في 2008 إبان أزمة مالية طاحنة انهارت أمامها دول وشركات عملاقة، قيل إن اقتصاد البحرين لن يصمد طويلاً، لكنه صمد، بل خرج أقوى مما كان. ومع انخفاض أسعار النفط، قيل إن اقتصاد مملكة صغيرة كالبحرين لن يصمد، لكنه صمد.

تقف وراء ذلك عوامل كثيرة حجر الزاوية فيها الرؤية. الرؤية المستندة على قراءة عميقة للواقع والمتغيرات الاقتصادية والمبنية على أسس متينة من التشريعات المتطورة بتطور الأحوال.

هذا تماماً ما تفعله اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله. فمن نعم الله على البحرين أن هيأ لها عقلاً اقتصادياً متفتحاً جنبها أزمات متتالية أنهكت اقتصادات أكثر ضخامة وموارد.

حين نعرف أن 110 قوانين ومراسيم صدرت لتحفيز البيئة الاستثمارية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وحين نعلم أن البحرين أصدرت مبكراً ومنذ 2002 قانوناً للمعاملات الإلكترونية، فنحن أمام تخطيط حقيقي يمؤسس الاقتصاد عبر تشريعات نافذة تستجيب للسوق وتحولاته.

يضع هذا التخطيط الاقتصاد الرقمي في حسبانه كأولوية لا بديل عنها ولا مناص منها، تفرضها طبيعة الزمن، ومن يتخلف عنها يتخلف عن تأمين مستوى معيشي لائق للناس. البنية التحتية لهذا الاقتصاد قائمة أولاً على مجموعة من القواعد القانونية التي لا بد من توافرها لئلا يتحول السوق إلى فوضى. ونستطيع القول اليوم بثقة إن البحرين خطت خطوات مهمة في هذا القطاع، وما زال العمل جارياً على استكمالها بتوجيه حثيث من سمو ولي العهد عراب التحديث الاقتصادي الذي أثبتت إصلاحاته الاقتصادية أنه ينظر إلى أبعد مما يلوح في الأفق.

تعمل اللجنة التنسيقية بصمت بعيداً عن صخب الإعلام، وننتظر كمواطنين من جميع المعنيين، وخصوصاً السلطة التشريعية، أن يؤازروا هذه الرؤية بعمل جاد ودؤوب نحو تمتين القاعدة التشريعية للاقتصاد البحريني بما يجذب الاسثمارات ويحفظ مستوى معيشة المواطن حتى في أصعب الظروف المالية التي تمر بها المنطقة. فهل هذا مستحيل؟

اعتدنا في البحرين أن نجترح حلولنا ونتجاوز المستحيل.