لا يختلف اثنان على أن الوطن هو أثمن ما في الوجود، ولولا أنه كذلك لما ضحى الإنسان بحياته دفاعاً عن ترابه المقدس، فالإنسان يستمد من الوطن انتماءه وكيانه الإنساني ومن دونه لا قيمة له. والوطنية تمسك والتزام بالوطن وولاء لقيادته، وهي تعبير عن اهتمام الفرد بالصالح العام وخدمة الدولة وعمل كل خير لها، وتعني أيضاً الاستعداد للدفاع عنها وصيانة مصالحها. أما الأمثلة على الوطنية وحب الوطنية فكثيرة؛ فالمشاركة في الانتخابات شكل من أشكال التعبير عن حب الوطن، ورفع العلم والتفاخر به شكل آخر من أشكال التعبير عن حب الوطن، ويدخل في ذلك أيضاً قراءة كتاب عن الوطن وتاريخه، ويدخل فيه كل عمل يشعر المواطن بأنه يقدم مفيداً لوطنه ولأهل وطنه.

مبدئياً ليس من مواطن إلا ويحب وطنه، وهكذا هو الحال في البحرين، لكن حب الوطن إن اتخذ وسيلة تضر بالوطن أو تجرحه يصنف في باب الكره وليس الحب. الفارق بين هذا الحب وذاك يوفر المثال عليه المايسترو مبارك نجم الذي ظل طويلاً يعمل في صمت ويعبر عن حبه لهذا الوطن بعمله المتمثل في إيجاد مكانة تليق به في ساحة الموسيقى العالمية. ما فعله نجم هو أنه استفاد من موهبته وقدراته في الموسيقى وقرر أن يخدم بها البحرين، فصار له وللبحرين حضور في كل مكان، فإذا ذكر مبارك نجم ذكرت البحرين، وإذا فاز بجائزة فإن البحرين تكون هي الفائزة.

ما قام ويقوم به هذا الفنان البحريني الأصيل شكل من أشكال النضال والانتصار للوطن، وهو عمل سياسي وإن ظل صاحبه بعيداً عن عالم السياسة الذي ينشغل عنه بالألحان. نجم قدم للبحرين ما لم يتمكن كثيرون من تقديمه من خلال العمل السياسي. هذه الحقيقة ينبغي أن تكون ماثلة أمام أولئك الذين يعتقدون أن ما يقومون به من عمل يصفونه بالسياسي وطني بينما هو مؤذٍ للوطن وجارح له ومتسبب في تأخره وتضرر المواطنين.

كل عاقل يقارن بين ما يقدمه المايسترو مبارك نجم للبحرين بالعالمية التي وصل إليها وبما يحققه من تميز في ساحة الموسيقى العالمية وبين ما يقوم به أولئك الذين وضعوا أيديهم في أيدي الشيطان الفارسي واعتقدوا أنهم بذلك ينتصرون للوطن ويخدمونه، كل عاقل يقارن بين هذين ينحاز إلى الفنان مبارك نجم، فشتان بين ما يقدمه نجم للبحرين وبين ما يقدمه أولئك الذين يسهل بسبب ما يقومون به من عمل تخريبي تصنيفهم في باب الإرهابيين وخادمي الإرهاب والأجنبي.

لو أن أولئك عملوا شيئاً من مثل الذي عمله نجم لدونت أسماؤهم في سجل محبي الوطن وخادميه ولعلا شأنهم بعلو شأن الوطن، لكنهم للأسف اختاروا التعبير عن حبهم للوطن ببغضه وبتخريبه وبفتح الباب للأجنبي كي يدخل ويعيث فيه الفساد، لهذا لا يجد العاقل إلا لفظهم واتخاذ موقف منهم واعتبارهم محبين وموالين لوطن آخر لن يتأخر عن لفظهم لأنهم لا ينتمون إليه ولا يمكن أن يقبل بمن قبل على وطنه وهان عليه.

التضحية بالغالي والنفيس من أجل الوطن وطنية، والدفاع عن الوطن والمشاركة في حمايته وحفظ اسمه وطنية، والعمل على الإعلاء من شأن الوطن وإيجاد مكان له في المحافل الدولية وطنية، وترك بصمة في الوطن تدل على شخص تاركها وطنية، وكل هذا يدخل في باب العمل السياسي ويجعل من فاعله مشتغلاً بالسياسة ومناضلاً، وهذا أمر يسهل تبينه بالمقارنة بين ما يقوم به المايسترو المحترم مبارك نجم وبين ما يقوم به أولئك الذين يرفعون شعارات حب الوطن وهم يعملون على تخريبه وتدميره.