يعيش «حزب الله» اللبناني أزمة حقيقية قبل أيام من انطلاق الانتخابات البرلمانية في لبنان، المقررة في 6 مايو المقبل، مع شعور الحزب بإمكانية اختراق لوائحه الانتخابية في معاقله الرئيسة، وتجاوزه كل الخطوط الحمراء، في استحقاق يفترض أنه «ديمقراطي»، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء إلى ترهيب خصومه وتهديدهم، ثم ما لبث أن تطور الأمر إلى حد محاولة اغتيالهم والتخلص منهم. وكانت بداية التهديدات على لسان الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله عندما هدد خصومه في الاستحقاق الانتخابي قائلاً «لن نسمح بأن يمثل حلفاء «النصرة» و«داعش» أهالي بعلبك، كما لن يسمح أهالي المنطقة لمن سلّح التنظيمات الإرهابية بأن يمثلوها»، قبل أن يصف «المنافسين على الدائرة بـ««المقتاتين على مائدة السفارات»، وداعمي «النصرة» و«داعش»»، بعدما شعر الأمين العام للحزب بأن مناطق كثيرة كبيرة من المحسوبة على الحزب والتي قد تكون خزاناً شيعياً موالياً له بدأت تعرب عن استيائها واعتراضها على الخدمات التي تقدم لها من قبل نواب «حزب الله»، حتى وإن حاول أبناء الحزب الالتفاف على تلك الحقيقة وكان آخرها ما صرح به وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن، حين قال إن «أداء نواب ووزراء كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل بعلبك - الهرمل في المجلس النيابي واللجان النيابية والحكومة، يشيد به الخصوم قبل الحلفاء، وإن قيمة ما تم تنفيذه في مشاريع البنى التحتية في بعلبك - الهرمل، بلغت خلال 8 سنوات 780 مليون دولار»! ولا شك في أن بعلبك الهرمل تمثل صداعاً في رأس الحزب، حيث يعتبرها الأخير «أم المعارك الانتخابية»، وهذا ما دفع نصرالله إلى الحديث عنها أكثر من مرة بل وتأكيده على ذهابه إليها، رغم ما يمكن أن يحيق به من خطر على حياته، قائلاً «سأذهب إلى مدن وقرى بعلبك ـ الهرمل إذا وجدتُ وهناً في الإقبال على الانتخابات ودعم لائحة «الأمل والوفاء» وأنا لا أمزح، وكلامي ليس من باب التشجيع»، مؤكداً أن «دائرة بعلبك الهرمل هي من الدوائر التي سيكون لها طابع مغاير عن المعارك في الدوائر الأخرى لأنّه ما يميّز هذه الدائرة هو هويتها وتاريخها مع «حزب الله»». ولذلك لم يتردد في مصارحة أنصاره، متوقعا أن يدخل خصومه على الخط في تلك الدائرة الشائكة، خاصة وأن أهل المنطقة وجهوا انتقادات حادة لنواب حزبه بعدم الاهتمام بالمنطقة من الناحية الإنمائية والاجتماعية. ولذلك لم يتردد رئيس المركز العربي للحوار، والمرشح السابق عن المقعد الشيعي في بعلبك الهرمل، الشيخ عباس الجوهري في الرد على نصرالله قائلاً إنه «بعدما اكتشف أن كل الخطابات الإقناعية في بعلبك الهرمل فاشلة بامتياز جاؤوا ليتهموا الناس بخيارات «داعش» و«النصرة»»، مضيفاً في لهجة حادة لم يعتد عليها الحزب من الشيعة أنه «لا مكان بيننا لمن يدعم «النصرة» و«داعش»، حيث يصنف كلام نصرالله في إطار التخبط إذ إن الخطاب التعبوي التحريضي لم يعد يأتي أكله بعد اليوم، فهم ابتعدوا كثيراً عن الناس ولذلك يتخبطون، والممارسة القمعية والقهرية لا بدّ أن تتفجر يوماً في صناديق الاقتراع». ولقد كانت ضريبة تلك التصريحات كبيرة بالنسبة للشيخ الجوهري حيث بدأ «حزب الله» في اضطهاده، لإجباره على عدم الترشح في تلك الدائرة، وهو ما أدى إلى انسحابه لاحقاً، وتمثل ذلك في ضغوط قام بها «حزب الله» على الأمن اللبناني، أدت إلى توقيف الجوهري من طرف جهاز الأمن العام بعدما تبين أن بحقه مذكرة توقيف غيابية بجرم مخدرات!! وهو الأمر الذي فسره مراقبون على أنه توقيف ذو بعد سياسي وأغراض انتخابية ومرتبط بتشكيله لائحة منافسة لـ «حزب الله» في دائرة بعلبك الهرمل التي يعتبرها الحزب أحد معاقله الرئيسة ولا يجوز بأي حال السماح بأي اختراق فيها. ولم يتوقف الأمر عند التهديد بالتوقيف بل ذهب الحزب إلى أبعد من ذلك عندما حاول أنصار الحزب ومحسوبون عليه اغتيال الشيخ الجوهري في المربع الأمني لـ «حزب الله» قرب مسجد الإمام علي - حيث المربع الأمني لـ «حزب الله» - في بعلبك بالبقاع، وكان رد فعل الجوهري وقتها لافتاً عندما قال إن «رسالة «حزب الله» الداعشية وصلتنا»، في إشارة ضمنية إلى تورط الحزب في محاولة اغتياله، مشدداً على أنه «لن يتراجع عن مواقفه وهو ينتظر رصاصتين في القلب في ظل وجود القوى الشيعية المهيمنة على الطائفة والذين حولوا بعض شبابها إلى مجموعة من القتلة».

وقد تعرضت منطقة بعلبك - الهرمل لسلسلة تفجيرات واستهدفت بالصواريخ من قبل تنظيمي «النصرة» و«داعش» اللذين كانا يسيطران على القلمون الغربي والجرود الحدودية مع سوريا، ولاحقاً قاد الجيش اللبناني معركة «فجر الجرود»، والتي أفضت إلى إقصاء التنظيمات من المنطقة. ووفقاً لتقارير، فإن الشيعة في المنطقة يمثلون أغلبية، حيث تقدر أصواتهم الانتخابية بنحو 224 ألف ناخب، بينما تقدر أصوات السنّة بنحو 44 ألفاً، وأصوات المسيحيين بنحو 42 ألف ناخب.

* وقفة:

من «شيعة السفارة» إلى «شيعة «النصرة» و»داعش»».. لا يتردد نصرالله في نعت المعارضين لـ «حزب الله» من أبناء طائفته بأبشع الأوصاف وكأنه يحاول أن يواري سوءاته في دول عربية.. وما «دوما» عنا ببعيد!!