نجاح سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا ون 2018 الذي اختتمت فعالياته الأحد على حلبة البحرين الدولية موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط، يواصل تواجد مكانة مملكة البحرين عالميا ومن أبرز الدول القادرة على استقطاب الفعاليات الدولية الكبرى.

وإضافة إلى مواصلة الجهود البحرينية الجبارة على كافة المستويات لنجاح هذا الحدث الرياضي العالمي الهام في كل نسخه والتي استضافته البحرين منذ انطلاقته عام 2004 ، خرج سباق هذا العام بأفضل صورة وأحسن إدارة وتنظيم خلال فعالياته بأيامه الثلاثة والتي اتسمت بأجوائه الجميلة المليئة بالبرامج والأنشطة الترفيهية.

وأسهم الحدث الرياضي والسياحي الكبير، في تحقيق جانب مهم من جوانب الرؤية التنموية المستدامة للبحرين، وأكد إمكاناتها وقدراتها على توظيف مواردها ومقومات قوتها لجعل هذه الأرض الطيبة والشعب الكريم محط أنظار العالم، سيما أن السباق حاز اهتمام شبكات الإعلام المختلفة، والمهتمين به من عشاق السيارات ومحبي رياضة هدير المحركات في مختلف الدول، وفاق حجم ومستوى إقبال الجماهير ما هو متوقع، إذ زاد عن الـ90 ألف زائر ليبقى هؤلاء خير شهود يبثون رسالة الأمن والخير الذي تنعم به البحرين، والبرهان الساطع على نجاحها المتواصل.



ومن خلال متابعة ردود الأفعال الأولية المحلية والدولية إثر انتهاء فعاليات السباق الذي اتسم بالتشويق، بدا أن البحرين وكالعهد بها دائما وضعت صفحة مضيئة أخرى في تاريخ رياضة المحركات في العالم، وأضافت سطرا جديدا في سجل إنجازاتها التنموية والحضارية، خاصة أنه لا توجد أي جهة لم تبذل ما تستطيع لإبراز اسم البحرين عاليا ورفع رايتها شامخة، كما لم يدخر أي من أبنائها وسعا لتوفير ما يلزم لإنجاح هذه الفعالية المهمة.

ويمكن الإشارة هنا إلى بعض من المكاسب الهائلة من وراء نجاح الفورمولا ون، والتي تقدم مثالا سيفرض على الدول المنظمة اتباعه والاحتذاء به حتى لا توصف بأنها أقل من البحرين إدارة وتحضيرا واستعدادا وتنظيما وجاهزية لمثل هذه السباقات الكبرى، والتي من المؤكد ستجني المملكة عوائدها مستقبلا، وستعود بالخير على شعبها.

أول هذه المكاسب، هو نموذج الدعم الكبير والرعاية الكريمة التي أولاها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى للسباق وفعالياته، وهو دعم بلا شك ذو دلالة واضحة ومعنى مهم يحظى بتقدير واسع من جانب الجهات المنظمة لمثل هذه الفعاليات المهمة.

وكانت التوجيهات السامية لجلالة الملك المفدى، دافعاً رئيساً في هذا الجهد المبذول الذي شاركت فيه كل مؤسسات الدولة ورجالاتها في كل المواقع، واستهدفت جميعها إنجاح السباق، وقادها برؤية وحكمة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، وبإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.

ولعل برقيتا الشكر والتقدير الجوابية التي وجهها جلالة الملك المفدى إلى سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد دليلا على حجم ما بُذل من جهود مخلصة وكبيرة ساهمت في إنجاح الحدث الرياضي العالمي، وكيف كان للدعم السياسي الكبير المقدم من جلالة عاهل البلاد المفدى دوره الكبير في نجاح تنظيم وإقامة السباق، وهو ما سيؤدي بالتأكيد مستقبلا إلى مزيد من التقدم والنماء والازدهار للبحرين وأهلها.

ثاني هذه المكاسب، يتعلق بالتكاتف المجتمعي الذي أبداه كل مواطني الدولة والمقيمين فوق أرضها الطيبة بغرض إظهار البحرين في أبهى صورة لها، وهو ما دعا بعض الضيوف والفرق المشاركة إلى التأكيد بأن إقامتهم في البلاد ورغم قصرها النسبي ستبقى عالقة في أذهانهم أبد الدهر، وأنها ستكون دافعا لهم مستقبلا لتكرار زيارتهم للمملكة والإقامة بها لفترة أكبر.

وكان يمكن تلمس ملامح هذا التكاتف المجتمعي في وجوه الود والترحاب التي حملها الناس والشارع وفي جنبات المجتمع وبقية مفاصله، وعبرت بصدق عن روح التسامح والطيبة التي تسود بين أفراد المجتمع البحريني وبعضه، وكانت محل إشادة وتقدير عبَّر عنها الزائرون والوافدون من شتى بقاع الأرض، حيث حملت التقارير الصحافية والمتلفزة ومواقع التواصل التي تم الاطلاع عليها حجم التقدير والإعجاب بحفاوة الاستقبال التي قوبل بها ضيوف وزوار البحرين أينما حلوا.

ولا شك أن تكاتف أبناء المملكة الذين أُنيط بهم مسؤولية تنظيم هذا الحدث الكبير واستقبالهم ومقيميها لزوار البحرين وضيوفها خلال أيام السباق، بداية من المنافذ المختلفة للدولة وانتهاء بالحضور وسط الفعاليات الترفيهية والرياضية التي أقيمت على أرض الحلبة ومرورا بالطبع بأماكن الضيافة والمجمعات التجارية وغيرها، مثَّل تجربة مهمة لهذا الشعب الطيب الذي ستبقى حفاوة استقباله للغير ذكرى طيبة في سجل ذكريات أكثر من 90 ألف زائر للبلاد خلال 3 أيام فقط، سيما أن الجميع لم يبخل بتيسير زيارة الضيوف وتقديم يد العون والمساعدة لهم.

ولعل من المهم هنا التأكيد على هذا الاحتفاء الشعبي العارم الذي حظيت به جولة البحرين الثانية من سباقات الفورمولا1، والذي لم يقتصر على المستوى المحلي فحسب، بل العالمي أيضا، حيث احتلت جائزة البحرين قائمة الوسوم الأكثر تداولا عالميا على موقع التدوين المصغر "تويتر"، وبخاصة عقب إعلان الفائزين بالسباق، وكيف كان حجم الإثارة والتشويق الذي اتسمت به المنافسة بين السائقين.

كما أن نتائجه خالفت التوقعات التي سادت قبله، وعكست أهمية مدى ما تمثله حلبة البحرين الدولية والأجواء التي سادت فيها ومدى تأثيرها على التوقعات السائدة.

وثالث هذه المكاسب، يتعلق بالنمو المادي الملحوظ لمداخيل الحلبة وعائدات البحرين من السباق، والتي ستكون محل تقييم كبير في الفترة القادمة ليس فقط من جانب الأجهزة المعنية في البحرين والمنشآت التجارية والاقتصادية المختلفة، وإنما من جانب الدول المنظمة الأخرى للسباقات التي سترى في نجاحات المملكة من جائزتها للفورمولا ون فرصا للكسب المادي يتعين أخذها في الاعتبار، خاصة على صعيد المنافسة الرياضية والتجارية البحتة.

يشار إلى أن العوائد غير المباشرة للفورمولا ون عام 2005 قدرت بقيمة 321,3 مليون دولار، في حين بلغت العوائد المباشرة 119 مليون دولار، وزادت هذه القيم لتبلغ 390,5 مليون دولار للعوائد غير المباشرة و155 مليون دولار للعوائد المباشرة عام 2006، ثم زادت لتصل إلى 548 مليون دولار للعوائد غير المباشرة و208 ملايين دولار للعوائد المباشرة عام 2007.

وضخت الفورمولا ون عام 2012 في الاقتصاد المحلي ما يقارب من 220 مليون دولار، وهو الأمر الذي زاد بوتيرة ملحوظة أعوام 2016 و2017، ويتوقع أن يحدث هذا العام أيضا 2018، ما يؤكد أن إنشاء مشروع الحلبة كان مبادرة وفكرة خلاقة لتحويل البحرين لدولة جاذبة للاستثمارات والفعاليات الدولية الكبرى، وأن المشروع بمرافقه الحديثة والمتطورة يثبت للعالم مدى حداثة الاقتصاد الوطني وعصرنته.

والأهم هنا أن قاعدة المستفيدين من السباق وفعالياته تتسع يوما بعد يوم لتشمل الجميع بلا استثناء من مواطنين ومقيمين، فضلا عن الشركات والمؤسسات، حيث تتناول تقارير أولية نسب الإشغال الفندقي الكبيرة التي اتسمت بها الأيام الثلاثة الماضية، وكذلك حركة الرواج التجاري في المجمعات والأنشطة الخدمية الأخرى كمرافق الضيافة والمطاعم ومجمعات التسوق، وحتى سيارات الأجرة وبائعي الهدايا التذكارية وغيرهم من المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي ستستفيد من دوران السيولة الكبيرة في السوق المحلي.