في جزء من نظرية الفوضى «‏Chaos Theory‏» يصف إدوارد لورنز تأثير الفراشة «‏The Butterfly Effect‏»‏ التي تنص على ‏أن رفة جناحي فراشة في تكساس قد تحدث أمواجاً في بحر الصين. وقبل أسبوعين وقف الرئيس ترامب في ضاحية لبيتسبرغ ‏الواقعة في حزام الصدأ «‏Rust Belt‏» أو المنطقة الواقعة أسفل البحيرات العظمى، وولايات وسط الغرب، حيث المصانع المصابة ‏بالتراجع الاقتصادي، وانخفاض أعداد السكان، والاضمحلال الحضري وإغلاق المصانع منذ الثمانينات. وقف ترامب في المكان الذي ‏كان حاسماً في فوزه في الانتخابات الرئاسية ليعلن وإرضاء ناخبي الحزام بفرض رسوم الاستيراد بنسبة 25% على الصلب و10% ‏على الألمنيوم، ليعيد الحياة لمصانعهم، ولعل أكثر ما يستحق التقييم والمتابعة في هذا الخبر ما كتبه ماركوس وايزغيربر في مجلة «‏Defenseone‏» في 12 مارس 2018 ووضح مدى اعتماد الصناعة العسكرية الأمريكية على الحديد والصلب والألمنيوم المستورد، ‏فرئيس شركة لوكهيد يذهب إلى عدم التأثر حتى 2020، فقد أقامت الشركة سلسلة معقدة من التوريدات لتزويدهم بحاجتهم من دول ‏صديقة، أما مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «‏C S I S‏» فيرفض إظهار حجم اعتماد الصناعات العسكرية الأمريكية على ‏المعادن المستوردة. ويكابر وزير الدفاع جيمس ماتيس بالقول لا نعتقد بتأثر صناعة السلاح. لكن الحقيقة تأتي من منظمة صناعات ‏الفضاء «‏AIA‏»، التي عارضت القرار وقالت إننا نوظف 4.5 مليون شخص مهددين بالطرد ونوفر فائض 86 مليون دولار مهددة ‏بالتوقف. فطائراتF 35 ‏ تعتمد على التاتانيوم والألمنيوم، أما بقية الطائرات كطائرات النقل C-130‏ والمقاتلة ‏F-16‏ فكلها تعتمد ‏على الألمنيوم، أما الصلب فتعتمد عليه بقية الأسلحة. والمفارقة الأولى في تقرير وايزغيربر أنه ضم طائرات تباع لدول الخليج، ‏وربما يتم استيراد المزيد منها لرفض واشنطن بيعنا طائرات الجيل الخامس مثلF 35 ‏. أما المفارقة الثانية فهي أن معهد ‏ستوكهولم الدولي «سيبري» أفاد بأن الفترة بين العامين 2013 و2017 شهدت زيادة بأكثر من الضعف في استيراد السلاح في ‏منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها دول الخليج. أما المفارقة الثالثة فهي أن القرار قوبل بردود أفعال غاضبة من قبل الاتحاد ‏الأوروبي واليابان والصين، مع غياب ردود الفعل الخليجية بنفس النبرة، ربما لكون هذه الإجراءات موجهة لغيرنا، وربما للحرص ‏على تجنب انتقاد حليف استراتيجي كواشنطن.‏

* بالعجمي الفصيح:

يقول ترامب إنه «يريد صناعة صُلب وصناعة ألمنيوم من أجل الدفاع الوطني، ولا نرغب بشراء الصُلب من بلاد نتقاتل معها». لذا استثنى المكسيك وكندا من الزيادة‏. وأعلن عن مرونة في تغيير الرسوم على بعض الدول. ولعل هذا هو مدخل دول الخليج لتجاوز ‏هذه الزيادة، فصادرات الإمارات من الألمنيوم لأمريكا تصل إلى 1.2 مليار دولار، أما البحرين فتصل صادراتها لأمريكا حوالي 0.9 ‏مليار دولار. فالألمنيوم مثل 61% من كل السلع المصدرة من البحرين إلى الولايات المتحدة في عام 2017، ومن المؤكد أن خسائر ‏ستلحق بهما جراء فرض الرسوم. كما يجب أن تكون لكل دول الخليج وقفة صلبة رافضة لمثل هذه الرسوم التي ليس معناها ‏ارتفاع أسعار الأسلحة الأمريكية التي نحن أكبر مستورديها فحسب، بل إن فرض الرسوم سيقلص التجارة العالمية ويقود إلى تراجع ‏النمو العالمي. ومن تبعات ذلك تراجع الطلب على الطاقة من الخليج. ‏