دوما - (أ ف ب): تستعد دفعة جديدة من المدنيين والمقاتلين لإجلائهم الجمعة من جنوب الغوطة الشرقية، في وقت أعلنت روسيا التوصل لاتفاق مع جيش الإسلام لإخلاء مدينة دوما، من شأنه أن يسرع أحكام قوات النظام سيطرتها بالكامل على هذه المنطقة.

لكن جيش الإسلام الذي يسيطر على دوما نفى التوصل إلى أي اتفاق لإجلاء مقاتليه من المدينة، مؤكداً أن "رفض التهجير" مطلب رئيس في المفاوضات المستمرة مع الجانب الروسي.

وتشكل خسارة الغوطة الشرقية حيث كان يعيش نحو 400 ألف شخص ضربة موجعة للفصائل المعارضة تعد الأكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية عام 2016.



وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين تم بموجبهما إجلاء أكثر من 36 ألف شخص إلى منطقة أدلب شمال غرب البلاد، بعدما باتت تسيطر على اكثر من 90 % من مساحة هذه المنطقة قرب دمشق.

ودخلت الجمعة لليوم السابع على التوالي حافلات إلى مدينة عربين في جنوب الغوطة الشرقية لاستكمال عملية الإجلاء من عربين وزملكا وعين ترما، بالإضافة الى حي جوبر الدمشقي.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا الجمعة بـ "تجهيز 75 حافلة تقل 3614 شخصاً" بينهم 999 مسلحاً لنقلهم إلى إدلب.

وبموجب الاتفاق، جرى منذ السبت إجلاء 31890 شخصاً على 6 دفعات إلى إدلب، وفق إجمالي الإحصاءات اليومية التي تنشرها وكالة سانا تباعاً.

كما تم إجلاء أكثر من 4600 شخص من مدينة حرستا الأسبوع الماضي.

ومنذ أسبوع، تدخل الحافلات تدريجياً إلى مدينة عربين حيث يتجمع السكان يومياً مع أطفالهم وحقائبهم، وتقلهم إلى نقطة التجمع الأولى في حرستا. وبعد انتظار داخل الحافلات يمتد حتى منتصف الليل، تنطلق القافلة نحو الشمال السوري في رحلة تتطلب 12 ساعة على الأقل.

وتمهد عمليات الإجلاء هذه الطريق أمام القوات الحكومية لاستكمال انتشارها في الغوطة الشرقية حيث باتت تسيطر على أكثر من 90 % منها، إثر هجوم عنيف بدأته 18 فبراير.

وتتزامن عمليات الإجلاء مع مفاوضات بين روسيا وجيش الإسلام بشأن مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية.

وأعلن المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي خلال مؤتمر صحافي الجمعة "التوصل إلى اتفاق مع قادة الفصائل المسلحة غير الشرعية لخروج مقاتلين وأفراد عائلاتهم من مدينة دوما في مستقبل قريب".

وإثر الإعلان، أكد الناطق العسكري باسم جيش الإسلام حمزة بيرقدار أن "المفاوضات جارية للبقاء في المنطقة.. ولم نصل لاتفاق بعد".

وأضاف "نرفض الخروج والتهجير جملة وتفصيلاً" موضحاً أن "هذا مطلب أساسي في المفاوضات".

وأوردت وكالة سانا من جهتها معلومات "عن قرب التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج إرهابيي جيش الإسلام من دوما".

ومنذ بدء المفاوضات مع روسيا، يكرر قياديو جيش الإسلام رفضهم أي حل يتضمن إجلاءهم من معقلهم في دوما إلى أي منطقة أخرى.

ويقول المحلل في الشأن السوري توما بييريه إن "المشكلة مع جيش الإسلام أن عديده كبير، وهو متماسك ومنظم للغاية، لكن الأمور لا تسير على ما يرام مع بقية" الفصائل.

وتشهد المدينة حيث يقيم نحو 200 ألف شخص وفق تقديرات للمجلس المحلي، تدفق نازحين منها بشكل يومي عبر معبر الوافدين إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم إلى مراكز إيواء في ريف دمشق.

وقال محمد "39 عاماً" أحد سكان المدينة "نأمل أن يتم التوصل إلى حل بين الجهتين. جيش الإسلام هنا ويجب أن يحل وضع المدنيين ونحن متفائلون". وأضاف "لا أتخوف شخصياً من البقاء ومع خيار المصالحة وليس ضدها. إذا خيروني بين البقاء أم الخروج، سأبقى. لم أبق سبع سنوات هنا حتى أخرج".

وتقدر دمشق خروج 143 ألف شخص من الغوطة الشرقية حتى الآن، منذ 28 فبراير. ويتوزع هؤلاء بين السكان الذين خرجوا عبر الممرات الإنسانية إلى مراكز الإيواء بالإضافة إلى من تم إجلاؤهم إلى مناطق الشمال السوري.

وقدر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إجلاء نحو 11 ألف مقاتل من الغوطة الشرقية.

وأعلن أنه بحلول الأحد أو الإثنين "سنبدأ باعادة السكان إلى منازلهم في الغوطة الشرقية ليستعيدوا حياة طبيعية" في إشارة إلى أولئك الموجودين في مراكز الإيواء المكتظة في ريف دمشق.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اثر استقباله مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس أنه "نتيجة لعملية مكافحة الإرهاب التي تشارف على الانتهاء في الغوطة الشرقية، فهذه الضاحية للعاصمة السورية تم تنظيفها بشكل شبه تام من عناصر إرهابية ومتطرفين".

ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها تعد أحدى بوابات دمشق، وشكل وجود الفصائل المعارضة فيها تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لسقوط قذائف اوقع عشرات القتلى.

وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب نهاية عام 2016.