قبل أن يحلو لقلمي كتابة مشاعر الأيام كما اعتاد دائماً، قابلني أحد قراء هذه الزاوية المتواضعة، فسألني: كم تستغرق من الوقت في كتابة مقالك؟ فأجبته بلا تردد.. الوقت الذي تتحدث فيه مشاعري عن تجربة الأيام.. فإنما حروفي تحاكي من أحبهم في ميدان الحياة.. بل تحاكي نفسي التي باتت تتأمل واقعها في دنيا خاطفة، تخطف من أمامك الأحبة بلا استئذان.. لذا كانت تجربة منتدى الخيرية الملكية «إبداع إنساني» مليئة بالوقفات الحياتية الجميلة التي قررت حينها أن تكون على حلقتين.. فهي المشاعر التي تولد من جديد في كل نفس تتنفسه في الحياة.. ترتبط بمواقف شتى.. لها أكبر الأثر في حياتك..

مشاركة الشيخ عبدالعزيز النعيمي الملقب بالشيخ الأخضر والإعلامي فهد هيكل من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في منتدى الخيرية الملكية أضاف بلسماً شافياً للعديد من النفوس المتعطشة للسعادة والسكينة والتغيير الإيجابي.. فقد حملا معهما شعار إسعاد البشر من خلال ومضات التسامح والعطاء وتقديم الخير للآخرين.. وكانت كلماتهم المعبرة في المنتدى، ثم في ورشتيهما الرائعتين محط إعجاب كل من حضر.. قد نستصغر أحياناً بعض الأفكار الصغيرة، أو بعض اللقاءات الخاطفة التي نظن أنها مجرد لقاءات عابرة، وأحاديث عادية متشابهة إلى حد كبير مع أحاديث الحياة.. ولكنها في الوقت ذاته أداة فاعلة أثارت شجون الحاضرين، وألهبت حماسهم حباً للعطاء والتغيير والسعادة المرجوة.. هكذا هي الحياة تمنحك أروع الفرص لتقدم المزيد في بحور العطاء شوقاً إلى جنة خالدة..

عندما قررنا استضافة الكاتب الرائع الأستاذ نجيب الزامل من المملكة العربية السعودية، ليشاركنا النجاح في منتدى الإنسانية، لم نكن نعلم بأريحيته وظله الخفيف.. بل ضرب أروع الأمثلة في الوفاء بوعده على الرغم من ظرفه القاهر الذي أجبره على التأخر.. ولربما الاعتذار.. بسبب وعكة صحية ألمت بوالدته.. ولكنه لبى الدعوة وقدم كلمة رائعة من قلب يحب الخير.. والجميل في الأمر وبالرغم من الساعات القليلة التي أمضاها معنا.. كتب مشاعره بعد المنتدى قائلاً: «أقيم في المنامة واحد من أفضل المنتديات التطوعية التي شاركت بها تنسيقاً وأداء، وبنوعية الفكر المطروح من شخصيات مرموقة وفاعلة ومتميزة. وأعجبني رقي الحضور وجمال ووجاهة وتهذيب تفاعلهم ومداخلاتهم. لقاء أقامته وأدارته عقول بحرينية شابة بإبداع.. تعلمت ورأيت أن الإبداع شاهد بمنجزاتكم، وأعجبت جداً بالعقول البحرينية المبدعة القائمة على المؤسسة الخيرية الملكية الواسعة النفع».

مشاعر مختلطة لا تعلم ماذا تسميها، بل لا تعلم كيف أتت بعد نجاح عمل كبير شهد به القاصي والداني.. هي المشاعر الجميلة والعواطف الفياضة التي جعلتني بعد نهاية منتدى «الإلهام» -كما أسميته- أحاول أن تتقاطر الدموع من عيني لسبب وحيد.. أن جميع من عمل بجد وإخلاص في هذا المنتدى عمل من أجل أن يحظى بالقبول من رب العالمين.. ثم تلك الحكايات المؤثرة والإلهامات الساطعة التي تفنن في استعراضها «أبطال المنتدى» بقلوبهم العاشقة للخير..

قد توحي لك جميع المعطيات في وقت ما أثناء تنفيذ المشروع، أنه قد يتعذر بروزه بالصورة المطلوبة التي تشرف الجميع.. ولكن.. عمل فريق المنتدى بفاعلية فاقت التصورات، يستغل «اللحظة الآنية» للإنجاز، بل قرر أن يقبل التحدي لإنجاز المطلوب في وقت قياسي.. فقد اعتاد أن يكون الجواد المدرب على تخطي حواجز الزمان من أجل أن يكون الفوز حليفه كما اعتاد دائماً.

بعد أن ربت على كتف رفاقه مهنئهم على ذلك النجاح الباهر الذي حققه منتدى الإبداع الإنساني، أحس في قرارة نفسه أنه قد قصر في خوض تجربة جميلة مع رفاقه الذين أحبهم.. فما كان منه إلا أن أرسل إليهم هذه الكلمات: «أنتم الأبقى وإن جنحت بنا أمور الحياة بعيداً..!! فلنا في هذه الحياة ألف مد وجزر، ولنا في طبائع خلقه عجائب من غير عد وحصر.. وقد تمنحنا تقلبات الحياة مقامات ضبابية محال لها أن تستمر.. ونحن بين هذا وذاك ليس لنا إلا أن نبتهل إلى الله أمنا على أمور ديننا ودنيانا.. ومهما طال علينا الأمد فلا بد بعد الجزر من مد طويل يفيض بسعادته البحر.. تلك تماماً هي نفوس البشر التي نحيا معهم!! كنتم ومازلتم قدوة فاضلة واسماً نذكر له الفضل فيما إلنا إليه.. وأعمالكم مفخرة لكل شخص ينتمي للمؤسسة الخيرية الملكية، والدليل هذا المنتدى الراقي بجميع المقاييس». ثم جالت المشاعر بحثاً عن كلمات تعانق تلك الكلمات، فقلت: كتبت الحروف وبقيت تراوح مكانها.. لسبب بسيط أن أقدار الحياة لا تمهلك أن تكمل الفكرة.. الآن وبعد أن التقطت أنفاسي.. قلت ها قد حان الوقت للرد على تلك السطور النابعة من قلب محب للعطاء.. تتطاير الحروف في مثل هذه المواقف بحثاً عن كلمة تبث مشاعرها الحقيقية لكل محب للخير.. لم ولن تكون كغيرك من «العاديين» الذين لم يتركوا الأثر في الطريق.. بل على العادة تطل من شرفة الخير بحثاً عن تلك الأنوار التي تشتاق إليها كما عهدناك في كل حين.. لولا ظروف الزمان والمكان التي تحبسك أحياناً عن خوض غمار تجارب الخير.. يحق لي «أعتب» على محب أثره بائن على طوال المسير.. لسبب بسيط.. أن من أخاطبه يعلم علم اليقين من يكون تحديداً!! لا داعي للاعتذار في مسير النجاح.. فالأهم الانتباه لعدم إهدار أي لحظة دون أن تنجز فيها الخير الذي تعشقه.. فالفرصة لا تتكرر.. لأنها أجر.. نحتاجه قبل فوات الأوان.. نستطيع أن نتغلب على ظروف ندعي أنها قائمة بحكمة بالغة.. مادام الإخلاص متعمقاً في أفئدتنا.. فما أنا إلا عامل يجد السير نحو مرضاة ربه.. يمسك بأنامل رفاقه حتى يشاركوه الأجر.. تبقى كلمات من تعمل معهم عنوان وقفة نعايشها بين الفينة والأخرى.. وتبقى السعادة عنوان فخر لنا جميعاً مادامت أقدامنا تعرف طريق الخير.. فلنكن معاً من أجل مواصلة كتابة فصول الخير.

* ومضة أمل:

هي الحياة التي لا تمهلك كثيراً حتى تقرر ما ستفعله لاحقاً.. لذا كن على موعد مع الإنجاز والعطاء في كل نفس من أنفاس أيامك.. قبل أن تغادر ويتوقف كل شيء!!