خلال حفل تدشين كتاب العدوان القطري على الديبل عام 1986 الذي أصدره مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» مؤخراً، تضمن الحفل عرض فيلم وثائقي يستعرض أهم تفاصيل العدوان العسكري الجائر الذي قامت به قطر تجاه الديبل البحرينية.

الفيلم الوثائقي طرح سؤالاً هاماً للغاية في نهايته «ما الدافع وراء العدوان على الديبل؟ هل وراء العدوان العسكري على الديبل تآمر قطري إيراني؟»، كما تساءل رئيس مركز «دراسات»، د.الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة في تصريحات صحافية على هامش حفل التدشين، أنه بعد العدوان القطري على الديبل فإن هناك العديد من التساؤلات بشأن هل الدافع من وراء هذا العدوان القطري على الديبل أنه كان هناك تحالف قطري إيراني مبطن؟ هل قطر بإرادتها منفردة قامت بهذا العدوان أم كان بإيعاز إيراني؟

نعتقد أن إجابة هذه التساؤلات واضحة بالأصل لدى من يحلل ويتأمل التآمر القطري الإيراني على منطقة الخليج العربي خاصة خلال أزمة البحرين الأمنية 2011 التي مرت بنا وكشفت فيها الكثير من الأوراق الخفية، ففي الديبل البحرينية قطر الجائرة هي من قامت بالعدوان العسكري بشكل مباشر وصريح، وخلفها كان واضحاً أنه يقبع التآمر الإيراني لأجل دعم إيران في حربها خلال الحرب العراقية الإيرانية، أما في 2011 فالعصابات الإيرانية هي من قامت بالإرهاب والعدوان على البحرين، فيما كان يقبع خلفها التخطيط والتمويل القطري، فيما تولى الدعم الإيراني تدريب الخلايا الإرهابية في معسكرات إيران والعراق وسوريا ولبنان وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات.

لنتأمل هنا لتأكيد تحليلنا لكم، يقول مدير مركز دراسات البحرين بجامعة البحرين الدكتور محمد أحمد عبدالله، إن قطر في عدوانها على الديبل البحرينية قامت بتخريب منصات اللجنة العسكرية لمجلس التعاون الخليجي التي قررت إقامتها وقتها كنقاط مراقبة متقدمة في الجزر التابعة لها لرصد حركة عبور السفن في الخليج العربي وتحذيرها مقدماً من أي هجمات طيران محتملة عليها ضمن نظام إنذار مبكر لهذه الدول بسبب الاعتداءات الإيرانية على السفن المبحرة في الخليج العربي، وقد أوكل أمر إنشاء محطة لتسهيل الاتصالات في «ضحضاح» فشت الديبل لشركة بالاست نيدام الهولندية بموافقة قطر التي ساهمت أيضاً في تمويل مشروع إقامة هذه المحطة التي قامت بتدميرها وإتلاف معدات الشركة الهولندية واعتقال عمالها من الجنسيتين الهولندية والفلبينية خلال عدوانها العسكري.

عودة إلى ذاكرة التاريخ، لماذا قطر بتاريخ 26 أبريل عام 1986 بالذات سعت إلى تخريب نظام الإنذار المبكر في الديبل البحرينية الذي يكشف أي اعتداءات إيرانية على السفن المبحرة في الخليج العربي أمام قيام السفن الإيرانية باحتلالها لميناء جزيرة الفاو العراقي في فبراير 1986، أي بعد حادثة الهجوم الإيراني السافر بأقل من شهرين فقط؟ ولا نغفل أن السفن الإيرانية قامت كذلك عام 1984، أي قبلها بسنتين فقط، بتنفيذ عدة اعتداءات على السفن خلال الحرب العراقية الإيرانية منذ عام 1984 وحتى عام 1988 فيما يعرف بحرب الناقلات وعلى إثر حادثة قيام السفن الحربية الإيرانية بالاعتداء على سفن كويتية وسعودية نفطية.

كما هاجمت إيران إحدى السفن التي ترفع العلم الأمريكي في أكتوبر 1987، أي بعد عام واحد من العدوان القطري العسكري على الديبل البحرينية، وقيام القوات القطرية الجائرة بإزالة المنشآت القائمة على الديبل والمعدات التابعة للشركة الهولندية، وإغراق قاطرة سفن تابعة للشركة، حتى اضطرت البحرين لإزالة قطعة جرادة وضحال الديبل، بعد أن أخذت قطر تعرقل الوساطة السعودية لحل الأزمة الحاصلة، وأخذت تتمادى في طلباتها رغم اعتداءها السافر بطلب إزالة الدوبة الموجودة في قطعة جرادة، حيث كانت الدوبة القديمة تعمل على إرشاد السفن المبحرة في البحر. من الواضح أن قطر تآمرت مع إيران لأجل دعم مخططات إيران الإرهابية في المنطقة في تلك الفترة ومستقبلاً، أي إلى يومنا هذا، ومنع كل ما من شأنه أن يشكل قوة عسكرية بحرية تعرقل عدوانها الجائر ويرصد تحركات هجماتها في سبيل تعزيز العدوان الإيراني على السفن وناقلات النفط الخليجية والعراقية، حتى لو وصلت الأمور إلى حد إزالة قطعة جرادة وضحال الديبل من خارطة الخليج العربي!

قطر التي تتباكى اليوم بسبب قرار المقاطعة عليها وتدعي مظلومية ما تزعم أنه «حصار»، وهي من مارست الحصار بالأصل حينما قامت عام 1986 بإغلاق بعض الممرات الجوية في المنطقة وفرض الحظر الجوي والبحري على الديبل البحرينية، وسعت لإقامة جسر بري في اتجاه حوار في سبيل الوصول إليها والاستيلاء عليها كذلك، وأخذت تماطل في الانسحاب من الديبل البحرينية.

شكراً مركز «دراسات»، على هذا الإصدار الثمين جداً جداً جداً الذي يحكي قصة غدر الأخ بأخيه ويكشف مؤامرات الجارة السوء، فعدوان قطر العسكري سابقة تاريخية مؤلمة أحدثت شرخاً عميقاً في علاقات دول مجلس التعاون، وسابقة إجرامية خطيرة مست أمن الخليج العربي عام 1986، وحسبي الله ونعم الوكيل.