انعقدت قمة القدس. العرب محفوفون بالمخاطر، بدءاً بقضيتهم المركزية وليس انتهاء بمشاريع إقليمية متوحشة خدمها عرب آخرون وقد باعوا أنفسهم للشيطان.

الواقع أبعد ما يكون عن الوردية. غير أن مشروعاً عربياً تقوده السعودية بدا أمس أكثر وضوحاً، مشروعاً لركوب قطار المستقبل وحماية الدولة الوطنية العربية وسيادتها.

البحرين كانت حاضرة. لا كموقف مبدئي من قضايا العرب وهمومهم فحسب، بل كتجربة عملية صدّت واحدة من أخطر التهديدات الخارجية عبر المراهنة على عمقها العربي.

جلالة الملك المفدى، حفظه الله، عبّر في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة عن تقدير واضح لمواقف السعودية الشجاعة في صد التدخلات الخارجية ببلادنا. وأعرب عن تفاؤله الشديد بقيادة خادم الحرمين الشريفين للقمة العربية بما يعزز حضورنا الدولي ويمكننا من العمل الفاعل والبناء مع الأصدقاء والحلفاء لنكون طرفاً أصيلاً في مواجهة التحديات.

آن الأوان ليلعب العرب دوراً سياسياً يتناسب مع وزنهم البشري والجغرافي والاقتصادي. السعودية قدمت في السنوات الأخيرة نموذجاً صارخاً عما يمكن للعرب أن يفعلوه، وفرضت ثقلها واحترامها أمام المجتمع الدولي، في وقت كان آخرون يجعجعون بأيديولوجيات مظلمة وشعارات مقيمة في الماضي، لا أدوات لها سوى مزيد من القتل والخراب.

تتوضح الخيارات في منطقتنا. المشروع العربي ضرورة وجودية، إما أن نكون معه أو عليه. المشاريع الأخرى قد تخدم الجميع إلا نحن. صورها القاتمة جلية في العراق وسوريا واليمن. فهل يفهم بقية العرب الدرس ويقرؤون تجربة السعودية والبحرين والإمارات وينظرون إلى واقع حال هذه الدول السياسي والاقتصادي والتنموي؟

استبق خادم الحرمين كلمة الرئيس الفلسطيني أمس بتسمية القمة قمة القدس «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين».

للإعلان رمزيته الضرورية، وإجراءاته العملية عبر التبرع لبرنامج الأوقاف الإسلامية والانتباه لأهمية الحفاظ على قضية اللاجئين عبر حماية وجود «الأونروا». الأمر الذي قابله أبو مازن بالقول إن «السعودية لم تنقطع يوماً عن مساعدة القضية الفلسطينية».

فيما كان آخرون يكتفون بالمزايدة ويشقون «طريقهم إلى القدس» عبر الغوطة الشرقية لدمشق وصنعاء اليمن، وعلى جثث الأطفال والنساء!