ليس هناك ما يثير الغرابة بشأن إعلان موسكو لدخول فريق منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية مدينة دوما السورية اليوم الأربعاء بعد مضي عشرة أيام من الجريمة التي راح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء من كيماوي نظام الأسد الجائر. كما أنه ليس ما يثير الغرابة أيضاً في إبلاغ الفريق المسؤولين الروس والسوريين أنه مازالت هناك قضايا أمنية معلقة يجب الانتهاء منها قبل الانتشار.

كلنا نعلم أن للأسد شركاء في الجريمة، والحديث عن القضايا المعلقة لا شك فيه، فمازال هناك متسعٌ من الوقت أمام الروس لتغيير مسرح الجريمة، وإخفاء الأدلة، بل ووضع أدلة أخرى تدين الثوار السوريين. كلنا نعلم ما يملكه الروس من فكر مخرب بمقدوره العمل على إفساد المناطق التي كانت مسرحاً للغاز الكيماوي السام، لنفي التهم الموجهة للأسد من قبل الأمريكان وحلفائهم.

وبينما لم نجد أي غرابة، فلعلنا نركن للضحك أكثر قبالة مسخرة إعلان نظام الأسد عن عرض 22 شاهداً من دوما للاستماع إليهم، ولا يوازي تلك المسخرة في الانتهاكات الدولية إلاَّ قضية الاتفاق النووي الإيراني التي يمنع المفتشون فيها من الدخول إلى المفاعلات الواقعة في المناطق العسكرية، حتى لا يكون أمامهم خيار سوى طرح الأسئلة ليقوم الإيرانيون بالإجابة عنها، بما يعني أن الإيرانيين يفتشون على أنفسهم..!!

تثار مؤخراً جملة من المخاوف الأمريكية من روسيا، ومازلت أتساءل، مادامت الولايات المتحدة قد أعلنت عن مخاوفها.. لماذا توافق على الإشراف الروسي على مسرح الجريمة؟ وماذا يعني أن تكون المنطقة تحت إشراف الروس إن كان مشكوكاً بأمرهم أصلاً؟!! خصوصاً وأن الروس قد عملوا على تبرئة أنفسهم بدعوة وزير خارجيتهم لنفي التهم الموجهة ضد بلاده من قبل مبعوث الولايات المتحدة لدى منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية بأن روسيا ربما أفسدت موقع هجوم كيماوي مشتبه به في مدينة دوما السورية.

من جهة أخرى، أستغرب ذلك الاستجداء المذل الذي يمارسه الأمريكيون -ومعهم الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والأمم المتحدة- تجاه نظام الأسد لكي لا يعاود استخدام الغاز الكيماوي مرة أخرى. هل بات هؤلاء يشككون في أنفسهم وفي جدوى ضربتهم الجوية؟! نكاد نجمع على أن الضربة كانت قراراً صائباً وتصب في اتجاهها الصحيح، لكن إدانة الأسد تتطلب وثائق وبراهين وأدلة. فلماذا يمنحون فرصة تخريب مسرح الجريمة لروسيا وطهران بما ينقص من العقاب المستحق.

اختلاج النبض:

كان كافياً ما تسببت به واشنطن وحلفاؤها من حالة إعياء عالمية عبر استجدائهم الأسد، ما يجعل الحل مع روسيا ليس في استجدائها هي الأخرى لكي لا تفسد مسرح الجريمة، بل في إدانتها. شريك القاتل يحرس مسرح الجريمة ولأن «حاميها حراميها»، فإنه ما لم تتم إدانة روسيا، ستستمر بمعية إيران في تزويد القاتل بالسلاح ثم مسح آثاره من مسرح الجريمة.