لا أزال أذكر جيداً أيام الطفولة وخلال المرحلة الدراسية تحديداً.. كلما اجتمعت جارتنا الحبوبة ووالدتي خاصة على قهوة العصر، وصادف وفِي نفس الوقت أنا مع ولدها حمودي «يعني ابن جارتنا» نلعب ونحكي، وجدتها فرصة لإعطائنا التنبيهات والملاحظات فيما يخص درسنا أنه هو مستقبلنا الحقيقي ولا بد من الاهتمام والاكتراث له بشكل مستفيض والكلام الذي نُسمعه نحن في كل لحظة وحين لأولادنا حتى باتوا يرددونه عَلينا لكثرة تكرارنا له عليهم.

ولكن جارتنا كان يقلقها أمر من وجهة نظرها لا بد من التنبه له وحسمه، وهو حثنا على الجلوس في الصف أمام التلميذ أو التلميذة المجتهدة أي «الدافور»، لإيمانها بعدوى الشطارة والكسل، والجميل أنه لايزال البعض منا يعتقد بهذا المبدأ البسيط والذي هو حقيقة موجودة ويحدث بشكل علمي أي «قانون التأثير والتأثر».

تنبيهات جارتنا وفرضياتها لم تكن تزعجني كما كنت أثار وأتضايق عندما ينهال علينا القصاص من المعلمة لسبب أن مجموعة صغيرة ومزعجة قامت «بالمشاغبات» أثناء الدرس أو حصص الفراغ، والمعلمة تزعم أن فرض القصاص على الجميع سوف يضمن عدم نقل عدوى المشاغبة بين الكل.

وعلى المنقلب الآخر، يمتنع جارنا أبونبيل عن شراء صندوق التفاح الذي يجد على سطحه «تفاحة خربانة» خوفاً من أن تكون السبب في نقل الضرر للتفاحات الأخريات.. فهذا يعني أن الإيمان بقانون العدوى بشقيها الإيجابي والسلبي موجود.

ومن المقعد الدراسي بكل أشكاله إلى صندوق التفاح، فلايزال البعض يطبق مبادئ عامة وأحياناً كثيرة تكون مؤلمة وغير منصفة بحق الأغلبية. فنجد أنفسنا أمام قوانين وفرضيات تمارس علينا لسبب أن القدر جمعنا مع أشخاص مخربين خالين من المسؤولية في مكان واحد.. ودائماً يكون الجواب والتعليل «إن الخير يخص والشر يَعُم».

ولكن أليس من الأولى أن نضع القوانين والسياسات الوقائية والتي تعمل على مبدأ التحفيز وليس الويل والوعيد قبل أن أقدم على مرض يمكن لا أجد له العلاج المناسب في الزمن والحين.. ويحمي باقي الجسم من العلّة وإعادة التقويم؟

فقبل أن نردد ونقول.. تفاحة في اليوم تبعد عنك الطبيب. فحبذا أن نتأكد أن هذه التفاحة «مش خربانة» كي لا تُمارس سياسة العلاج وأحياناً الإقصاء على الجميع.