* خبيرة اقتصادية لـ "الوطن": باريس تدعم السعودية تكنولوجياً من أجل الاستغناء عن النفط

* الإعلان عن تعاون ثقافي في اليوم الأول من زيارة ولي العهد السعودي إلى فرنسا

* الإليزيه: محادثات مثمرة استمرت 3 ساعات بين محمد بن سلمان وماكرون



* وثيقة استراتيجية جاهزة قبل نهاية العام تنتج عنها عقود يوقعها ماكرون في السعودية

* فرنسا تساعد السعودية في تأسيس اوركسترا وطني ودار أوبرا

* صحيفة فرنسية: محمد بن سلمان "مفتاح الشرق الأوسط"

باريس - لوركا خيزران

أثمرت القمة التي جمعت ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الاتفاق على توقيع وثيقة استراتيجية ستكون جاهزة قبل نهاية العام الحالي بحسب مصدر في الإليزية فيما أكدت الخبيرة بالشؤون الاقتصادية أوديل فرانسواز في تصريح لـ"الوطن" أن "هذه الوثيقة ستؤدي إلى توقيع اتفاقات تحدث تغييرات عميقة في العلاقة بين البلدين". وسيعقد ولي العهد السعودي جولة محادثات الثلاثاء مع الرئيس الفرنسي تنتهي باعلان مشترك. وقد التقى الاثنين رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب. وبدأ ولي العهد السعودي لقاءاته الرسمية الإثنين في باريس، حيث أُعلن عن تعاون ثقافي بين بلاده وفرنسا، وعن زيارة مرتقبة للرئيس ماكرون نهاية السنة الى الرياض لتوقيع عقود. وستستعين السعودية بالخبرات الفرنسية لإنشاء دار أوبرا وأوركسترا وطنية بموجب اتفاق تم توقيعه الاثنين، وأعلنت عنه وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها السعودي عواد العواد. وأعلنت المملكة انها ستشارك رسمياً للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي بتقديم مجموعة من الأفلام القصيرة عند افتتاح المهرجان الشهر المقبل في جنوب فرنسا.

ونقلت وسائل إعلام عن مصدر في الإليزيه قوله إن لقاء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والأمير محمد بن سلمان دام 3 ساعات.

واستضاف الرئيس ماكرون الأمير محمد بن سلمان في إطار عشاء خاص في اللوفر، وهو مكان رمزي للتراث الثقافي الفرنسي، بمناسبة إطلاق معرض دولاكروا، الرسام المعروف.

وخلال اللقاء تحدث الرئيس الفرنسي مع الأمير محمد بن سلمان عن التعاون الكامل بين البلدين في موضوع الأمن ومكافحة الإرهاب، فيما أكد ولي العهد السعودي أن المملكة سترسل وفداً إلى مؤتمر مكافحة تمويل الإرهاب الذي سينعقد في باريس في 26 ابريل الجاري.

وبحسب مصدر في الإليزيه فإن الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي سيعملان على وثيقة استراتيجية ستكون جاهزة قبل نهاية العام وتنتج عنها عقود سيذهب ماكرون لتوقيعها في السعودية قبل نهاية العام.

وكان ولي سمو العهد السعودي قد التقى الاثنين، بباريس رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب.

في سياق متصل، وقعت المملكة العربية السعودية وفرنسا اتفاقاً، على هامش زيارة ولي العهد السعودي، بموجبه تقوم فرنسا بمساعدة السعودية على تأسيس اوركسترا وطنى ودار أوبرا.

وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسين، فى تصريح لها عقب توقيع اتفاقات مع وزير الثقافة والاعلام السعودى عواد العواد: "إنه تم توقيع اتفاق مع أوبرا باريس لمساعدة السعودية على تأسيس أوركسترا وطنى ودار أوبرا".

وتسعى رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية لتطوير قطاع الثقافة في المملكة، وتأسيس مراكز حاضنة للإبداع، وتوفير منصات للمبدعين وكذلك خلق صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، والأنشطة الفنية والتشكيلية، وتحويل الثقافة إلى عنصر رئيسي للتواصل بين الناس ورافد للاقتصاد.

ومساء الاثنين، حضر ولى العهد السعودى حفلا موسيقيا بمدينة "إكس أن بروفانس" جنوب البلاد، بمناسبة اختتام مهرجان الفصح، كما تناول عشاء خاصا على شرفه مع الرئيس ماكرون فى متحف اللوفر، قلب باريس.

ويختتم ولي العهد السعودي زيارته، بحسب صحيفة "لوبوان"، بالمشاركة فى منتدى اقتصادى يضم رجال أعمال فرنسيين، قبل أن يتجه إلى إسبانيا المحطة الخامسة فى جولته.

ورأت صحيفة "لوبوان" في عددها الصادر الأحد أن قمة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمثابة لقاء يجمع بين زعيمين من الشباب كلاهما يطمح لإحداث تغييرات كبرى، معتبرة أن الأمير محمد بن سلمان بات بمثابة "مفتاح الشرق الأوسط".

وأضافت الصحيفة أن "استضافة الرئيس ماكرون للأمير الشاب الذي يعد مفتاح الشرق الأوسط، والذي يجري جولة خارجية واسعة النطاق في عدة دول غربية، تأتي مع رغبة الأمير محمد بن سلمان في إبرام صفقات لتحديث مملكته، وتحويلها لمرحلة ما بعد النفط، مدعوماً بإجراءات اتخذها تجاه حقوق النساء ومكافحة الفساد، وافتتاح قاعات للسينما".

واعتبرت الخبيرة فرانسواز في حديثها لـ"الوطن" أن "باريس ستدعم السعودية تكنولوجياً لمساعدتها على الاستغناء رويداً رويداً عن الاقتصاد المرتكز على "النفط" وبناء اقتصاد جديد يرتكز على الطاقات المتجددة".

واستحوذت المحادثات التجارية بين البلدين حيزاً كبيراً في الزيارة وسط الرغبة السياسية المشتركة لتعزيز الشراكة بين السعودية وفرنسا وفتح آفاق جديدة للتعاون.

وكانت فرنسا قالت إنها تأمل "بتعاون جديد يتمحور بشكل أقل على عقود آنية، وبشكل أكبر على الاستثمارات للمستقبل، لاسيما في المجال الرقمي والطاقة المتجددة، مع قيام رؤية مشتركة".

وعبّر قصر "الإليزيه" قبلاً عن أن الرئيس الفرنسي يرغب قبل كل شيء في إقامة علاقة تعاون جديدة مع السعودية، التي ستدخل مرحلة اقتصادية واجتماعية واعدة خاصة في إطار البرنامج التنموي الضخم "رؤية 2030" الذي تبلغ كلفته 500 مليار دولار.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية وفرنسا العام الماضي نحو 11 مليار دولار، بارتفاع بنحو 9% مقارنةً مع 2016، فيما يشترك البلدان اللذان يجتمعان في عضوية مجموعة الـ20 بأولويات اقتصادية متشابهة، وعزم على إطلاق العنان لإمكانيات المجتمع المدني باعتماد النهج القائم على التمكين، كما السعي على الاستمرار في إجراءات الإصلاحات المهمة في بلديهما.

وترى السعودية أن انفتاح اقتصادها الوطني، وهو الأكبر في المنطقة، عبر "رؤية 2030" سيوفر فرصاً استثمارية وتجارية جديدة للقطاع التجاري في فرنسا، وأن الاقتصاد السعودية بإمكانه تعزيز الاقتصاد الفرنسي، وخلق وظائف جديدة متنوعة من خلال فرص التجارة والتصدير.

وتبدي السعودي اهتماماً للاستفادة من الخبرات الفرنسية في مجال تطوير منظومة للشركات الناشئة، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة.

وبحسب السفارة الفرنسية في السعودية فإن عدد الشركات الفرنسية المصدرة والعاملة في السعودية يصل إلى 4000 شركة، فيما تعمل 100 شركة فرنسية في السعودية من خلال مكتب تمثيلي.

وكان الجانبان السعودي والفرنسي قد أطلقا في 2006 أكبر مشروع تكريري في العالم، وأول مصفاة بترولية متكاملة في السعودية بطاقة إنتاجية تصل إلى 400 ألف برميل، في مدينة الجبيل شرق السعودية. وعملت كل من أرامكو السعودية وتوتال الفرنسية لسبع سنوات على أعمال التصاميم والإنشاءات لهذا المشروع حتى احتفلت "ساتورب" بتصدير أول شحنة من منتجاتها المكررة في سبتمبر 2013.

وتعتزم أرامكو إطلاق عملاق سعودي عالمي في القطاع اللوجستي عبر شراكة تم الإعلان عنها العام الماضي بين شركتي "البحري" السعودية و"بولوري لوجيستكس" الفرنسي. وستلعب الشركة دوراً في تحقيق واحدة من أهم أهداف رؤية 2030 ورفع تصنيفها العالمي في الخدمات اللوجستية.