كم بحرينياً يعرف تفاصيل قصة العدوان العسكري القطري على الديبل الذي يعتبر أول عدوان عسكري تقوم به قطر تجاه دولة من المفترض أن تكون شقيقة لها؟ كم بحرينياً لديه أبعاد هذه القضية وما آلت إليه الأمور، وكيف تم اختطاف العمال هناك، وكيف سعت قطر إلى وضع العراقيل والتخريب حتى الرمق الأخير؟ من يمتلك معلومات حول طريقة تعامل الحكومة البحرينية وسياسة ضبط النفس آنذاك مع هذا العدوان السافر، وكيف ضحت البحرين بالديبل لأجل ألا تتسبب هذه القضية في شق صف الوحدة الخليجية؟

كم بحرينياً يستوعب حجم المؤامرة القطرية على مملكة البحرين وأبعادها الممتدة إلى يومنا هذا حتى يزداد يقيناً وعلماً بأن الإجراءات المتخذة تأتي لأجل مصلحته وسلامته وحفظ أمنه ومصلحة أرضه البحرين؟ بل كم خليجياً يفهم من هذه الحادثة كيف سعت قطر لانتهاك ميثاق وقرارات مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد خمس سنوات من إنشائه عام 1981 وتهديد الأمن الخليجي؟

كثير من البحرينيين و»شخصياً أنا منهم» ليس لدينا معرفة تامة أو فكرة شاملة عن العدوان القطري على الديبل سوى أن هناك اعتداء وقع عام 1986 وتم حل الأزمة! هذه الفكرة المبسطة التي نمتلكها، فما بالنا بأشقائنا في دول الخليج العربي والوطن العربي ككل؟ من هنا تكمن الحاجة إلى توثيق مثل هذه الاعتداءات السافرة التي مست سيادة البحرين وهددت أمنها، والتي تعكس سياسة بعض الدول المعادية لنا وتاريخنا البحريني الحافل في الحفاظ على الأمن والاستقرار، عبر كتب وأفلام وثائقية ومواد مرئية يتم إنتاجها قابلة للتداول والنشر، لإطلاع الرأي العام المحلي والإقليمي وحتى الدولي على أسباب قطع العلاقات مع قطر وأبعاد الأزمة القطرية الحقيقية الحاصلة، فالمواطن حتى يكون أكثر دعماً لكافة الإجراءات المتخذة ضد نظام قطر الداعم للإرهاب عليه أن يكون بالصورة، وحتى يكون بالصورة عليه أن يفهم تاريخ العداء القطري للبحرين بتفاصيله وتواريخه.

دشن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة مؤخراً، كتاب العدوان القطري على الديبل عام 1986، تزامناً مع ذكرى مرور 32 عاماً على العدوان العسكري الجائر الذي قامت به قطر في 26 أبريل عام 1986، حيث أكد رئيس مجلس أمناء مركز دراسات د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن الكتاب وثيقة تاريخية وشهادة أمينة يتناول من خلال السرد والوثائق والصور تفاصيل أحداث العدوان القطري المسلح على الديبل، مثل هذا الكتاب المزود بالكثير من الصور والوثائق يعتبر مستنداً بالغ الأهمية أمام الحملات الإعلامية المضللة التي يقوم بها إعلام تنظيم الحمدين في قطر وتزوير الوقائع، وأمام الحملة الإعلامية المفبركة الأخيرة التي أطلقوها مؤخراً، زعماً أن قيادة مملكة البحرين حاولت زعزعة أمن واستقرار قطر والقيام بمحاولة انقلابية وتفجيرات.

هذا الكتاب التوثيقي جاء في وقته، أمام حملتهم الإعلامية المضللة، وفيلمهم الوثائقي الهزيل والضعيف بالإخراج والمتناقض في معلوماته التي تستهدف قيادة البحرين وقيادات السعودية والإمارات، مع تمنياتنا أن يكون تدشين هذا الكتاب بداية انطلاق لعدد متواصل من الكتب والأفلام التوثيقية الأخرى التي توضح الحقائق وتكون بمثابة المستندات التاريخية التي تفند ادعاءاتهم الكاذبة وتكشف زيف حملاتهم الإعلامية.

رئيس مجلس أمناء مركز دراسات د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أكد في كلمته خلال حفل التدشين، أن قطر مستمرة بالتورط في شؤون البحرين بطرق ووسائل عديدة من اعتداءات مرفوضة على السيادة، ومحاولة التأثير على النسيج الوطني، ودعم جماعات الإرهاب بالقرائن المؤكدة، و»ركزوا هنا»، مملكة البحرين قامت بقيادة جلالة الملك بإصلاحات شاملة ومكتسبات نوعية ووضعت قاعدة مفادها أن مكانة الدول لا تتحدد بناء على ثروات طبيعية أو إعلام موجه، وإنما رسخت المملكة مكانتها المتقدمة بين الأمم الحرة بمواقف ثابتة وحكيمة وإنجازات متواصلة ومبادرات كبيرة.

هذا التصريح خير رد بليغ على ادعاءاتهم وردودهم الرخيصة جداً في الإساءة إلى مملكة البحرين بشكل سطحي يستند إلى المقارنة بالثروات وأمور مادية وبحجم مسألة التفاخر بأموال الغاز القطري الذي نصفه يذهب لدعم الإرهاب حول العالم، فالدول تقاس بمواقفها وإنجازاتها التي تحققها بنفسها لا بما وهبها الله إياها من نعم!

كما من اللافت ما تفضل به رئيس مركز دراسات حينما قال: «يسرني أن يكون حفل التدشين من البحرين موطن الثقافة وموئل المعرفة، والتي قدمت ومازالت تضحيات كثيرة وغالية في مقدمتها الشهداء الأبرار، وفاء للمبادئ السامية والقيم النبيلة»، حيث كانت لفتة كريمة في تقدير تضحيات شهدائنا الأبرار من رجال الأمن البواسل والمواطنين الكرام واستحضار ذكراهم الطيبة، والذين ذهبوا رحمهم الله جراء الإرهاب الإيراني القطري التمويل في البحرين.

الممارسات القطرية تجاه أمن دول الخليج العربي بحاجة إلى توثيق اليوم وتأريخ، وأيضاً إبرازها وإظهارها كحقائق لدى الرأي العام، فالعداء القطري المسنود بالدعم من إيران وتركيا والدول الحاضنة للإرهاب لن يتوقف بالمناسبة، وما نلاحظه خلال هذه الفترة من حملات إعلامية ممنهجة تستهدف تزوير مواقف قيادات دول الخليج العربي «البحرين - السعودية - الإمارات»، حتى وصلت إلى حد المطالبة بمقاضاتهم بالمحاكم الدولية، مما يعكس مدى العداء الذي تكنه قطر المعزولة وسعيها لإلغاء التاريخ الصحيح واستبداله بتاريخها الذي تؤلفه هي حسبما تتجه بوصلتها في دعم الإرهاب، وتزوير المواقف لصالحها، وخلق صورة مثالية وهالة من الوجاهة عنها لا تمت للواقع بصلة. يحتاج من الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بالمقابل جهود مكثفة في إظهار الحقائق بالمستندات والأدلة والإثباتات، حتى تعرى ادعاءات قطر وحتى يربط الجميع بين تاريخها العدواني منذ سنوات طويلة إلى يومنا الحاضر وأسباب الإجراءات الحازمة المتخذة، وحتى لا تأخذهم بها شفقة أو تعاطف.