يعتبر التعليم العالي الرافد الرئيس لمد مختلف المؤسسات العامة والخاصة بالمتخصصين في شتى مجالات العمل. وتخطو جامعة البحرين خطوات متسارعة لتحقيق رؤية مملكة البحرين 2030 بتأهيل الخريجين لمواكبة التطورات العلمية والتقنية لتغذية سوق العمل ورفده بالمهارات اللازمة. ولتقنية المعلومات دور أساسي وجوهري في حياتنا اليومية ومجالات العمل المختلفة، وأصبحت ضرورة لمواكبة الثورة العلمية والعملية، وتمثل عاملاً أساسياً لتطوير شتى أنظمة الدول واقتصادياتها، مثل حماية الأنظمة من الاختراقات الإلكترونية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير الاعتماد الذاتي في الصناعة والتجارة، وتوفير الخدمات بمختلف الوسائل الإلكترونية للتسهيل على الأفراد والمؤسسات، وتطوير وهندسة البرمجيات لمختلف أنظمة الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة.

ترنو كلية تقنية المعلومات في جامعة البحرين إلى مواكبة أحدث التقنيات المعاصرة وتقديم النظريات الحديثة في برامجها، ولذلك تقوم الكلية بتطوير برامجها بشكل مستمر لتواكب التطور العلمي العالمي واحتياجات سوق العمل. حيث تطرح كلية تقنية المعلومات خمسة برامج بكالوريوس منها إثنان مستحدثان مؤخرا وهي التالية، علم الحاسوب ونظم المعلومات وهندسة الحاسوب وهندسة البرمجيات وهندسة الشبكات. وأيضا ثلاثة برامج ماجستير، تقنية المعلومات وهندسة البرمجيات والأمن الإلكتروني.

وتراعي كلية تقنية المعلومات في تصميم برامجها الدراسة الوافية والمستفيضة والمطابقة للمعايير العالمية المعتمدة من منظمات مثل ACM, IEEE, ABET لضمان جودة البرامج ومخرجاتها. لذا حصلت برامج علم الحاسوب ونظم المعلومات وهندسة الحاسوب على الاعتماد الدولي منABET للمرة الثانية مؤخراً.

وبرامج الكلية المختلفة تجمع بين الدراسة الأكاديمية النظرية المتخصصة والتطبيق لاكتساب مختلف المهارات العملية في مختبرات الكلية المتخصصة والحديثة. إلى جانب ذلك، ولتسريع وتيرة دمج الطلبة مع سوق العمل وإبقائهم على إطلاع بأحدث التقنيات، فقد قامت الكلية مؤخراً بعقد اتفاقات مع شركات متخصصة في الحوسبة السحابية وحماية الأنظمة والأمن الإلكتروني مثل Amazon Web Service وKasperskyوPalo Alto Networks لتدريب مجموعة من أعضاء الهيئة الأكاديمية والفنيين لكي يصبحوا مدربين معتمدين على أحدث التقنيات في هذين المجالين. كما قامت الكلية بإدماج هذه التقنيات في برامجها الأكاديمية مما يؤهل الطلبة للتقدم للشهادات الاحترافية ونيل الاعتمادية من تلك الشركات مما يرفع من فرص عمل خريجي الكلية.

ولأهمية مجال تقنية المعلومات في مملكة البحرين، قامت «تمكين» بدراسة تحليلية بالتعاون مع مجموعة «ألين» ووجدت فجوة بين المتخصصين البحرينيين وغير البحرينيين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ووفقاً لهذه الدراسة، فإن الطلب المتوقع في هذا المجال آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ، واستنتجت الدراسة بأن الموظفين من ذوي المهارات والمعارف المتخصصة في مجال تقنية المعلومات قادرين على التكيف مع التقنيات الحديثة بشكل أكبر وأسرع من الموظفين الذين يمتلكون المهارات الخاصة فقط باستخدام التطبيقات التقنية. وفي وقتنا الحاضر أصبحت الأجهزة الحديثة لتقنية المعلومات وبرمجتها تتطلب مهارات عالية من الموظفين لتشغيل وتطوير وصيانة تلك التقنيات.

ويشير الكاتب دانييل جرينسبان من موقع ITCareerFinder الأمريكي، إلى أنه من المتوقع ازدياد فرص العمل عالمياً للمتخصصين في مجال تقنية المعلومات بين العامين 2010 و2020. وتبين الدراسة نسبة نمو 10% في وظائف تقنية المعلومات، كما توضح الدراسة المعارف والمهارات الأكثر أهمية في سوق العمل في هذا المجال مما يساعد الطلبة على تحديد أهدافهم وتخصصاتهم الأكاديمية في الجامعات.

وقد لوحظ في السنوات التي مضت توجه معظم الطلبة المتفوقين أكاديمياً إلى تخصصات الطب والهندسة وإدارة الأعمال، وقلّة كان توجههم إلى تخصصات تقنية المعلومات، على الرغم من أهميتها واحتياجات سوق العمل للخريجين المتميزين الذين باستطاعتهم التكيف مع مختلف التقنيات المتوفرة ومواكبة التغيرات الدائمة في مجال تقنية المعلومات.

تشير عدة دراسات إلى أن الطلب واحتياجات سوق العمل لمجالات تقنية المعلومات في ازدياد مطرد وخصوصا التخصصات التي تواكب الثورة التقنية في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة. وتؤكد آخر دراسة من «تمكين» عن توجه الشركات لتوظيف خبراء في هذه المجالات من الخارج لقلة البحرينيين المتخصصين والمتميزين الذين بإمكانهم تولي هذه النوعية من الوظائف بكفاءة عالية. علما بأن تخصصات الكلية تهيئ الخريجين للتميز في سوق العمل في القطاعين العام والخاص بالإضافة إلى فتح المجال للدخول في مجال ريادة الأعمال لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم.

وقد قامت حكومة مملكة البحرين بعدة مبادرات لتنشيط مجال تقنية المعلومات والاتصالات وعلى رأسها اللجنة العليا لتقنية المعلومات والاتصالات التي يرأسها سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء. ومن مساعي اللجنة العليا الرئيسة تذليل العقبات التي تعترض مجال تقنية المعلومات في المملكة لتنفيذ خطط واستراتيجيات الحكومة المستقبلية. وتدعم الحكومة ممثلة بمؤسسة «تمكين» البحرينيين لتأهيلهم على الحصول على مختلف الشهادات الاحترافية في مختلف المجالات. وهذا يدل على الأهمية التي توليها الحكومة لدفع الموجة التالية من النمو في مجال صناعة تقنية المعلومات والاتصالات.

مجال تقنية المعلومات يحتاج إلى أشخاص قادرين على الإبداع والتطوير المستمرين باستخدام أحدث التقنيات لمواكبة العصر التقني الحديث. وهؤلاء الأشخاص هم الطلبة المتفوقون الذين يتمتعون بشغف للتعلم والتطور والتميز والإبداع.

إنها دعوة وحث لأبنائنا المتفوقين والطموحين إلى الانخراط في تخصصات تقنية المعلومات التي تتيح لهم فرص الإبداع والتميز، وتفتح لهم آفاقاً واسعة في عالم تتطور فيه التقنيات لحظياً.

* رئيس قسم علم الحاسوب - كلية تقنية المعلومات - جامعة البحرين