في مقال احتوى معلومات كثيرة عن واقع النظام الإيراني يذكر الكاتب والمحلل السياسي والخبير في الشؤون الإيرانية عبدالرحمن مهابادي أن هذا النظام قام باستغلال المشاعر الدينية للشعب الإيراني وأن أساسات تشكيله وبقائه تركزت على غزو واحتلال البلدان عن طريق نشر الحروب فيها، مبيناً أنه في البداية سلمت الكثير من بلدان المنطقة لاستراتيجية هذه القوة الجديدة التي أمسكت زمام الحكم في إيران وخضعت لها واتبعت السياسة الناعمة فيما يتعلق بمواجهتها، معتبراً هذه السياسة هي التي حفزت النظام الإيراني وجعلته أكثر جرأة، وهي التي أدت في السنوات التالية إلى مزيد من تدخل النظام في الشؤون الداخلية للدول. مهابادي قال إن المثال البارز في هذا الاتجاه هو العراق وسوريا ولبنان واليمن.. الدول أصبحت الآن حقيقة مرة في يومنا هذا.

ما ذكره مهابادي حقائق، فالنظام الإيراني الذي اختطف الثورة من الشعب الإيراني الذي قدم الكثير من الضحايا للتخلص من حكم الشاه وأملاً في حياة جديدة يشعر فيها بالحرية وبالكرامة، هذا النظام لعب على وتر المشاعر الدينية ونجح في توصيل الكثيرين إلى مرحلة الاعتقاد أن الحريات تعني فقط سهولة الذهاب إلى المآتم وممارسة الطقوس المذهبية وأن هذا تفضل من النظام ينبغي أن يشكر عليه خصوصاً وأن هذه الحريات امتدت إلى سهولة الوصول إلى العتبات المقدسة في العراق وسوريا والتي صارت تحت هيمنة النظام الإيراني.

هذا النظام الذي صار معروفاً اليوم في العالم باسم حكم الملالي بدأ أيامه بخطأين استراتيجيين، الأول هو إعلانه عن عزمه تصدير الثورة، والثاني هو العمل على غزو واحتلال العديد من البلدان بنشر الحروب فيها بغية إضعافها ومن ثم التحكم فيها وهو ما حصل بدقة في سوريا والعراق ولبنان، ويحصل حالياً في اليمن الذي لولا حجم التغلغل الإيراني فيه لما عاش كل هذا الذي يعيشه منذ ثلاث سنوات ولحسمت الأمور في وقت مبكر.

ربما باستثناء دول مجلس التعاون سلمت العديد من بلدان المنطقة للواقع الجديد الذي فرضه حكم الملالي واتبعت السياسة الناعمة في مواجهتها، وكان هذا سبباً رئيساً في توصيل هذا النظام إلى الاعتقاد أنه من القوة بحيث أن دول المنطقة صارت مضطرة للتعامل معه بالطيب وعدم الدخول في مواجهة تعرف أنها خاسرة. بمعنى أن الرسالة فهمها النظام الإيراني بشكل خاطئ فاستمر في انتهاكاته وجرأته، وللأسف فإنه نجح في السيطرة على بعض تلك البلدان، وهو ما يتبين بوضوح هذه الأيام فقد صار جزءاً من المعادلة فيها.

حتى دول مجلس التعاون التي لم تقبل بالوضع الجديد فسارعت إلى التكتل وتوقع الأسوأ تمكن النظام الإيراني من التغلغل في بعضها، وهو ما يبدو واضحاً اليوم في قطر على الأقل التي يزداد فيها النظام الإيراني تغلغلاً بل وصل حد المشاركة في اتخاذ قراراتها المهمة وصار خطراً على جيرانها.

التطورات التي حدثت بعد تمكن النظام الإيراني من اختطاف ثورة الشعب الإيراني في 1979 صبت، لتلك الأسباب ولغيرها، في صالح حكم الملالي، لكن لأن هذا الوضع الذي تعيشه المنطقة اليوم غير طبيعي لذا لا يمكن أن يستمر خصوصاً وأن هذا النظام يجر المنطقة إلى المراحل التي تجاوزها وتعتبر العودة إليها تخلفاً، فشعوب المنطقة كلها من دون استثناء وبما فيها الشعب الإيراني ترفض التخلف وتبحث عن الوسيلة التي تعينها على التعامل مع المستقبل الذي لا يمكن أن يقبل بالتفكير الضيق ومن يعتبر الحريات محصورة في ذلك الذي يعتبره النظام الإيراني من مكاسب الثورة الإيرانية وتفضلاً على الناس في إيران.

بدايات ونشوء وارتقاء النظام الإيراني البغيض صارت معروفة، ونهايته صارت معروفة أيضاً.