* قمة محمد بن سلمان وماكرون: لا لأيديولوجيا إيران.. نعم لمشروع ولي العهد السعودي

* ولي العهد السعودي: إيران لم تستثمر أموالها لرفاه شعبها بل لنشر الإرهاب

* الرئيس الفرنسي: لن نسمح بأي نشاط باليستي في اليمن يهدد أمن السعودية



* محلل سياسي لـ"الوطن": محمد بن سلمان قادر على إنعاش الشرق الأوسط سياسياً واقتصادياً

* مصادر لـ"الوطن": المحادثات تناولت أزمات سوريا واليمن والخطر النووي الإيراني ووضع لبنان

* الحريري ينشر "سيلفي" مع ولي العهد السعودي والعاهل المغربي

باريس - لوركا خيزران

تصدرت ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب إضافة إلى مجالات الثقافة والسياحة والاقتصاد القمة التي جمعت ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه الثلاثاء، إذ أكد الرئيس الفرنسي دعم بلاده المشروع الإصلاحي للأمير محمد بن سلمان وعدم السماح بتهديد إيران أمن السعودية، فيما شدد ولي العهد السعودي على أن إيران لم تستثمر أموالها لرفاه شعبها بل لنشر الإيديولوجيا.

و اختتمت زيارة ولي العهد السعودي بتوقيع 19 بروتوكول اتفاق بين شركات فرنسية وسعودية بقيمة إجمالية تزيد عن 18 مليار دولار.

وتتعلق رسائل النوايا بقطاعات صناعية مثل البتروكيميائيات ومعالجة المياه، كما تشمل السياحة والثقافة والصحة والزراعة، على ما أفاد بيان صادر عن منتدى الأعمال الفرنسي السعودي الذي يضم أرباب عمل وممثلين من الحكومتين.

ومن أبرز الاتفاقات اتفاق بين شركة توتال الفرنسية وأرامكو السعودية بقيمة حوالى 5 مليار دولار من أجل التطوير المشترك لموقع بتروكيميائي في الجبيل بشرق السعودية، حيث تملك المجموعة الفرنسية أضخم مصفاة لها في العالم.

وبين الشركات الفرنسية المعنية بالاتفاقات أيضاً مجموعات "سويز" و"فيوليا" و"شنايدر إلكتريك" و"سافران" و"أورانج" و"جي سي دوكو"، كما أعلن الصندوق الاستثماري الفرنسي السعودي "فايف كابيتال" عن أول استثمارين له مع مجموعة "ويبيديا" للإعلام والتكنولوجيا المتخصصة في الترفيه ومجموعة "سويز".

وتطرقت القمة بحسب مصادر لـ"الوطن" إلى ملفات مهمة، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، وعلى رأسها الأزمات الإقليمية في سوريا واليمن، والاتفاق النووي الإيراني، والوضع في لبنان، ومنطقة الساحل.

وشهد الأمير محمد بن سلمان، وماكرون توقيع اتفاقيتين حكوميتين بين السعودية وفرنسا، ما يرفع عدد الاتفاقيات المشتركة بين البلدين خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى 38 اتفاقية بين القطاعين العام والخاص، بقيمة إجمالية تفوق 20 مليار دولار. وجاء اللقاء في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها ولي العهد السعودي إلى فرنسا، والتي حملت في طياتها اتفاقياتٍ في مجالات الثقافة والسياحة والاقتصاد.

وقال الأمير محمد بن سلمان خلال المؤتمر الصحفي مع ماكرون في الاليزيه إن "إيران لم تستثمر الأموال لازدهار الشعب وإنما لنشر الأيديولوجيا".

وأضاف ولي العهد السعودي بخصوص نووي إيران "لا نريد تكرار اتفاق حدث عام 1938 وتسبب بحرب عالمية ثانية".

وذكر الأمير محمد بن سلمان أن "الشراكة السعودية الفرنسية مهمة للغاية، خاصة في هذا الوقت، وأن فرنسا لديها اتفاقيات تسليح مع السعودية وهذا ليس سراً".

وتابع قائلاً "هدف السعودية حسب رؤية 2030 أن تكون السعودية نقطة محورية للقارات الثلاث".

وأردف أن "السعودية لم تستغل سوى 10% من إمكانياتها. وأن الآثار التي كشفت في العلا لا تشكل سوى 5%".

وبخصوص الملف السوري قال الأمير محمد بن سلمان "مستعدون للعمل مع حلفائنا في أي عمل عسكري بسوريا إذا تطلب الأمر". مضيفاً "لا نريد أي تصعيد للوضع في المنطقة".

من جهته، قال ماكرون "لن نسمح بأي نشاط باليستي في اليمن يهدد أمن السعودية واستقرارها وسلامة شعبها".

وأضاف ماكرون "نقف مع السعودية ونتبادل المعلومات لمواجهة خطر الصواريخ الحوثية".

وقال "لا نريد تدخلاً إيرانياً في الانتخابات التي ستجري في العراق"، مضيفاً "نشترك مع السعودية في ضرورة التصدي لتوسع إيران في المنطقة".

وقال "لدينا رغبة مشتركة مع السعودية لدعم لبنان"، وأضاف "نحتاج ركائز دولية لمكافحة الإرهاب وقطع مصادر تمويله".

وأضاف الرئيس الفرنسي "قبلت دعوة نقلها ولي العهد السعودي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارة السعودية".

وقال ماكرون إن "فرنسا لديها اتفاقيات تسليح مع السعودية وهذا ليس سراً لأن أي بيع للمعدات العسكرية يتم حسب معايير تحترم القانون الدولي".

وأضاف "لا نريد أي تصعيد للوضع في المنطقة"، موضحاً أننا "سنواصل تبادل المعلومات وسنعلن خلال أيام عن قرارنا بشأن سوريا".

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أنه "يجب التركيز على العمل الإنساني في سوريا بالتعاون مع الأمم المتحدة"، مشدداً على أن "لدينا خطوطاً حمر فيما يتعلق باستخدام السلاح الكيمياوي في سوريا"، مشيراً إلى أن "الأولوية في سوريا هي محاربة داعش والتنظيمات الإرهابية".

وقال ماكرون إننا "نريد أن نستكمل الاتفاق النووي مع إيران ليشمل حظر الصواريخ"، مشيراً إلى أنه "يؤيد ما قاله الأمير محمد بن سلمان فيما يتعلق بإيران"، موضحاً أن "الاتفاق النووي مع إيران غير كامل".

وفي تصريح لـ"الوطن" قال المحلل السياسي أليكس لاغاتا إن "نتائج الزيارة كانت أكثر من مذهلة وما أعلن منها حمل الكثير من الثقافة والسياحة والاقتصاد وبعضاً من السياسة، إلا أن مضامينها تحمل الكثير من التوافق السياسي بين البلدين".

وأكد أن "النتيجة الأهم لزيارة ولي العهد السعودي لفرنسا وجولته إلى دول أخرى هو أن الأمير محمد بن سلمان أثبت نفسه بجدارة القادر على انتعاش منطقة الشرق الأوسط سياسياً واقتصادياً".

في سياق متصل، التقى الأمير محمد بن سلمان خلال الزيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان.

وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، وسبل تعزيزها، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المبذولة تجاهها.

والتقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في مقر إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس، عدداً من نواب الجمعية الوطنية الفرنسية. وفق ما أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس".

وجرى خلال الاجتماع، استعراض روابط التنسيق بين البلدين الصديقين، في عدد من المجالات المشتركة، وبحث جملة من المسائل ذات الاهتمام المتبادل.

من جهة أخرى، نشر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على موقع "تويتر" صورة له مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والعاهل المغربي الملك محمد السادس.

وقال مصدر مطلع على اللقاء أن تغريدة الحريري على تويتر أتت خلال "عشاء ودي في باريس".

وفي الشق الاقتصادي، اختتم ملتقى الرؤساء التنفيذيين السعودي الفرنسي، المقام في باريس بالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي إلى فرنسا، أعماله بتوقيع 20 مذكرة تفاهم بين الشركات بقيمة أكثر من 18 مليار دولار، أهمها اتفاقيتان في قطاع الطاقة بين "أرامكو" و"توتال" الفرنسية، الأولى بقيمة 7.2 مليار دولار لإنشاء مجمع بتروكيماويات عالمي جديد بالشراكة مع "ساتورب"، والأخرى اتفاقية تجارية بقيمة 3 مليارات دولار.

وفي قطاع الطيران، تم توقيع اتفاقية بين "فلاي ناس" السعودية و"جنرال إلكتريك-سافران"، لإنشاء مشروع تعاون مشترك بين "جنرال إلكتريك-السعودية" و"سافران" الفرنسية لصناعة محركات الطائرات بقيمة 5.5 مليار دولار.

وعقد الثلاثاء في باريس منتدى الأعمال السعودي الفرنسي، بحضور وزير الطاقة والصناعة السعودي خالد الفالح ووزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي، وثلة من الرؤساء التنفيذيين من الجانبين.

وقال الفالح في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية"نحن ندرك أنه مع حجم الفرص المقدمة من رؤية 2030 والإمكانات المطلوبة لتحقيقها، لا يسعنا تحقيقها لوحدنا، حتى وإن أردنا ذلك. فالشراكات القوية العالمية هي أساس التطبيق الناجح لرؤية المملكة 2030. وباعتبار موقف الشركات الفرنسية البارز في قطاعات مختلفة، نحن نرى أن من يوجد معنا اليوم، يلعب دوراً مهماً في تحقيق رؤية المملكة".

وكان الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أوضح في تصريح له أن الشركة تجمعها مع توتال شراكة استراتيجية وتعاوناً في مجالات مختلفة، حيث تنص الاتفاقية الجديدة على بناء مجمع بتروكيماوي بجانب المصفاة المشتركة التي بدأ العمل فيها في 2014، وتنتج 400 ألف برميل في اليوم من الزيت الثقيل.

وأضاف أن الاتفاقية الثانية مع "توتال" بقطاع التجزئة وبناء محطات مشتركة بين "أرامكو" و"توتال" في السعودية.

ووقعت شركة "دسر" المملوكة لأرامكو وصندوق الاستثمارات العامة وسابك، مذكرتي تفاهم مع شركتي فيولا وسويز لمعالجة مياه الصرف الصناعي.

كذلك شملت اتفاقيات أرامكو مذكرة تفاهم بين مركز إثراء التابع لها ومعهد العالم العربي في باريس بهدف تعزيز المحتوى الثقافي للمركز وتدريب الشباب.

من جهة أخرى وقعت "إثراء" مذكرة تفاهم مع مركز "بومبيدو" للتعاون في تنظيم المعارض وتطوير المتاحف. كذلك وقعت أرامكو اتفاقيتي شراء تجارية مع كل من Technip FMC وSchinder.

أما عملاق البتروكيماويات "سابك" فوقع اتفاقيتين للتعاون في مجال توطين الوظائف والتكنولوجيا مع شركتي Schinder Electric وOrange.

كما ضمت الشراكات اتفاقيات لبترورابغ وشركة الكهرباء وشركة عرمون الدولية المحدودة وشركة تطوير البيئة المحدودة وغيرها.

يذكر أن فرنسا تأتي في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث رصيد التدفقات الاستثمارية التي استقطبتها السعودية، بإجمالي استثمارات تتجاوز 15 مليار دولار موزعة على 80 شركة فرنسية عاملة في المملكة.

والاتفاقيات التي تم إبرامها في الملتقى مؤشرات عن توجه التعاون السعودي الفرنسي في المستقبل في قطاعات عدة. وتتضمن مذكرات التفاهم فرص تعاون واستثمار ثنائية في السياحة والأنشطة الثقافية والرعاية الصحية والزراعة وغيرها، بما يتواءم مع رؤية المملكة 2030 التي تدعو إلى تمكين القطاع الخاص بالإضافة إلى تنويع الاقتصاد.