* الكويت تطرد سفير مانيلا وتستدعي سفيرها من الفلبين للتشاور

الكويت - هدى هنداوي، وكالات

فجرت قضية "عاملات المنازل الفلبينيات" أزمة دبلوماسية كبيرة بين الكويت والفلبين، قررت على اثرها الكويت طرد سفير مانيلا من البلاد، كما استدعت سفيرها في الفلبين مساعد الذويخ للتشاور. وشهدت الأزمة على مدار نحو شهرين تطورات كبيرة وفرضت تحركات دبلوماسية غير مسبوقة إثر إعلان السلطات في مانيلا "تعليق إرسال رعاياها للعمل في الكويت"، ثم تفاقم الأمر بعد ثبوت تورط موظفين من سفارة مانيلا في الكويت بمساعدة خادمات فلبينيات على الهرب من مشغليهن المشتبه بارتكابهم انتهاكات بحقهن، الامر الذي اعتبرته الكويت انتهاك لسيادتها. وكشفت تقارير صحافية أن موظفي السفارة الفلبينية قاموا بتهريب نحو 26 خادمة.



وفي هذا الصدد، أمهلت الكويت الأربعاء سفير الفلبين ريناتو أوفيلا مدة أسبوع لمغادرة أراضيها، بحسب ما أعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الكويتية، وسط خلاف بين البلدين حول عاملات المنازل في الكويت.

وقال المسؤول إن الوزارة استدعت السفير الأربعاء، "وأمهلته أسبوعاً للمغادرة بعد أن أبلغته بأنه شخص غير مرغوب فيه".

وأشار المسؤول إلى أن الكويت أيضاً استدعت سفيرها لدى مانيلا مساعد الذويخ للتشاور.

وكان وزير الخارجية الفلبيني الان بيتر كايتانو اعتذر الثلاثاء للكويت بعد تداول مقاطع فيديو لموظفين من سفارة بلاده في الكويت يساعدون خادمات فلبينيات على الهرب من مشغليهن المشتبه بارتكابهم انتهاكات بحقهن.

وقال في مانيلا "أعتذر إلى نظيري الكويتي ونعتذر للحكومة الكويتية والشعب الكويتي وقادة الكويت إذا استاؤوا من الإجراءات التي اتخذتها سفارة الفلبين في الكويت".

واعتبرت الكويت تهريب السفارة للخادمات انتهاكاً لسيادتها، ما يزيد من التوتر القائم أصلاً بين البلدين منذ مقتل خادمة فلبينية والعثور على جثتها مخبأة في ثلاجة في فبراير الماضي، وذلك عكس ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي في الكويت الذي ذكر أن "الوفاة بسبب ذبحة صدرية".

وأظهر مقطع فيديو متداول على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نشرته وزارة الخارجية الفلبينية الأسبوع الماضي، امرأة تفر من منزل قبل أن تستقل سيارة تنتظرها.

فيما اظهر مقطع آخر شخصاً يركض بسرعة من مكان يبدو كأنه موقع بناء قبل أن يقفز في سيارة سوداء اللون.

ونقلت الوكالة الرسمية عن وزارة الخارجية الكويتية تأكيدها أن ما أقدمت عليه السفارة الفلبينية "يعد انتهاكاً صارخاً ومخالفة جسيمة لضوابط وقواعد العمل الدبلوماسي".

ونقلت جريدة "الجريدة" الكويتية السبت عن السفير الفلبيني في الكويت إقراره بوجود فريق فلبيني يقوم بعمليات "إنقاذ" للخادمات الفلبينيات في الكويت منذ أكثر من شهر.

وقال السفير طبقاً لما أوردته الجريدة إن تدخل الفريق الذي يتكون من 7 أشخاص يحدث عند "الحالات الطارئة التي لا يمكنها انتظار مخاطبة وزارتي الداخلية والخارجية الكويتيتين لتدخلهما".

لكن السفير عقد مؤتمراً صحافياً مقدماً فيه اعتذاره للكويت طبقاً لما نقلته الصحافة الكويتية وأعرب عن اعتزاز بلاده باستضافة الكويت لأكثر من 250 ألف فلبيني.

وجددت الخارجية الكويتية في بيانها "رفضها واستنكارها التامين لما أقدمت عليه سفارة جمهورية الفلبين لدى دولة الكويت من انتهاك صارخ ومخالفة جسيمة لضوابط وقواعد العمل الدبلوماسي".

وقالت إن أعضاء من السفارة الفلبينية وآخرون قاموا "بتهريب عاملات منزليات من الجنسية الفلبينية في تحد سافر لقوانين دولة الكويت وللأعراف والمواثيق الدولية إضافة إلى ما شكله ذلك من تدخل في الشؤون الداخلية للدولة وممارسة أعمال هي من صميم عمل الأجهزة الأمنية في البلاد". وطلبت الكويت تزويدها بأسماء الأشخاص "الذين ارتكبوا جرم خطف العاملات الفلبينيات في مدة أقصاها ثلاثة أيام" دون أن تستجيب السفارة لذلك.

وأشار البيان إلى تصريحات قال إنها صدرت عن المسؤولين في الفلبين تفيد بقيام وزارة الخارجية الفلبينية بإرسال تعزيزات لسفارتها في الكويت تتكون من 7 فرق تابعة لمكتب وكيل وزارة الخارجية لشؤون العمالة المهاجرة والادعاء بأنها بهدف إنقاذ العاملات المنزليات في الكويت.

وقال إن "حكومة دولة الكويت تؤكد بأن تلك الأعمال والتصريحات تعد مخالفة صريحة للمبادئ والأعراف الدولية".

وأكد البيان ضرورة "تجاوز هذه الحالة الاستثنائية نحو آفاق أرحب من العلاقات".

وأردف البيان بأن "حكومة الكويت، ممثلةً بوزارة الخارجية، وانطلاقاً من واجباتها ومسؤولياتها المنوطة بها تجاه الوقوف ضد أي أعمال من شأنها انتهاك سيادة البلاد ونظمها وأمنها الوطني، فإنها تؤكد أولاً بأنها والأجهزة الأمنية المعنية ستواصل ملاحقتها للذين اعتدوا على أمن البلاد وإحالتهم إلى القضاء العادل طبقاً للقوانين الديبلوماسية الدولية المرعية بهذا الشأن".

واختتم البيان بالتأكيد على "العزم بتجاوز هذه الحالة الاستثنائية نحو آفاقٍ أرحب من العلاقات المشتركة الوطيدة في إطار العلاقات التاريخية والعميقة بين البلدين"، مشدداً على "أهمية تناول المسألة ومعالجتها بالحكمة والتروي وبعيداً عن أي تأجيج إعلامي سلبي وضار، وصولاً إلى تحقيق التطلع المشترك نحو تميز وصالح العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين".

وفي وقت سابق، عبر نائب وزير الخارجية في الكويت خالد الجارالله عن أسفه واستغرابه لموقف السلطات الفلبينية، مشيراً إلى أن "الكويت تحظى بسجل ناصع في التعامل مع العمالة الوافدة"، معلناً عن "فتح تحقيق في أي انتهاكات".

وطالب نواب في مجلس الأمة بخفض التمثيل الدبلوماسي مع الفلبين وذلك على خلفية ضلوع السفارة الفلبينية في تهريب عدد من العمالة من منازل المواطنين الكويتيين.

واعتبروا أن ما أقدمت عليه الفلبين ممثلاً في سفارتها هو خرق صارخ لسيادة الدولة وتعدٍ على القانون.

وطالب البرلمانيون الكويتيون بالتصعيد الدبلوماسي إزاء مانيلا واعتبار بعثتها الدبلوماسية غير مرغوب فيها حتى لا يتكرر الانتهاك الدولي مرة أخرى.

ويعمل أكثر من مليوني فلبيني في منطقة الشرق الأوسط ويضخون مليارات الدولارات في الاقتصاد الفلبيني من الأموال التي يرسلونها لأسرهم سنوياً.