغوطات سياسية وأمنية في إطار المساعي المبذولة من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل لتصفية قضية اللاجئين".

يذكر أن "الأونروا" تعمل في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وفي قطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن. وتدير 710 مدارس ويقدم أطباؤها 9 ملايين استشارة طبية سنويا وتوفر الغذاء لنحو 1.7 مليون شخص أغلبهم في قطاع غزة.

ويقول الفلسطينيون إن خفض التمويل سيؤثر بدرجة أكبر على غزة، القطاع الفقير الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ويعتمد نصف سكانه البالغ عددهم مليوني نسمة على المساعدات الإنسانية وحيث يبلغ معدل البطالة 46 %.