تقدمت جزائرية لنيل الجنسية الفرنسية ووافقت فرنسا على طلبها ويوم تسليم الجنسية رفضت الجزائرية مصافحة المسؤول الذي سيمنحها الوثيقة، فما كان من فرنسا إلا وقف الإجراء وإصدار قرار بعدم منحها الجنسية!!!!

لماذا ؟ لأنها لم تحترم (الهوية) الفرنسية فلا تستحق شرف الانتماء لها، فحسب ما جاء في وكالات الأنباء «كانت المرأة تحضر الاحتفال الرسمي في إقليم إزار جنوب شرقي فرنسا، وذلك بعد طلبها الجنسية عن طريق زواجها من مواطن فرنسي.

ورفضت السيدة مصافحة الأمين العام للمحافظة ومسؤول محلي آخر، وفقاً للقضية المنظورة أمام أعلى محكمة فرنسية «مجلس الدولة»، ونُشرت على موقع العدالة الحكومية الفرنسية الرسمي.

وذكرت السيدة، أن رفضها مصافحة المسؤولين في يونيو (حزيران) 2016 بدافع من «قناعاتها الدينية».

وعارض وزير الداخلية، الذي أصبح رئيساً للوزراء لاحقاً بيرنار كازينوف، طلب حصول المرأة على الجنسية الفرنسية، زاعماً أن بفعلها «لا يمكن إدماجها في المجتمع الفرنسي».

وخلال الحفل، يجب على مقدم طلب منح الجنسية إظهار الاحترام للقيم الفرنسية، وفقاً لصحيفة «لوفيغارو»، وإذا أظهر أي مواطن عدم الاندماج، يمكن للحكومة رفض طلبه، كما أوضح المحامي فيصل المغربي عبر مدونته».

بغض النظر عن طبيعة الهوية والقيم والمبادئ الفرنسية، أواتفاقنا معها أواختلافنا عليها، هذا ليس هو موضوعنا، موضوعنا يتركز في النظرللمكانة التي توليها الدولة الفرنسية للهوية الوطنية الجامعة للفرنسيين، مكانة تصل إلى الحرمان من الجنسية إن رفض طالبها أو مستحقها أن ينصهر في قيمها ومبادئها.

إلى هذه الدرجة تعني لهم الهوية والقيم والمبادئ المشتركة، إلى هذه الدرجة تقيد مسألة «الخصوصية» هاهنا إلى أضيق الحدود، إلى هنا ويصل الأمر لحرمان أو منع أو سحب الجنسية إذا ما أصر أحدهم على تقديم خصوصيته على الهوية العامة الشاملة.

مهمة الدولة ومسؤوليتها الدستورية هي العمل على دمج التنوعات وصقلها في بوتقة وطنية واحدة شاملة يتساوى فيها الناس بعضهم البعض ويتخلى كل منهم عن كل ما يتعارض مع القواسم المشتركة التي يحددها الدستور، ويفسح المجال للأرضية المشتركة كي تتغلل في نفوس أجياله جيلاً بعد جيل حتى يتكون لدى الدولة مجتمع متجانس، فالهوية الوطنية هي مجموعة القيم التي يتشارك بها مع الآخرين وهي القبول بمبدأ تنازل الفرد للجماعة.

تلك إشكالية كبيرة في مجتمعنا حيث تتقاطع الهوية الخاصة للأقليات الدينية والعرقية والمذهبية في أحيان كثيرة مع خصائص الهوية الوطنية، فتنتصر الهويات الخاصة وتسكت الدولة ولا تتدخل مع الأسف وأحياناً تتفرج على انتهاكات وقلة احترام لتلك القواسم، لابتشريع ولا بقرار يحفظ هيبة واحترام الهوية الوطنية.

ويترك للأفراد تحديد هوياتهم وكأن المسألة (حرية شخصية) .... من قال؟ من قال إن الهوية الوطنية قابلة للاختراق بهذا الشكل دون ضوابط ودون خطوط حمراء ودون تشريع ودون احترام.

لاعيب في تعدد المذاهب والأعراق فذلك إثراء للمجتمع، ولاعيب في الهويات الخاصة للجامعات فلا أحد يطلب (بإلغائها) المطلوب هو متى ما أتى استحقاق الهوية الشاملة الجامعة الوطنية فلابد أن تكون لها الأولوية وتسبق أي قيمة خاصة، هذه هي المعادلة التي اتفقت عليها جميع الحضارات التي نجحت في تأسيس كيان الدولة.

الهندوسي والمسلم والمسيحي والملحد ابن الإقليم الشمالي أوالجنوبي أو الغربي أو الشرقي يقفون إجلالاً واحتراماً للعلم والسلام الهندي «رمزيات» الوطن قواسم وأرضية جامعة يتمسك ويحترم ويقدر أبناء الأقليات والجماعات القواسم المشتركة بينهم لأنهم يعلمون معنى الوطن ومعنى فقدانه، وبقوة القانون إن «حجت حجايجها» ويعاقب من يخالفها.

في البحرين لا يفرض ذلك الاحترام لا «بالقانون» ولا يسمع للنصيحة صوت وتعد تحريضاً، ويترك الأمر لكل بيت ولكل جماعة أن تقرر قيمها (الوطنية) الخاصة ومفهومها (الوطني) الخاص وهويتها (الوطنية) الخاصة، لكل منا أن يقرر ما هي هويته الوطنية.

فرنسا التي هي فرنسا أم الحريات وأم الديمقراطيات وأم وثيقة حقوق الإنسان الدولية، أوقفت إجراء منح الجنسية وسحبت من مواليد فرنسا الجنسية كما فعلت مع المدانين في العمليات الإرهابية (جمال بغال) مثال على ذلك، حفاظاً على هويتها الوطنية.

هكذا تحدد الدولة القوية قيمة ومكانة الهوية الوطنية.