في عالمٍ يموج بالنزاعات والصراعات السياسية، أصبح من الضروري جداً للدول التي تنشد السلام والاستقرار والاستقلال أن تتجه نحو العمل المشترك، وبخاصة إذا كانت تلك الدول تجمعها صلات قوية منبعها التاريخ المشترك والجغرافيا والدم والمصير الواحد.

وكذلك كان قدر دول الخليج العربي التي كانت واعية لهذه الضرورة منذ الإرهاصات الأولى لاستقلالها، فعمدت إلى تشكيل مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو 1981. ومنذ البدء، كان الهدف الأكبر والصريح لتشكيل هذا المجلس هو إيجاد حالة خليجية صلبة في مواجهة الأخطار الخارجية أياً كان مصدرها.

كما أدركت دول الخليج -ومن بينها البحرين- أهمية العمل المشترك في نطاقه العربي الأشمل والأوسع من خلال الانضمام إلى جامعة الدول العربية، على اعتبار أننا نعيش في عالم لا اعتبار فيه للدول الصغيرة المنعزلة. هذه المعاني والمبادئ السامية نستلهمها من كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في كلمته التي ألقاها في اجتماع القمة العربية في دورتها العادية التاسعة والعشرين في المملكة العربية السعودية «قمة الظهران».

إن تأكيد جلالته غير ذات مرة على العمل المشترك الذي منبعه الإيمان بضرورة التكامل والالتحام بركب المشهد العربي الشامل بما يعزز من «حضورنا الدولي ويمكننا من العمل الفاعل والبنّاء مع كل الحلفاء والأصدقاء، لنكون طرفاً أصيلاً في تحديد مسار مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية وفي مقدمتها التدخلات والأطماع الخارجية، التي تتطلب المزيد من التكاتف والتعاون بما يوحد الكيان العربي ويضمن أمنه واستقراره». ولعل ما نراه ونشهده في هذا العالم من اقتتال وافتئات وحروب ونزاعات يؤكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك صحة الطريق الذي تنهجه مملكة البحرين نحو الالتحام بشقيقاتها، بما يحفظ لها وللدول العربية القدر الذي تستحق من الاحترام في محيط العلاقات الدولية وبما يمكنها من المضي قدماً في صون أمنها واستقرارها وحماية مصالحها والمحافظة على مقدراتها. الكيان المشترك يكون له صوت أعلى وقرار أقوى ومواقف ذات شكيمة في الساحة الدولية، لذلك نجد تهافت الدول الأقوى في المجتمع الدولي وحرصها على تفتيت الأقل منها قوة حتى تخرس صوتها وتضعف قرارها وتضعضع مواقفها.

ومن هنا ينبع الحرص على توحيد الموقف العربي وبلورة رسالة واضحة يوجهها للمجتمع الدولي، ويطالبه بالتجاوب معها، والقيام بواجبه كاملاً من أجل فرض وتنفيذ قراراته وأداء واجبه حيال القضايا والأزمات العربية والإقليمية، وفي صدارة تلك القضايا القضية الفلسطينية وضرورة الوصول إلى حل عادل، عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.

* سانحة:

«الأبطال لا يصنعون في صالة التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة في داخلهم، هي الإرادة والرؤية والحلم»، «محمد علي كلاي».