ما تضمنه البيان الذي أصدرته أخيراً لجنة العمل بأمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن خطوة المجلس الأعلى للعمل في النظام الإيراني المتعلقة بتحديد الحد الأدنى للأجور للعمال في العام الإيراني الجديد بمليون و 114 ألف تومان يكشف حجم الخراب الداخلي ويوفر المثال الناصع على ما فعله هذا النظام بالشعب الإيراني الذي ناضل سنين طويلة كي يفلت من نظام بهلوي ويعيش كما يعيش البشر، فهذا المبلغ لا يساوي أكثر من 220 دولاراً، وهذا المبلغ وفقاً لرئيس المجلس الأعلى للجمعيات المهنية للعمال يقل كثيراً عن الأجر الذي أوصت به الجهات المعنية بدراسة الأسعار وحالة الأسر حيث عرضت على المجلس الأعلى للعمل ألا يقل الحد الأدنى عن ثلاثة ملايين و 700 ألف تومان، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور الذي حدده النظام.

لكن المشكلة ليست هنا فقط، فحسب البيان فإن هذا الحد للأجور المعلنة يغطي فقط العمال المشمولين بقوانين العمل الخاصة بالنظام، وبالعودة إلى اعتراف سابق لرئيس مجلس إدارة «المجلس الأعلى للمجالس الإسلامية» الحكومية علي بيغي وملخصه أن 93 % من العمال الإيرانيين تم التعاقد معهم خارج نطاق قانون العمل وأنهم وقعوا على أوراق بيضاء لشغل وظائف رواتبها أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور فإن هذا يعني أنهم مضطرون للرضوخ لعبودية النظام الذي يريدهم في هذه الحال اعتقاداً منه أنه سيجعلهم مشغولين به فلا يجدون إلا السكوت عما يقوم به النظام والرضوخ.

وحسب البيان نفسه فإنه بهذا يكون 13 مليون عامل وعائلاتهم والذين يبلغ عددهم، وفقا لإحصائية حكومية، حوالي 43 مليون نسمة، أي نصف سكان البلاد، في فقر وعوز ويواجهون العديد من حالات سوء المعيشة في العام الإيراني الجديد «1397» أكثر من الماضي.

البيان فند أيضاً ادعاء المجلس الأعلى للعمل للنظام أن الحد الأدنى للأجور يتناسب مع معدل التضخم، حيث تقول الحكومة الإيرانية أنه «9.6 ٪» بينما الحقيقة هي أن معدل التضخم في معظم السلع الأساسية لا يقل عن «30 إلى 40 %»، وأن المتوقع أن تكون آفاق التضخم في العام الإيراني الجديد أكثر قتامة.

هذا هو واقع العمال في إيران التي «يشد بها البعض ظهره ويعتقد أنها المخلص ومحقق الآمال المنتظر» ويروج لها على أنها المثال والنموذج الذي يجب أن يحتذى، وهذا هو واقع النظام الإيراني الذي بدل أن يوظف ثروته في الارتقاء بشعبه الذي يعاني الأمرين يصرفها في مغامرات تبعده عن جيرانه ويفقد بها ثقتهم فيه ولا تعود على شعبه إلا بالأذى والفقر والجوع ورواتب هزيلة لا تساوي رواتب أبسط العمال الوافدين في البحرين وفي سائر دول مجلس التعاون والذين ينعمون بحال أفضل بكثير من حال المواطن الإيراني المبتلى بهذا النظام.

المؤلم أكثر في هذا الموضوع هو أن البعض لا يزال يؤمن بأن النظام الإيراني هو الذي يستحق الحياة. تناقض يصعب على العقل تقبله، إذ كيف لنظام يكره الحياة ويلخصها في السماح للشعب الإيراني في التعبير عن ولائه المذهبي أن يوجد الحياة التي يأملها الآخرون؟ أوليس فاقد الشيء لا يعطيه؟ كيف لنظام يصرف كل ثروة الشعب على مغامراته فقط لكي يقال عنه ما يحب أن يسمع أن يكون مثالاً ونموذجاً؟ وكيف لمن يدعي أنه «عاقل وثوري ومعارض ومناضل» أن يؤيد نظاماً يمارس كل أنواع الظلم على شعبه حتى أوصله إلى تلك الحال التي تصفها تلك البيانات التي تصدر عن المقاومة الإيرانية التي ليس من مصلحتها نشر معلومات كاذبة أو خاطئة؟ هل من حال أردأ من هذه الحال التي صار فيها الشعب الإيراني؟