عندما تبث فضائية تتخذ من بيروت موئلاً خبراً عاجلاً عن اشتباك حدث على الحدود بين باكستان وإيران وتصف الإيرانيين الذي قتلوا فيه بالشهداء ثم تأتي لتقول إنه لا تربطها علاقة بالنظام الإيراني وإن ما يقال عن تمويله لها ليس إلا إشاعة فإن عاقلاً لا يمكن أن يصدقها. وعندما يتم ضبط طائرة مسيرة من نوع «قاصف 1» الإيرانية كانت تحاول التسلل إلى مواقع قريبة من القوات اليمنية الموالية للشرعية والمدعومة من قبل قوات تحالف دعم الشرعية ويتبين أنها محملة بالمتفجرات ثم تأتي الحكومة الإيرانية لتقول إنها لا تصنع هذا النوع من الطائرات وأن التهمة وجهت إليها زوراً وأنها من الأساس لا تتدخل في اليمن فإن عاقلاً لا يمكن أن يصدقها.

تلك الفضائية وغيرها من الفضائيات الممولة من إيران لا تقول إلا ما يرضي النظام الإيراني وهي تقف إلى جانبه في كل الأحوال وترد بالنيابة عنه على كل خبر تعتقد أنه يمكن أن يضعف موقفه، فهذا دورها وواجبها الذي تأخذ عليه الأجر، لهذا نفت كل صلة لذلك النظام بتلك الطائرة، والأكيد أنه قالت إن الخبر مجرد ادعاء وتمثيلية تم إعدادها وإخراجها من قبل قوات الشرعية، وليس بعيداً أن تكون قد قالت إن إيران أساساً لا تعرف بلداً اسمه اليمن!

هذا وغيره يؤكد أن النظام الإيراني يعتقد في قرارة نفسه أن العالم من الغباء بحيث يستطيع أن يضحك عليه كيفما يشاء وأن هذا العالم يمكن أن يصدق كل ما تقوله تلك الفضائيات أو يقوله مسؤولو النظام وأن ذلك يشمل كل شيء بما فيه الأسلحة المنقوش عليها بلد الصنع وتاريخه.

كل ما قد يعزز من موقف النظام الإيراني تركز تلك الفضائيات عليه وتصفق وتروج له، وكل ما قد يعكر مزاج مسؤولي النظام الإيراني تنفيه بالنيابة عنهم، فتصف القتلى الإيرانيين في أي مواجهة وفي أي مكان بالشهداء، وتعتبر إسقاط طائرة مسيرة مصنوعة في إيران ومحملة بقنابل إيرانية خبراً مفبركاً وادعاء يراد منه الإساءة إلى النظام الإيراني فتدافع عنه وتستميت في ذلك.

لكن لأن هذه اللعبة باتت مكشوفة فإن العالم – الذي افترض ذلك النظام وإعلامه أنه من الغباء بحيث يمكن أن تنطلي عليه كل الحيل – لم يعد يصدق ما يصله من تلك الفضائيات ومن ذلك النظام ويصدق كل أو جل ما يصله من غيرهما ما يؤكد أنه لم تعد لهما أي مصداقية، فالفضائية التي تصف قتلى النظام الإيراني بالشهداء ولا تطلق هذه الصفة على غيرهم ثم تقول إنه لا علاقة لها بالنظام الإيراني وإنها لا تمول منه وإن كل ما يقال عنها في هذا الخصوص كذب وادعاء لا يمكن لأحد أن يثق فيها ويصدق ما تقوله، والنظام الذي يفعل كل سيء من الأمور ويتوفر ما يكفي من أدلة وبراهين على أنه هو الذي يفعل تلك الأمور ثم يأتي ليقول بكل بساطة إنه لم يفعل وإن من يقول ذلك يعاني من لوثة عقلية فإن أحداً لا يمكنه أن يثق فيه ويصدق ما يقوله مسؤولوه.

مشكلة النظام الإيراني إنه يعتقد أن الآخر – كل الآخر – دون القدرة على تمييز الأمور واستيعاب ما يجري وأنه الوحيد الذي يفهم ويدرك الأمور وقادر على إصلاح كل خلل في العالم! ومشكلة تلك الفضائيات الممولة والمدعومة منه ومهمتها الترويج له على مدار الساعة أنها تعتقد أن بإمكانها الضحك على ذقون المشاهدين في كل مكان وأن من السهولة جعلهم يؤمنون بما تريدهم أن يؤمنوا به وأن ذلك يشمل أيضاً جعلهم يؤمنون بأن من يقتل من أتباع النظام الإيراني هو في كل الأحوال شهيد وأن غيرهم لا يستحق هذه الصفة.