صحيح أن العلاقات السعودية الأمريكية تاريخية لكن لا يمكن تجاوز حقيقة أن كثير من التحولات والمواقف كانت كفيلة ببرود العلاقات بينهما، لا سيما قضية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهذا يدعونا للتساؤل «لماذا عادت الحرارة للخط بين الرياض وواشنطن؟ وما هي النتائج المرتقبة من زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا.

إن الإجابة عن سؤال كهذا ربما يستلزم فتح كثير من الملفات الدولية واختزالها على عجالة في مقال واحد، فهناك المساعي الأمريكية لوقف تنامي العلاقات السعودية الروسية بعد صفقات تسلح مميزة بين الرياض وموسكو، والأكثر إلحاحاً منه التحضير لفتح ملف إيران النووي من جديد بما يشمله من إجراءات عسكرية محتملة، يؤكدها كثيرون من خلال التمرين الضخم «درع الخليج 1» الذي عقدته السعودية في المنطقة الشرقية والذي يستمر لشهر. وربما يأتي في نفس السياق التحضير لحسم حرب اليمن لاسيما في ظل المؤشرات التي تنبئ بشعور طهران باقتراب نهاية مغامرتها.

من جهة أخرى، لم تعد واشنطن قادرة على إخفاء امتعاضها مما يحققه نظام الرئيس بشار الأسد من تقدم في استعادة كثير ما فقده لاسيما أن ذلك قد تحقق بدعم القوات الروسية غريمة أمريكا. ما دفع الولايات المتحدة إلى مزيد من التقرب من الرياض لكي لا تترك متسعاً للروس هناك، ويمكن القول إن هناك ثمة تقرب غربي ملحوظ من الرياض بعد قضية قتل الجاسوس الروسي بالسم في بريطانيا وتبادل طرد الدبلوماسيين، ما يشي بإعادة أجواء الحرب الباردة. وعلى صعيد آخر كذلك فإن لأمريكا من تقربها من الرياض مآرب أخرى ذات صلة بالعراق، التي نجحت الرياض في التقارب معها مؤخراً بينما ما زال لدى أمريكا خطط نفطية في العراق لم تنته بعد.

لكن يبقى مهماً جداً التنبه إلى أمر الأنانية الأمريكية والكيل بمكيالين، ما يجعل واشنطن التي تتقرب من الرياض اليوم، هي واشنطن التي استدارت عن الخليج لتوقيع الاتفاق النووي في وقت سابق، ونفسها التي تكشفت عنها فضيحة «إيران غيت»، ما يستلزم الحذر كون ما يدور في العلن ربما يكون غير ما يحاك في دهاليز مظلمة.

* اختلاج النبض:

زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن هي حصاد لجملة من نتائج الأحداث في الشرق الأوسط والعالم، وبرأيي سيتمخض عنها كثير من الحسم في ملفات اليمن وسوريا والتعامل مع إيران.