من الأمثلة المصرية الشهيرة «العيار اللي ما يصيبش يدوش»، ومعناه واضح وهو أن لكل شيء أثر، أما العيار فالمقصود به الطلقة النارية، ويدوش تعني يزعج. في المعنى نفسه يتوفر مثل شامي هو «اضرب الطينة في الحيطة.. إن ما لزقت علّمت». ويبدو أن كل الذين يتخذون من البحرين موقفاً ويعملون على الإساءة لها يؤمنون بهذين المثلين ويسعون إلى تطبيقه على أرض الواقع، فما تقوم به إيران وقطر ومن صار في يديهما من الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» وفي «ثورة» منذ عدة سنوات هو أنهم يسعون إلى إضعاف النظام، فإن لم يتحقق لهم مرادهم فإنهم يكونون قد حققوا على الأقل شيئاً من «النصر» بالتسبب في إزعاجه ومشاهدة أثر الطينة في الحيطة. لكن لأن البحرين تدرك كل هذا ولا تهتم بتلك الطلقات ولا «تندوش» بسببها لذا فإنها تضحك من هذا الذي يقومون به وتسخر من تفكيرهم، فالبحرين ليست كما يتصورونها، ولا يؤثر فيها كل ذلك.

في هذا السياق يمكن بيان ردة فعل البحرين على ادعاءات قطر التي جاءت في برنامج بثته أخيراً قناة «الجزيرة» واعتقدت أن كثرة مشاهديها والحديث عنها يعني بالضرورة اقتناعهم بأن تلك المزاعم والأكاذيب والادعاءات صحيحة وأنه لا قول بعد هذا القول، فالبحرين -التي تعرف أن كل ما ورد في البرنامج كذب محض وأنه من تأليف المخابرات القطرية التي أرادت أن توصل رسالة إلى الداخل القطري مفادها أنها واعية وصاحية وبالمرصاد لكل من تسول له نفسه القيام بأي تحرك ضد الحكم في قطر- لم «تندوش» من هذا «العيار» كما توقعت قطر وإيران ومن معهما من أفراد ومنظمات ولم تضع وقتها في مناقشة ما ورد في حلقتي البرنامج واضح الغاية والهدف.

ليس هذا ما يمكن أن يزعج البحرين وأهلها، فالبحرين لا تبالي بهكذا أقوال وبرامج تعدها أجهزة المخابرات القطرية ولا يتوفر الدليل والبرهان على ما تحتويه من اتهامات وادعاءات، فهذا الأسلوب قديم ومفضوح ولا قيمة له ولا تأثير، فأي صدقية يمكن أن تكون لبرنامج يعرف العالم كله أن من قام بإعداده وكتابة السيناريو له وإخراجه هو جهاز مخابرات ويعتمد الكلام المرسل وإطلاق الاتهامات التي لا أساس لها ولا يمكن تصديقها، خصوصاً تلك المتعلقة بإحداث تفجيرات في الدوحة وتمويل تلك العملية؟ فمثل هذا الكلام لا يمكن أن يصدقه فاقدو العقل فكيف بالعقلاء؟

ما تريد قطر قوله من ذلك البرنامج واضح ومفضوح، فإضافة إلى توجيه تلك الرسالة إلى الداخل أملاً في منع أي تحرك تتوعد به المعارضة القطرية وتعرف أنه حاصل لا محالة فإنها تريد أن تبرر لسلوكها السالب والمؤذي على مدى العشرين سنة الماضية والذي منه إنشاء قناة «الجزيرة»، وبالتأكيد ليس أفضل من الادعاء بأن ما قام به الأمير السابق طوال الفترة الماضية هو نتيجة ردة فعله على محاولة الانقلاب عليه! بمعنى أنه لولا أن الدول الأربع سعت لتغيير نظام الحكم في قطر بالقوة بحجة إعادة الأمير الأسبق للحكم لما قامت قطر بكل الذي قامت به من أفعال سيئة في المنطقة، والقول أيضاً إن تكتل الدول الأربع واتخاذها موقفاً موحداً من قطر واتخاذها قراراً بمقاطعتها هو امتداد لاتفاق سابق بينها بدأ بتلك المحاولة الانقلابية!

كل هذا مفضوح ولا يمكن للعالم أن يصدقه، ولو أن الدول الأربع أرادت أن تغير الحكم في الدوحة أو حتى تدخل قطر فالأمر بالنسبة لها بسيط، سابقاً واليوم ولاحقاً، فقطر لا تستطيع الوقوف في وجه هذه الدول لو أنها أرادت بالفعل القيام بذلك.

كان عياراً فاسداً، لم ولن يترك أثراً.