لم تكن فكرة العمل بعقود مؤقتة في القطاع العام واردة في تاريخ البحرين الوظيفي وبهذه الصورة التي عليها الآن، ولكنها استُحدثتْ مؤخراً لأسباب غير مبررة في الغالب. ليس هذا وحسب، بل يرى بعضهم أن هذه العقود ربما تكون غير قانونية وغير دستورية حسب الأنظمة واللوائح الوظيفية المعمول بها في القطاع العام إلا في حالات استثنائية جداً ولغير البحرينيين. لكن، أن تزخر مؤسساتنا الرسمية اليوم بعدد كبير من العاملين والموظفين في القطاع العام فهذا يعني أن هناك خللاً ما يجب إصلاحه ومعالجته.

على ما يبدو، فإن مجلس الشورى عندنا انتبه جيداً لهذه الإشكالية الخاصة بتوظيف المواطنين البحرينيين بعقود مؤقتة وعلى إثر ذلك «وافق مجلس الشورى في جلسته الأخيرة على مشروع بقانون يقضي بتغطية الموظفين البحرينيين العاملين في القطاع العام بعقود مؤقتة، أياً كانت مدتها، بمظلة التأمين الاجتماعي ومزاياه الواردة في قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، وذلك من خلال تعديل المادة رقم «2» منه، وذلك باحتساب قيمة الاشتراكات التي تستقطع من راتب الموظفين المؤقتين بما لا يقل عن قيمة الاشتراكات المستقطعة من أجور نظرائهم الموظفين الدائمين. ورأى مقرر لجنة الخدمات الشوري نوار المحمود أن مشروع القانون يضمن حقوق الموظفين المؤقتين العاملين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية في احتساب الخدمة التي يقضونها في الوظائف المؤقتة لأغراض التقاعد، وذلك أسوة بنظرائهم الموظفين المعينين بصفة دائمة، كما سيساهم التشريع في تعزيز وزيادة موارد الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، مما يخفف العجز الإكتواري للهيئة».

اليوم هناك عشرات الأطباء -على سبيل المثال- يعملون في القطاع الصحي بعقود مؤقتة، وقد كتبنا هنا ولأكثر من مرة عن معاناتهم وعن الإشكالية القانونية التي يواجهونها وذلك بعدم قدرتهم على تسيير أمورهم في مختلف مناحي الحياة العملية والمهنية بسبب طبيعة العقود المؤقتة المجحفة.

في ذات الجلسة الأخيرة لمجلس الشورى أكد وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب السيد غانم البوعينين «أن العقود المؤقتة ليست أمراً سلبياً في حد ذاته بل هو أمر إيجابي والبعض يعمل بعقود مؤقتة برغبته خصوصاً من يحال إلى التقاعد ثم يعاد للحكومة بعقد مؤقت، وبعض الجهات تحتاج إلى وظائف معينة ولكن لاكتمال الشواغر في الهياكل التنظيمية يتم تعيين بعض الموظفين بعقود مؤقتة». جدلاً لو اتفقنا في بعض «الجزئيات» التي ذهب إليها وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب المحترم، فإن ما أكد عليه لا يتطابق والحالات التي تم توظيفها بعقود مؤقتة في القطاع العام، وتحديداً الأطباء، ليس فقط لحاجة مؤسساتنا الصحية وقطاعنا الطبي لهم بسبب الضغط الهائل الذي تتعرض له مستشفياتنا الحكومية وبسبب نقص الأطباء، وإنما بسبب عدة عوامل أخرى أخلاقية وإنسانية ومهنية وقانونية لا يصمد أمامها ذلكم التبرير المطروح.

نحن اليوم نشدّ على يدي مجلس الشورى في هذا الموضوع المتعلق بضرورة تغطية العاملين بعقود مؤقتة في العام بـ»التأمين الاجتماعي»، أمَّا في المرحلة القادمة فإننا نتمنى وفي أقرب وقت ممكن تغيير كافة عقود الموظفين البحرينيين العاملين بعقود مؤقتة إلى عقود دائمة من أجل استقرارهم الوظيفي والمعيشي.