من الأمور التي ينبغي تأكيدها وإعادة تأكيدها بين الحين والحين أن الخلاف فيما يخص تجاوزات إيران ليس مع الشعب الإيراني وإنما مع النظام المسيطر على الحكم في إيران، وأن الخلاف فيما يخص تطرف قطر ليس مع الشعب القطري وإنما مع النظام المسيطر على الحكم في قطر، والأمر نفسه في كل خلاف ينشب مع أي دولة، فالنظام -خصوصاً إن كان قد اختطف الحكم وفرض نفسه عنوة- لا يمثل الشعب ولا يمكن أن يعبر عنه وإن كان يتحدث باسمه.

لا مشكلة بين شعوب دول مجلس التعاون والشعب الإيراني المظلوم والذي ينبغي التعاطف معه ومساندته ومساعدته على التخلص من الحال التي صار فيها نتيجة اختطاف الملالي لثورته، ولا مشكلة بين شعوب الدول الأربع التي قررت الوقوف في وجه النظام القطري ووضع حد لتصرفاته وبين الشعب القطري المظلوم أيضاً والذي ينبغي التعاطف معه ومساندته ومساعدته على الخروج من الحال التي صار فيها نتيجة الصراع على الحكم في هذه الدولة الجارة التي تبين أنها لا تقل أذى عن النظام الحاكم في إيران.

المشكلة دائماً هي مع الأنظمة وليست مع الشعوب، فالشعوب الواقعة تحت حكم أنظمة مثل نظام الملالي في إيران ونظام الحمدين في قطر شعوب مظلومة وتحتاج من يقف إلى جانبها ليمكنها من التصدي لتلك الأنظمة التي تسرق ثرواتها وتسيء إليها وتلوث سمعتها وتعرضها للمخاطر وتجعلها منبوذة. وإذا كان بإمكان الشعب الإيراني التخلص من النظام المختطف لثورته منذ أربعة عقود بالثورة عليه كونه يمتلك خبرة في هذا المجال ويعمل منذ سنين بكل ما أوتي من قوة لتحقيق هذه الغاية ومثاله ما تقوم به منظمة مجاهدي خلق فإن الأكيد هو أن الشعب القطري دون القدرة على التخلص من النظام المختطف للدوحة من دون مساعدة ومساندة ودعم من شعوب دول مجلس التعاون ودولها، فالشعب القطري بحاجة ماسة لهذه المساعدة بسبب محدودية عدده وعدم امتلاكه الخبرة اللازمة للتحرك في مثل هذه الأحوال عدا عن سهولة قمعه وإظهاره عبر وسائل الإعلام في صورة المعتدي والمعين على «احتلال» بلاده!

المشكلة ليست مع الشعبين الإيراني والقطري، فهذان الشعبان جزء من شعوب الخليج العربي ومكملان لها وأمرهما يهم كل هذه الشعوب والانتصار لهما نتيجته المنطقية الارتقاء بالمنطقة وتحقيق الاستقرار المنشود، المشكلة مع النظامين الحاكمين في إيران وقطر واللذين اختطفا الحكم وفرضا نفسيهما على ذينك الشعبين، فهذان النظامان هما رأس البلاء وهما السوء والأذى وهما من ينبغي التصدي لهما بكل قوة والبدء بفضحهما وإظهارهما للعالم على حقيقتهما.

من الأمور التي ينبغي أن يدركها العالم وتدركها شعوب دول مجلس التعاون والدول العربية على وجه الخصوص أن الوقت حان للعمل على إنقاذ الشعبين الإيراني والقطري اللذين يعيشان ظروفاً لا تقل سوءاً عن ظروف الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، إذ لا فارق بين ما يعانيه الفلسطينيون المنهوبة أرضهم وما يعانيه الإيرانيون والقطريون المختطفة بلدانهم، أولئك يعانون من الاحتلال الإسرائيلي والصهاينة وهؤلاء وهؤلاء يعانون من احتلال الملالي والحمدين، وهذا يعني أنه مثلما أن الشعب الفلسطيني يستحق التعاطف والدعم لتخليصه من الاحتلال الإسرائيلي فإن الشعبين الإيراني والقطري يستحقان أيضاً التعاطف والدعم لتخليصهما من احتلال الملالي والحمدين وسيطرة هذين النظامين المؤذيين على الحكم في إيران وقطر.

الوقوف في وجه هذه الأنظمة واجب ينبغي عدم التقصير فيه، وهو أمر يدونه التاريخ بأحرف من نور وجميل لا تنساه الشعوب حيث يظل محفوراً في قلوبها، والذي يجب على دول مجلس التعاون والدول العربية وشعوبها عدم التأخر عنه هو العمل على تحرير الشعبين الإيراني والقطري من ربقة ذينك النظامين المارقين.