لفتني مقال نشرته قبل أيام إحدى الصحف الإلكترونية المهاجرة، عنوانه «حرب قادمة بين دول الخليج والكارثة عظيمة»، يتناول سيناريو حرب مرتقبة في الخليج العربي، تقودها ميليشيات مكونة من الآسيويين المقيمين في دولها والذين يشكلون في معظمهم العمالة الأجنبية، إذ بنى كاتب المقال ما ذهب إليه على الإحصائيات الأخيرة التي كشفت عن ارتفاع نسبة المقيمين في الخليج مقارنة بمواطنيها، فضلاً عن حالة الضغينة التي تضمرها أو تشنها دول آسيوية هندوسية وبوذية على الإسلام حسب وصفه، ملوحاً بثمة احتمالات لفرص تكاتف هذه الدول مع القوى الغربية والطامعين في الشرق الأوسط مثل إيران وروسيا وإسرائيل، من أجل شن حرب «عالمية ثالثة» ربما، في الخليج العربي، مسترسلاً في السيناريو إلى ما بعد الحرب ومآلات تقسيم الكعكة الخليجية على المنتصرين كما حدث وفقاً لـ «سايكس بيكو». وأشار في خاتمة مقاله بصيغ مكررة اعتادت دول الخليج العربي في عصور مضت على سماعها بشأن تهمة شراء الأسلحة البالية وتكدسها في المخازن، وأنها لا تفي بأغراض الحروب الحقيقية إذا ما وقعت حرب -لا سمح الله- مدعياً أن كل صفقات الأسلحة الخليجية الحالية ما هي إلا شراء «موديلات قديمة» من السلاح!

ومن حيث انتهى الكاتب نقف على ما تحدث عنه بشأن الأسلحة فهو قول منافي للحقيقة، وقد حظيت دول الخليج العربي بأحدث أنواع السلاح من دول مختلفة حتى أصبحت القوة الشرائية الخليجية في مجال الأسلحة دافعاً لتنافس صانعي السلاح في العالم بعرض أجود ما لديهم للخليجيين. أما مسألة انطلاق الحرب من خلال ميليشيات آسيوية عاملة في الخليج، فلا يبدو لي رأياً صائباً بما يكفي، فهؤلاء عمال ومهنيون بسطاء يبحثون عن لقمة عيشهم ولو كانوا مؤهلين تأهيلاً عالياً لوجدوا الفرص في بلادهم، وهم ليسوا نخبويين أو قوات خاصة، ولا مقاتلي شوارع، بل عمّال بسطاء. الفرضيات التي أوردها الكاتب غير عقلانية، إذ إن حرب كهذه إن كانت مبيتة استراتيجياً تحتاج إلى تحضير مسبق بسنوات طويلة ولا أعتقد أن ثمة تحضير مماثل متواجد حالياً، أما إن كانت نتيجة ردة فعل آنية لحدث ما فلا يمكن إبدال هؤلاء العمال البسطاء بمقاتلين في فترة بسيطة لإتمام المهمة.

* اختلاج النبض:

يعتقد بعض الكتاب أن الخليجيين قابلون للابتزاز، فيضخمون محاذير من الجاليات الموجودة بيننا وسوء شرائنا للسلاح، بينما يكمن الخطر الحقيقي في طرح هؤلاء لزعزعة أمن الخليج أو التشكيك في مقومات أمنه، بما يشرع الأبواب لمبتزين جدد.