تونس – منال المبروك

بدأ العد التنازلي لأول انتخابات بلدية تنظمها تونس بعد ثورة يناير 2011، حيث يكثف المترشحون تحركاتهم الميدانية لحشد الأصوات واقناع الناخبين بأهمية الإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في الحكم المحلّي.

ومن المرجّح إجراء الانتخابات في 6 مايو المقبل، بعد أن تقدمت لسباق المنافسة 2173 من بينها 177 قائمة ائتلافية و897 قائمة مستقلة و1099 قائمة حزبية.



ويشكل الشباب والمستقلون عناصر المفاجأة في الانتخابات البلدية بسبب الاقبال المكثف لكليهما حيث فاقت مشاركة الشباب نسبة الـ75 % لمن هم دون سنّ الـ45 وأكثر من 50 % لمن هم دون الـ35 سنة فيما نجح المستقلون في تقديم 897 قائمة في مختلف البلديات بمعدل 3 قوائم في كل البلديات الـ350.

ويعتبر مهتمون بالشأن السياسي الاقبال المكثف للشباب والمستقلين على المشاركة في الحكم المحلي دليل على رغبة مجتمعية في ضخ دماء جديدة في منظومة الحكم بعيدا عن الأحزاب السياسية التي فقدت الكثير من مصداقيتها بعد انتخابات 2014.

وتشير نتائج لمؤسسة سبر الأراء "امرود كونسولتينغ" تم الكشف عنها في 8 مارس الماضي الى أن 46 % من المشاركين في الانتخابات سيصوتون لصالح القوائم المستقلة وهو ما يجعل من الأخيرة منافسا حقيقيا للأحزاب السياسية الكبرى "حركتي نداء تونس والنهضة"، التي تدفع نحو حصر المنافسة بين مرشحيها.

ويراهن جزء كبير من القوائم المستقلة على شخصيات وكفاءات ذات إشعاع محلي تماشيا مع طبيعة هذه الانتخابات التي تميل إلى استثمار الشخصيات المحلية والانتماءات العائلية والقبلية والجهوية.

كما يسعى المستقلون الى الخروج بحملاتهم الانتخابية من مربّع التناحر الايديولوجي والمدني إلى المشاكل الحقيقية للمحليات التي تشكو ضعفا كبيرا في التسيير وتنفيذ المشاريع فضلا عن مشاكل البنى التحتية والمشاكل البيئية وغيرها.

ويتوقع خبراء سياسيون أن ينحصر التنافس في الأمتار الأخيرة من السباق بين "النهضة" و"النداء" من جهة، والمستقلون من جهة أخرى مؤكدين أن القوائم المستقلة قادرة على تحقيق نتائج جيدة في العديد من مناطق البلاد.

ورغم الحضور المكثف للمستقلين في مختلف البلديات يرى المحلل السياسي زياد كريشان أن دخول لاعب جديد في المشهد السياسي لا يمكن أن يحجب الاستقطاب الثنائي الندائي النهضوي مؤكدا أن الاستقطاب حقيقة ميدانية تتأسس على نوع من الاستقطاب الاجتماعي والثقافي اتضح جليا في الانتخابات العامة سنة 2014 ويواصل حضوره إلى اليوم بحسب كل نتائج عمليات سبر الآراء.

ويحسب دراسات لـ "سوسيولوجيا" الانتخابات في تونس، فإن حركة "نداء تونس" تتفوّق على النهضة في كل جهات الشمال والوسط باستثناء صفاقس حيث يتقارب الحزبان كثيرا وفي المقابل تتفوق "النهضة" على "نداء تونس" بوضوح في كل محافظات الجنوب.

أمّا اجتماعيا فالطبقة المرفهة تصوت بكل قوة للنداء الذي يتحصل فيها على ضعف نوايا التصويت النهضوية بينما تكون النتائج متقاربة في الطبقات الوسطى والشعبية مع تقدم نسبي للنداء.

أما حزبي الجبهة الشعبية "اليسارالعمالي" والتيار الديمقراطي وأحزاب الإئتلاف المدني "أحزاب وسطية تقدمية" فتحقق أفضل نتائجهما في الطبقات الوسطى العليا "المهن الحرة والجامعيون وكبار الموظفين والإطارات".

وبحسب التوزيع القائم على السن فيحقق "نداء تونس" تفوقاً ساحقاً عند الذين تجاوزوا الستين عاما اذ يتحصل النداء في هذه الشريحة العمرية على 58 % من الأصوات المصرح بها كما يتفوق "النداء" عند أصحاب التعليم الابتدائي بحصوله على زهاء نصف أصواتهم، اي نحو 47 %.

وعموما تشير أغلب عمليات سبر الآراء في نوايا التصويت التي أجريت في الأشهر الماضية الى أن الاستقطاب الثنائي الندائي النهضوي مازال قائما على مستوى القواعد الانتخابية للحزبين وأنهما مازالا يمثلان مع بعضهما ثلثي الناخبين مع بروز قوة انتخابية جديدة متمثلة في المستقلين ونشطاء المجتمع المدني.