كثافة الهجوم الصاروخي الإيراني على المملكة العربية السعودية قبل ليلتين دليل واضح على أن إيران تشعر أن قدرتها التفاوضية في أضعف حالتها وأن هناك تجمعاً للخصوم غير مسبوق ضدها، هذا مؤشر إرباك وارتباك، دفعها إلى استخدام العديد من أوراقها دفعة واحدة وهذه ليست الطريقة الإيرانية المعهودة، فإيران اعتادت أن تتروى في عدائها وتمهد الأرضية قبل أن تطأها وتستخدم اللغتين لغة الحرب من قبل حراس ثورتها ولغة الدبلوماسية من قبل وزير خارجيتها، ثم تزحف زحفاً ناحية هدفها حتى لو استغرق سنوات.

مهاجمة المملكة العربية السعودية هجوماً مباشراً وهي تزحف له منذ سنوات حاصرتها بكماشة من الشمال والجنوب وتعمل على إنهاكها واستنزافها، وتعمل بهدوء وتروٍّ وبطءٍ لتحقيق أهدافها دون أن تضطر إلى أن تظهر هي في الصورة.

إرسال سبعة صواريخ إيرانية الصنع إلى العاصمة الرياض مؤشر على أن الوقت يداهمها ولا وقت لديها للعب المعتاد، فلم تبالِ بافتضاح أمرها ولم تبالِ بردة الفعل الدولية على جريمتها.

بالمقابل حدثت هذه الهجمة وولي العهد السعودي كان في زيارة هامة للولايات المتحدة الأمريكية، وله فيها جدول زمني وارتباطات ومواعيد، فلم يقطع الزيارة ولم يتغير جدولها واستقبل وودع وزار والتقى بأهم المفاتيح الدولية دون ن تؤثر تلك الحركة الإيرانية الغبية بهدوء القرار السعودي.

إيران اليوم تفقد صبرها وتعرف أن قدرتها التفاوضية ضعيفة فالولايات المتحدة الأمريكية تحالفت بالكامل مع المملكة العربية السعودية وأوروبا انضمت لهما مما يجعلها محاصرة لا تملك إلا اللجوء لروسيا، وروسيا الآن تواجه دولياً لأول مرة بضغط أمريكي أوروبي كومنولثي بسبب أزمة الجاسوس، هناك ارتداد إذاً على المحور الروسي الإيراني يضاف إلى الخلاف البيني الإيراني الروسي في سوريا يجعل من روسيا في واد وإيران في واد آخر.

إيران أرادت إيصال رسالة قبل أن تتفاوض رغماً عنها أنه مازال لديّ الكثير في جعبتي وبإمكاني أن أربك الموقف إذا شئت، وأرادت أن تربك معها المملكة العربية السعودية، وتختار هي التوقيت الذي تفرضه عليها، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً ميدانياً وسياسياً.

فلا الصواريخ أصابت هدفاً عدا مقيم مصري رحمة الله عليه وقع جزء من الصاروخ على منزله ونحتسبه شهيداً بإذن الله، عدا ذلك فلم تكن صواريخهم سوى مفرقعات صوتية، هذا هو الأثر الميدانين أما الأثر السياسي فقد ثبت للعالم صحة موقف التحالف العربي، وثبت للعالم ضلوع إيران وأنها حرب بالإنابة يقوم بها خادمهم الحوثي نيابة عن وليه الفقيه، كما هو حال بقية طاقم الخدم في الدول العربية بدءاً من البحرين ومروراً بالسعودية والكويت والعراق وسوريا ولبنان، كلهم لا يزيدون عن خرفان تذبح قرابين للولي الفقيه.

بإطلاقها سبعة صواريخ دفعة واحدة يبدو أن إيران مقدمة على «بيع» الحوثي في المفاوضات القادمة وغلق دكانه فأوعزت إليه بتصفية البضاعة التي لديه قبل الغلق!!