عندما تقول قطر إنها ضد الإرهاب وعندما يؤكد أميرها ذلك خلال زيارته للولايات المتحدة ويقول إن «قطر وأمريكا شركاء ضد الإرهاب» فإن تناقضاً يبرز ويحتاج إلى تفسير، إذ كيف تكون قطر شريكة ضد الإرهاب وهي لاتزال غير قادرة على رد تهمة الإرهاب عنها وتمارسه ليل نهار وأمثلته قناة «الجزيرة» ونشاط «الإخوان المسلمين» وغيرها من الممارسات التي لا عنوان لها سوى الإرهاب؟

هذا التناقض يزيد من الحالة التي تعيشها قطر منذ اتخاذ الدول الأربع قرار مقاطعتها ريثما تعود إلى رشدها، فمن غير الممكن أن يكون ممارس الإرهاب والمتورط فيه شريكاً مع الآخرين ضد الإرهاب لأن هذا معناه ببساطة أنه يضحك على الآخرين ويستهزئ بهم. المطلوب من قطر أن تثبت أنها ضد الإرهاب وأن التهم الموجهة إليها غير صحيحة وأن تعلن بوضوح أنها لا تمارس الإرهاب وأنها تابت منه ولن تعود إليه، فبعد هذا يمكنها أن تقول إنها شريكة مع الولايات المتحدة ومع غيرها ضد الإرهاب. عدا هذا يعتبر ما تقوله ضحكاً على الذقون واستهزاء بالعالم وبرموزه.

قطر متهمة بممارسة فعل الإرهاب وبالتالي لا يمكن منطقاً أن تكون شريكة مع الآخرين ضده، وهذا الأمر لا يمكن نفيه بالتصريحات وإنما يحتاج إلى نفي عملي وتوفير أدلة وبراهين على أنها لا تمارسه أو أنها كانت تمارسه وأقلعت عنه وتابت وأنها تتعهد بألا تعود إليه وإلا تتحمل ما ينتج عن ذلك.

لولا أن الدول الأربع توفر لديها ما يكفي من أدلة وبراهين على أن قطر متورطة في فعل الإرهاب لما اتهمتها بهذه التهمة الكبيرة والخطيرة، ولولا أن العالم يدرك أن هذه التهمة ليست افتراء على قطر لما صدق أحد الدول الأربع ولاتخذت دول كثيرة منها موقفاً سالباً لأنها ببساطة ستكون مرتابة منها فقد توجه ذات يوم إليها اتهامات مماثلة.

اتهام قطر بممارسة الإرهاب لم يأتِ من فراغ وليس -كما تدعي وتروج- لإيجاد سبب لمقاطعتها، فالدول لا تتخذ موقفاً سالباً إلا من الدول التي تؤذيها ولا تقاطع إلا الدول التي يثبت أنها تمارس الأذى ولا تعطي أي اعتبار لأي شيء. ولأن قطر كانت كذلك ولاتزال لذا اتخذت الدول الأربع منها ذلك الموقف، ولاتزال.

لا يوجد دولة في العالم يمكن أن تقول عن نفسها إنها إرهابية أو إنها ليست ضد الإرهاب، فهذه الصفة البذيئة والتهمة الخطيرة تجعل الدول التي توصف وتتهم بها منبوذة إلا إن أثبتت بالدليل القاطع بأنها ليست كذلك وأنها لا تمارس الإرهاب وأنها تقف ضده وشريكة مع الآخرين في محاربته، وهذا يعني أن على قطر إن أرادت أن تخرج من المشكلة التي أوقعت نفسها فيها أن تثبت بأنه لا علاقة لها بالإرهاب وأن التهم الموجهة إليها في غير محلها وأنها تعمل ضد الإرهاب وضد الإرهابيين. لكن أن تستمر قطر في احتضانها للإرهابيين، ومثالهم الأوضح «الإخوان المسلمون» وقناة «الجزيرة» ورؤوس الفتنة الذين يتخذون من الدوحة موئلاً، وتريد أن يصدقها العالم بأنها ضد الإرهاب وشريكة في محاربته فهذا أمر يصعب استيعابه، فالعالم لا يمكن أن يجامل في مثل هذا الأمر، ولا يمكن أن يقتنع بأن قطر شريكة مع أمريكا أو غيرها ضد الإرهاب من دون توفير الدليل الذي لا يقبل الشك.

بعد أكثر من 9 أشهر على اتخاذ الدول الأربع قرارها ضد قطر وتوجيه هذه التهمة الكبيرة والخطيرة لها لاتزال الدوحة دون القدرة على توفير الدليل على أنها لم ولا تمارس الإرهاب، لهذا فإن من الصعب استيعاب قولها أنها شريكة مع الولايات المتحدة -أو مع غيرها- ضد الإرهاب.