يكتم كثيرون في العالم أنفاسهم قبيل انتهاء المهلة التي حددتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال الاتفاق النووي والمقررة حتى الثاني عشر من مايو الجاري، ومما يشد الانتباه مؤخراً اشتعال نيران الغضب في الدماغ الواشنطني تجاه طهران أكثر، ما يجعل ترامب يهدد بالانسحاب من الاتفاق جراء أمور عدة منها تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية التي باتت تصل إلى الحوثيين وتطال العواصم الخليجية وإسرائيل، وثانيهما فرض رقابة صارمة على المنشآت النووية الإيرانية شاملة المنشآت العسكرية، وثالثهما ضرورة توقف إيران عن الدور الإقليمي الذي تلعبه في تفجير استقرار المنطقة عبر تدخلاتها في شؤون الدول الأخرى وخلق المليشيات في كل مكان. عندما استشعرت طهران خطر اللعب بنيران واشنطن الملتهبة، بدلت الخارجية الإيرانية أدواتها الدبلوماسية لتحل «دبلوماسية الغزل الفارسي» محل دبلوماسيتها السابقة بدفع العالم للشعور بالرعب المعروفة بـ«حافة الهاوية»، وقد بدا ذلك جلياً في كلمة ألقاها وزير الخارجية محمد جواد ظريف في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في واشنطن، إذ عبأ «الظريف» كلمته بكثير من الغزل تجاه واشنطن، وكان أبرز تجلياته في نقاط ثلاث، فقد طلب ظريف «ضرورة توافر الاحترام المتبادل» بين واشنطن وطهران وكأن واشنطن هي من يهين الاتفاقات الدولية، هذا ويمكن قراءة كلماته تلك من باب حفظ ماء الوجه، كأن تطلب من أحد أن يقول لك على مرأى ومسمع العالم والشعب الإيراني «أنا أحترمك» ولا تبالي بعدها، فتدعه يفعل بك ما يشاء. الأمر الآخر أن «ظريف» لم يستبعد إجراء حوار مع واشنطن في المرحلة المقبلة، أما الأمر الثالث فهو محاولة تحسين صورة إيران باعتبارها طرفاً ساعد في الانتصار على الإرهاب وخصوصاً تنظيم «داعش» ثم «النصرة» في العراق وسوريا. في ظل ذلك التغيير في الدبلوماسية الطهرانية، حريّ بنا البحث في دوافع طهران لمغازلة واشنطن، ونرجح أن هذه الدوافع داخلية أكثر منها خارجية، فحكومة روحاني لن تتمكن من قبول الدعوة الفرنسية أو الانصياع للإملاءات الأمريكية، إذ سيعرض الحكومة لهجوم قوي من قبل خامنئي والمتشددين، لتجاوزها خطاً أحمر، لا سيما وأننا نجد خامنئي يطالب بنشر تهديدات بتطوير البرنامج النووي والعودة لما كانت عليه طهران من نسب لتخصيب اليورانيوم قبل الاتفاق، أي 20% وليس 3.5% الحالية.

* اختلاج النبض:

يبدو أن المباحثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني 5+1 ستعتمد على الجهد الفرنسي للوصول إلى «اتفاق تكميلي للاتفاق»، إذ قدمت مراكز أبحاث كبيرة توقعاتها أن القرار الأمريكي سيقبل باستمرار الاتفاق النووي مشروطاً بالتعديل وهذا ما نميل إلى تأييده، غير أن هناك خيارين آخرين، فإما إلغاء الاتفاق، وإما التوقيع الأمريكي بضغط أوروبي وذلك قد نفذ بعودة ماكرون عابساً.