* الرئيس الفرنسي الأسبق أمام القضاء بتهم فساد كشفها التنصت على الهاتف

باريس - لوركا خيزران، وكالات

كشفت وسائل إعلام فرنسية عن تفاصيل جديدة حول قضية الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي المتهم بقضايا فساد على خلفية تلقيه أموالاً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.



ونقلت الوسائل الفرنسية عن السفير مفتاح ميسوري المترجم السابق للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قوله إن "رجل الأعمال اللبناني زياد تقي الدين هو من حمل حقائب المال بنفسه إلى ساركوزي".

وأضاف المترجم، أنه في "مارس 2011 سألت صحافية فرنسية معمر القذافي: هل مولت الحملة الانتخابية لمرشح الرئاسة نيكولا ساركوزي فقال: نعم.. وسألته: كم دفعت، قال: لا أدري، سأخبرك غداً".

وتابع: "قالت الصحافية، إنها غداً ستسافر، فطلب منها القذافي أن تترك رقمها وبريدها الإلكتروني للمترجم، وأضاف: معالي البروفيسور، أي المترجم، سيخبرك".

وكانت الشرطة الفرنسية أوقفت احترازياً في وقت سابق من مارس الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي في إطار التحقيق حول شبهات بتمويل ليبي لحملته الانتخابية في عام 2007، فيما قال المحلل السياسي أليكس لاغاتا لـ"الوطن" حينها إن "انعكاسات هذه القضية ستكون كبيرة على الساحة السياسية بفرنسا لما ستحمله ربما من فضائح لطريقة عمل بعض السياسيين".

وقال المترجم، بحسب ما نقلت الصحف الفرنسية "كان عند القذافي حوار مع صحافي برتغالي، وعندما سأله عن الأموال التي قدمها لحملة ساركوزي، أجابه بأنه دفع 20 مليون دولار، وطلب مني أن أبلغ الصحافية الفرنسية بالرقم وقال لي إنه استفسر من الشؤون المالية، والأكثر من ذلك أن معمر القذافي بنفسه صرح وابنه سيف الإسلام وعبر التلفزيون أكثر من مرة بذلك قبل مقتله، ناهيك عمّا كشف عنه زياد تقي الدين الذي حمل بنفسه حقائب الأموال إلى ساركوزي".

وأوضح المترجم أن النيابة الفرنسية اتصلت به عام 2013 وطرحت عليه أسئلة خاصة بتلقي ساركوزي للأموال، فأجابها بالحقيقة، وقال: "شهدت بالحقيقة.. شهدت على الأموال التي دفعتها ليبيا إلى فرنسا فقط، باعتبار أنني كنت أترجم وحضرت كل الاجتماعات الخاصة بفرنسا، وأتذكر أنه فيما يتعلق بدعم الحملة الانتخابية لساركوزي اقترحت السلطات الليبية على القذافي وقتها تمويله بـ50 مليون يورو، ولكنه اكتفى بـ20 مليوناً فقط".

وظهرت المزاعم ضد ساركوزي أول مرة في مارس 2011 عندما كان القادة الفرنسيون يدفعون باتجاه التدخل العسكري في ليبيا الذي أدى إلى الإطاحة بالقذافي.

ويتم التحقيق منذ أبريل 2013 حول اتهامات بأن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قام بتمويل الحملة الانتخابية لساركوزي في 2007. وتقدم بالاتهامات رجل الاعمال الفرنسي من أصل لبناني زياد تقي الدين ومسؤولون ليبيون سابقون، بينما أنكر مسؤولون آخرون ذلك. ونفى ساركوزي ذلك باستمرار.

واعتبر المترجم أن سجن القضاء الفرنسي لساركوزي، جاء بسبب حصوله على أموال القذافي، وأضاف "ما يهم الليبيين أن يحاسب القضاء الفرنسي ساركوزي، على اعتدائه على دولة ذات سيادة وقصف الجيش الليبي والمدنيين قبل قرار مجلس الأمن وتجاوزه وخرقه لنص وروح قرار مجلس الأمن الخاص بفرض الحظر الجوي على ليبيا عام 2011".

وكان المحلل السياسي لاغاتا قال لـ"الوطن" إن "المبلغ المزعوم حول حجم الأموال التي انفقها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بحسب شهود من النظام الليبي السابق يصل إلى 50 مليون يورو"، إلا أن رجل الأعمال اللبناني زياد تقي الدين الذي حضر اجتماعات لساركوزي مع القذافي قال في وقت سابق إن المبالغ أكبر من ذلك بكثير.

وبحسب تصريحات لبعض رجال النظام الليبي السابق التي نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية قبل أشهر فإن "تمويل حملات انتخابية في بلدان أخرى تقوم به دول كثيرة، وليست ليبيا فقط، لكسب نفوذ الفائزين المحتملين".

واعتقلت الشرطة البريطانية مطلع العام الحالي رجل الأعمال الفرنسي ألكسندر الجوهري بمطار هيثرو بلندن في إطار التحقيق حول احتمال وجود تمويل ليبي للحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في عام 2007.

وينفي ساركوزي الاتهامات الموجّهة إليه بتلقّي أموال ليبية. بيد أن أحد أقرب مساعدي سيف الإسلام القذافي، الذي كان أحد شهود عمليات جرت خلف أبوب مغلقة، أشار في تصريحات قبلا إلى أن تمويل بلاده للحملة الرئاسية في فرنسا، تم عبر رجال أعمال مقربين من ساركوزي، وأن هذا الأخير، الذي كان لايزال وزيراً للداخلية في بلاده، تعهد وقتها بتطوير العلاقات الثنائية مع ليبيا والعمل في أفريقيا وإسقاط التهم عن المدانين الليبيين الأربعة في قضية تفجير طائرة "يو تي إيه" الفرنسية، في حال دخوله قصر الإليزيه.

وسيمثل ساركوزي ومحاميه تييري هيرزوغ والقاضي السابق جيلبير ازيبرت أمام القضاء في قضية فساد واستغلال النفوذ كشفتها عمليات التنصت على الاتصالات الهاتفية كما قالت مصادر قريبة من الملف.

وقالت المصادر التي أكدت معلومات لصحيفة "لوموند" إن الثلاثة سيمثلون أمام القضاء بتهمة "الفساد" و"استغلال النفوذ". وهيرزوغ وازيبرت متهمان بـ"انتهاك السرية المهنية". ووقع قضاة التحقيق الأمر القضائي في 26 مارس.

وفي القضية يتهم ساركوزي بأنه حاول الحصول في 2014 من خلال محاميه على معلومات سرية من ازيبرت الذي كان في حينها أحد كبار القضاة في محكمة النقض في إجراء لطلب استعادة كتيب جدول أعماله الذي ضبط في إطار قضية استغلال ضعف المليارديرة ليليان بيتانكور أفضت إلى رد الدعوى.

ووراء القضية، التنصت على الاتصالات الهاتفية للرئيس السابق في ملف آخر يتعلق باتهامات تمويل ليبي لحملته في 2007 أدت إلى اتهامه الأسبوع الماضي.

واكتشف المحققون بهذه المناسبة أن ساركوزي ومحاميه كانا يتواصلان عبر أرقام هواتف جوالة حصلا عليها بهويات مزورة.

في هذه القضية طلب ساركوزي عبثاً باستبعاد إحدى قاضيتي التحقيق كلير تيبو لانتمائها إلى نقابة القضاة المصنفة يسارية وإلغاء عمليات التنصت. وكانت محكمة النقض صادقت على عمليات التنصت في مارس 2016 بعد معركة قضائية طويلة.

ومطلع 2017 مثل ساركوزي أمام المحكمة لتمويل حملته الانتخابية في 2012 بصورة غير مشروعة مع 13 آخرين.

وتولى ساركوزي رئاسة فرنسا من 2007 وحتى 2012 لكن خسر الانتخابات أمام فرانسوا هولاند عندما سعى لإعادة انتخابه. ومنذ ذلك الحين يواجه سلسلة من التحقيقات تتعلق بارتكاب جرائم مزعومة تتعلق بالفساد والاحتيال والمحسوبية ومخالفات في تمويل حملته الانتخابية. وكان محامو ساركوزي قالوا في وقت سابق إن القضاة الذين يحققون في التمويل الليبي تجاوزوا صلاحياتهم بالتنصت على محادثاته في الفترة بين سبتمبر 2013 ومارس 2014 منتهكين بذلك نطاق سرية الاتصال بين المحامي وموكله.