الانتخابات اللبنانية والعراقية وحتى البحرينية المستحقة هذا العام ساحة للتدخل الإيراني من جديد.

مع قرب موعد الانتخابات في البحرين تشرئب رؤوس من الصفوف الثانية للجمعيات السياسية المنحلة التي كانت إما خادمة لأجندة إيرانية وإما مهادنة للخدم الإيراني وتابعة لها في الفصل التشريعي السابق، لتعود للساحة من جديد.

فبعد أن يصوت النواب والشورى على قانون يمنع ترشح أعضاء الجمعيات المنحلة ومن صدرت بحقهم أحكام نهائية، تعمل هذه الجمعيات ومن ورائها إيران على تهيئة صفوفها الثانية التي تحاول أن تعود بهم للساحة السياسية من جديد.

المهم والملفت للنظر أن الوجوه التي (لم تحترق) سياسياً، لا تملك (محتوى) سياسياً يشفع لها حتى تدخل الساحة بمجهودها، والجمعيات بحاجة إلى أن تطرح أسماءهم للساحة فتحاول من خلال افتعال أو استدراج الآخرين (كتاب أو حسابات معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي) للجدل معها كي تخرج من تلك المعارك المفتعلة برصيد يساعدها بعد عدة شهور للدخول للمعترك الانتخابي، المهم أن يتم تداول اسمها مجدداً في الساحة من خلال لعب دور المعارض في الفضاء الافتراضي، خاصة وأن البحرينيين نسوا تلك الجمعيات وانشغلوا عنها في الآونة الأخيرة.

نرحب وبقوة بوجود أصوات قوية، وبوجوه ونشطاء سياسيين جريئين، ونرحب بمأسسة الساحة السياسية وببروز جمعيات جديدة تكون نداً للسلطة التنفيذية وتملك قدرة وجرأة الرقابة عليها من خلال الأدوات الدستورية ومن خلال سقف الحرية المتاح، لتدخل كجمعيات أو كمرشحين للانتخابات القادمة، ذلك يسعدنا، إنما توابع إيران وتوابع التوابع، فلن يجدوا لهم موطئاً في ساحتنا السياسية.

البحرين ولله الحمد تعد قصة نجاح تروى في قدرتها على التصدي للتعديات الإيرانية، سواء على الصعيد الأمني أو الصعيد السياسي، وهي من ذاتها رفضت كل متعلق بأستار إيران وكل متعلق بالمتعلق وكشفتهم.

والبحرين والحمد لله لم تسمح بوجود مليشيات مسلحة تهددنا وتجبرنا على الخضوع بالتهديد والابتزاز لأحزاب ما هي سوى قناع سياسي لإيران.

البحرين من الدول التي وقف شعبها فيها مع قياداته ونظامه السياسي وقفة شجاعة منعت عنها الكارثة التي تعاني منها لبنان والعراق اليوم بصعود أحزاب سياسية لمؤسساتها التشريعية خادمة لإيران مفروضة على العراق ولبنان من خلال بلطجة مليشياتها التي لا هم لها سوى تسخير موارد دولها لخدمة إيران.

انظروا ما يحدث في الانتخابات اللبنانية هذه الأيام، وما سيحدث في العراق بعد عدة أسابيع، حيث لا يستطيع أي مرشح شيعي أن يترشح في دائرة فرض حزب الله نفسه فيها بقوة سلاحه وببلطجته إلا وتعرض للتهديد وربما القتل.

نشر قبل يومين سيد علي الأمين أحد المرشحين اللبنانيين الشيعة والمنافسين لمرشح لحزب الله مقطعاً له ووجهه مليئ بالكدمات وإحدى أسنانه مكسورة، يتحدث وهو يلتقط أنفاسه ليشرح كيف تعرض له (بلطجية) حزب الله بالضرب لتخويفه ودفعه للانسحاب من الترشح، ونشر له الفيديو «رامي عليق» المنشق عن حزب الله وهو الآخر مرشح في دائرة أخرى احتكرها حزب الله لسنوات، هناك حرب قذرة تقودها إيران على الشعب اللبناني، وهكذا يفرض خدم إيران إرادتهم على الشعب اللبناني بالبلطجة والضرب والتخويف والتهديد، كي يصل مرشح الحزب رغماً عن أنف اللبنانيين للسلطة التشريعية حتى يسخر موارد لبنان وموقع لبنان لخدمة إيران.

المشهد سيتكرر في العراق الشهر القادم والتسخين له من الآن؛ حيث تفرض الأحزاب الموالية لإيران نفسها على الشعب العراقي بقوة سلاح المليشيات الذي زودتهم به إيران، ومن المؤسسة التشريعية تسخر موارد العراق لخدمة إيران، من خلال تمرير عقود واتفاقيات تجارية تستنزف الموارد العراقية لخدمة إيران بشروط مجحفة للعراق يوقعها ويصوت عليها البرلمان العراقي كما فعل في عقود الطاقة حيث تبيع إيران الغاز للعراق بأكثر من ضعف السعر تغرق السوق الإيرانية على صعيد آخر بالمواد الغذائية الإيرانية ويشتكي المزارعون العراقيون من المنافسة غير الشريفة حتى تحول ميزان التجارة بين العراق وإيران للصالح الإيراني، فتستورد العراق من إيران ما قيمته 6 مليار دولار مقابل صادرات عراقية لإيران لا تزيد عن 60 مليون دولار سنوياً.

وكذلك تفعل إيران باليمن حيث يختطف الحوثيون قرار ومصير اليمنيين كلهم بقوة السلاح الذي تهربه لهم.

هكذا تستخدم إيران خدمها وتابعي خدمها لتسخيرهم لخدمة أجندتها لتتحول الدولة بأسرها لخادمة للمصلحة الإيرانية عن طريقهم ولا شأن لهذه المجموعة بأي صالح أو امتياز وطني أو إصلاح أو تنمية في تلك الدولة، بل يعم الخراب فيها ويعم الفساد وتتأخر كما يحدث الآن في العراق ولبنان واليمن وسوريا. البحرين التي تصدت للمحاولات السابقة، والبحرين التي تحطمت أحلام الطاووس الإيراني على صخرتها قادرة على تمييز المحاولة الجديدة وكشف أقنعتها.