أجواء إبداعية هادئة يكسر جمود صمتها ألحان موسيقية تبعث على الاسترخاء، وما بين الصمت والألحان ثمة إيقاع مختلف استشعرته بينما أنا أتنقل في كواليس المنافسة حامية الوطيس لجائزة الخليج العربي للروائيين الشباب، رغم أنف الهدوء صدح صوت الحماس، أصغيت ملياً لصخب الأفكار المتدافعة في عقول الروائيين الشباب، أفكار متآلفة، وأخرى متضادة وأخرى في حالة صراع.. مزيج من التناقضات لمستها من خلال التعبيرات على وجوه المشاركين في زخم انفعالاتهم بينما هم يغوصون إلى أعماق الروايات، الروايات التي يكتبونها. لكل منهم قصته، ربما تعكس خبرة وتجربة، أو ملاحظة أو نظرة أو رؤية تجاه أمر ما، لكل منهم قضيته وشخوصه المستوحاة من الواقع حيناً ومن الخيال حيناً آخر، ورغم صمتهم الطويل إلاَّ أن أحاديث مثيرة كانوا يتبادلونها سراً بينهم وبين شخوصهم، أحاديث عميقة جداً.

كنت واحدة من البكائيين على القراءة في مجتمعاتنا، بعدما تيقنّت كغيري أن أمة اقرأ لا تقرأ، ولكن خوض غمار التحدي في تلك الجائزة وفي ظل الشروط القاسية التي قبل بها المشاركون تكشف أن القراءة مازالت بخير في خليجنا العربي، وربما نشهد مرحلة صحوة القراءة من جديد خليجياً، فلولا القراءة بما تشكله من حصيلة لغوية ومسارات فكرية منتظمة في العقول لما تمكن هؤلاء من تأليف رواياتهم الخاصة، بعدما أهدت «الوطن» جوازات العبور للمقبلين على حياة الأدب، لتضيف إلى إنجازاتها إنجازاً جديداً يؤكد أن «الوطن» لم تكن مؤسسة إعلامية وحسب، بل كانت منذ انطلاقتها مؤسسة ثقافية بالمقام الأول، آخذة على عاتقها تأسيس «نادي الوطن للإعلام» من بين كافة المؤسسات الإعلامية في المملكة، فضلاً عن جائزة الروائيين الشباب التي بدأت في إطار محلي وسرعان ما تحولت في نسختها الثانية إلى الخليج العربي، لنجد أنفسنا بشكل أو بآخر أمام تجربة «بوكر خليجي» مميزة، انطلاقتها مملكة البحرين. ومن مصدر موثوق أزف إليكم بشرى إقبال الوطن على تأسيس مشاريعها الثقافية الخاصة، فالمستقبل يحمل مع الوطن الكثير من المفاجآت والمبادرات الجديرة بالمتابعة والترقب، ما يجعل الانتماء لمؤسسة الوطن أمراً مثيراً للفخر.

ولأن الكتابة تحفز على التفكير والإبداع، فقد قادت «الوطن» تحديها الخاص في التأسيس لنهضة ثقافية إبداعية، تستعيد الريادة الثقافية البحرينية وتصدرها للخليج العربي وربما لنطاق أوسع في المستقبل. لا سيما عندما نكتشف كيف أسهمت الجائزة في نسختها الأولى بدفع المشاركين فيها نحو العطاء، حتى أولئك الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز، فقد قدم بعضهم مجموعة من الإسهامات الروائية خلال عام واحد، وأكرر «مجموعة» من الإسهامات. كان دافعهم الثقة التي منحتهم إياها «الوطن» ليفصحوا لأنفسهم عن مدى قدراتهم أو ليكتشفوها في مواجهة حقيقية مع الذات قبل أن تكون مع بقية المنافسين.

* اختلاج النبض:

الشباب دينامو المجتمعات ورعايتهم تكفل نهضة المجتمعات ورقيها وقد برهنت «الوطن» أنها الوطن الفاعل قائد النهضة.. وحريّ بي أن أبارك لسمو الشيخ خالد بن حمد اهتمامه وعنايته بالتنمية الثقافية للشباب، كما أزف التهاني للصديق المثابر يوسف البنخليل، بوركت مساعيك.