أكد رئيس جامعة البحرين د.رياض حمزة، اهتمام البحرين البالغ بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتعلقة بالتنمية المستدامة. مشيراً إلى الدور الريادي لجامعة البحرين في صناعة المعرفة ونشرها، لافتاً إلى الدور المحوري والأساسي للجامعة للمساهمة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الشاملة في البحرين. حيث تؤكد رؤية الجامعة سعيها لتبوء دور إقليمي وأساسي في التعليم العالي واقتصاديات المعرفة، بما يتواءم مع الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030.

وقال: "تحرص الجامعة على مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية في برامجها الأكاديمية وأبحاثها التي تصبّ في الارتقاء بالمجتمع وإيجاد الحلول التي تساهم في التنمية المستدامة في الجوانب كافة".

وأشار حمزة، إلى البرامج الأكاديمية، التي تعنى بالتنمية المستدامة في مختلف كلياتها، وأبرزها برنامجي الماجستير والدكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة. حيث تم إعداد البرنامجين بالتعاون مع منظمة اليونسكو، ومؤسسة الأمير شارلز ببريطانيا، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.



ولفت إلى أن برنامج الدكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة يعد الأول من نوعه إقليمياً، ويهدف إلى المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة، وإعداد بيئيين قادرين على اتخاذ القرارات وإدارة المشاريع البيئية.

وكان الرئيس حمزة يتحدث في ملتقى المنتدى العربي للبيئة والتنمية "أفد" الذي أقيم الأربعاء في مركز زين للتعلم الإلكتروني بمقرّ جامعة البحرين في الصخير لمناقشة نتائج التقرير العاشر في السلسلة السنوية التي يصدرها "أفد" عن وضع البيئة العربية.

أما على صعيد البحث العلمي قال حمزة "إن الجامعة تسعى إلى معالجة قضايا الاستدامة المحلية والإقليمية المهمة كالطاقة المتجددة، والأمن المائي والأمن الغذائي، والمدن الذكية. كما تركز الجامعة أيضاً على الأبحاث التي تؤثر في الصناعة والأعمال والمجتمع من خلال التركيز على خلق تخصصات بحثية متكاملة تساهم فيها كليات الجامعة المختلفة.

وأضاف: "تلعب الجامعة دوراً أساسياً في معالجة الأولويات الإقليمية المهمة المعنية بالبيئة والتنمية المستدامة من خلال التعاون العلمي مع جامعات عالمية مرموقة كجامعة أكسفورد ولفبرة وأستون ببريطانيا. حيث تم توقيع العديد من الإتفاقيات في مجال الطاقة المتجددة وتقنيات تحلية المياه".

ومن جهته استعرض أمين عام "أفد" نجيب صعب، التقرير الذي حمل عنوان: "البيئة العربية في عشر سنين"، ومن أهم نتائجه تفاقم مشكلة ندرة المياه في المنطقة العربية، نظراً إلى الموارد المحدودة للمياه العذبة المتجددة وتدهور الجودة من جهة، والنمو السكاني ونقص الأموال لتمويل البنية التحتية للمياه من جهة أخرى. لافتاً إلى أن 40% من السكان العرب يعيشون في فقر مائي مطلق.

وذكر أن البلدان العربية تشكل أكبر منطقة عجز غذائي في العالم. ومن حيث القيمة النقدية، سجلت الفجوة الغذائية العربية الإجمالية زيادة كبيرة من 18 مليار دولار عام 2005 إلى 34 مليار دولار عام 2014.

وأكد صعب، ضرورة تخفيف الهدر وتحسين الإنتاجية وزيادة الموازنات المخصصة للأبحاث الزراعية، والتعاون الإقليمي. مشيراً إلى أن الاتجاهات الحالية لاستخدام الطاقة تضع الاقتصادات العربية ضمن أقل البلدان كفاءة على الصعيد العالمي.

وأوضح أن وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً في بعض الجبهات، خاصة في عمل المؤسسات البيئية، مشيراً إلى أن اعتماد سياسات تعزز التحول إلى الاقتصاد الأخضر لم يكن دائماً مبنياً على خطط بعيدة المدى، بل انطلق من حتمية معالجة المشاكل الاقتصادية الحرجة الناشئة.

وأضاف: "اتخذت التغييرات في حالات كثيرة صفة الهبوط الاضطراري في أوضاع مضطربة، بدل التحوُّل السلس في ظروف مستقرة. والتحسن المتواضع الذي حصل مهدَّد بالزوال في حال استمرار الصراعات والحروب وعدم الاستقرار".

وأشار صعب إلى استطلاع للرأي العام أجراه "أفد" في 22 بلداً كجزء من تقريره السنوي أن الجمهور العربي يتفق والخبراء على أن البيئة استمرت في التدهور طوال السنين العشر الأخيرة.

ووجد 60% أن وضع البيئة في بلدانهم يتراجع، بينما تعتقد غالبية عظمى وصلت إلى 95% أن بلدها لا يقوم بما يكفي للتصدي للتحديات البيئية، وأن الحكومات لا تبذل ما يكفي لهذا الغرض ولإدارة البيئة بشكل صحيح، وعلى صعيد مملكة البحرين كانت النسبة أكثر تفاؤلاً حيث وجد 47% من السكان فقط أن هناك تراجعاً في الوضع البيئي. أما أهم التحديات البيئية، استناداً إلى الاستطلاع، فهي النفايات الصلبة وضعف الوعي البيئي وتدهور الموارد المائية والتلوث الصناعي وتغير المناخ.

وبحسب التقرير فإن مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لا تزال هامشية في حدود 3.5%، إلا أن التوقعات إيجابية في الغالب، بحيث يتوقع أن يتضاعف حجمها حتى سنة 2020م وأعلنت 12 دولة عربية عن أهداف للطاقة المتجددة، تتجاوز 20%، بينها المغرب والإمارات والأردن والجزائر ومصر والسعودية وتونس.

وأضاف بأن أسرع المواضيع البحثية نمواً في مجال العلوم البيئية في العالم العربي هي الصحة والتلوث والمياه، أما أبطأ المواضيع نمواً فهي تغير المناخ والسياسات البيئية والتنوع البيولوجي وحماية الطبيعة . لكن قليلاً ما تنعكس نتائج المشاريع البحثية والمنشورات في البلدان العربية على السياسات، ونادراً ما تساهم في إيجاد حلول للمشاكل البيئية.

وقال: "من أجل ضمان الانتقال الناجح إلى بيئة أفضل كدعامة أساسية للتنمية المستدامة، تحتاج البلدان العربية عاجلاً إلى ترجمة إعلاناتها البيئية وإستراتيجياتها الإقليمية الكثيرة إلى برامج عمل ملموسة".

وأشار إلى أن العقد الماضي شهد انتقالاً ملموساً للبلدان العربية نحو الاقتصاد الأخضر. فمن الصفر تقريباً في اعتماد أنظمة اقتصاد أخضر أو إستراتيجية مستدامة، أدرجت سبعة بلدان، من بينها الأردن، عناصر الاقتصاد الأخضر والاستدامة في خططها. وأعطى هذا إشارة قوية للقطاع الخاص لزيادة الاستثمارات أضعافاً، خصوصاً في الطاقة المتجددة.

وأكد صعب على ضرورة تطوير بنية تحتية تربط بين: المؤسسات البحثية والصناعة والمجتمع، وعكس اتجاه هجرة الأدمغة المتمثلة في نسبة كبيرة من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج ولا يعودون، بتشجيع الاستثمار في الباحثين الشباب ورأس المال الفكري .

وأكد اعتماد جامعة الدول العربية عشرات الإستراتيجيات والخطط الخاصة بالبيئة والتنمية المستدامة، إلا أن التنفيذ كان بطيئاً بحسب ما جاء في التقرير. وعلى الصعيد الوطني تعززت المؤسسات البيئية بوجه عام، مما أسفر عن بعض التحسينات في الإدارة البيئية. وبرز التحول الرئيس في السياسة العامة في الإصلاحات الأخيرة في أسعار الطاقة والمياه، بما في ذلك البلدان الرئيسة المنتجة للنفط في مجلس التعاون الخليجي. وبالإضافة إلى إصلاح سياسات الدعم، شهدت المنطقة تقدماً في اعتماد سياسات للطاقة المستدامة، بما فيها أهداف وخطط عمل لكفاءة الطاقة وسياسات الطاقة المتجددة.

وبين التقرير أن الاستقرار السياسي والأمن في البلدان العربية يشكل شرطاً ضرورياً لصياغة وتنفيذ خطط إستراتيجية طويلة الأجل للتنمية المستدامة تشمل البيئة .

ولتحقيق كفاءة أفضل في إدارة الموارد، دعا تقرير "أفد"، إلى استبدال الدعم العشوائي الشامل لأسعار السلع والخدمات، مثل الماء والمحروقات والكهرباء، بدعم موجه إلى الشرائح المحرومة في المجتمع. على أن تلبي سياسات التسعير الحاجات البشرية الأساسية، وأن تعزز كفاءة الموارد، وأن تسترد كلفة تقديم الخدمات من غير أن يؤثر ذلك في الفقراء .

وداخل رئيس المجلس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة د.محمد بن دينة، مشيراً إلى برنامج حكومة مملكة البحرين 2018-2021 المهتم بالحفاظ على البيئة البحرية، والإستراتيجيات الخاصة بالتنمية المستدامة وحماية المناخ، وسياسة الاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر.

ولفت إلى الهجوم الشرس على الدول العربية المصدرة للنفط في اجتماع اتفاق باريس كونها السبب الرئيس لتغير المناخ العالمي، رغم كونها دولاً تنعش الاقتصاد العالمي بتزويده بمصادر الطاقة لتشغيل الصناعات المختلفة. لافتاً إلى إعلان مملكة البحرين عن خطتها لرفع كفاءة استخدام الطاقة كهدف استراتيجي يؤمل بلوغه عام 2025م.

وأشار د. بن دينه إلى أن مشكلة المياه ليست مشكلة بحرينية فقط بل هي مشكلة عربية تعاني منها الدول كافة، وأن البحرين تسعى لتأهيل مكب النفايات والاستفادة منه في توليد الطاقة، مضيفاً بأن التحول إلى استخدام السيارات الكهربائية للحفاظ على مصادر الطاقة موجة ستعم جميع الدول العربية وبالتدريج.

واعتبر د. بن دينه فرض الضرائب على المواطنين لاستخدام مصادر الطاقة فكرة غير محببة، يقابلها سعي حكومي لرفع مستوى الوعي البيئي لترشيد الاستهلاك للحفاظ على مصادر الطاقة المتوافرة.

وحول ما يمكن عمله في السنوات العشر المقبلة استناداً إلى تقرير "أفد"، أكد كبير المستشارون الاقتصاديين في الصندوق الكويتي للتنمية، وعضو مجلس أمناء "أفد" د.عبدالكريم صادق، دور التنمية المستدامة في البيئة، التي كان عدم إدراجها ضمن أهداف الألفية للتنمية للأعوام 2000-2005م بالغ الأثر في عدم نجاحه بالكامل "عندما أدخل عنصر البيئة في سبتمبر 2015 تحققت أهداف الألفية للتنمية بحسب الأمم المتحدة". مؤكداً دور عنصر البيئة لتكامل جميع الأهداف بالتناغم مع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.