* هل تنتهي الصحافة البحرينية الورقية يوماً؟

* مخطئ جداً من يستهين بقوة السلطة الرابعة وصاحبة الجلالة

* حاجة للتفريق بين الصحافة الإلكترونية والتفاعلية

* تفاعلية الصحف اليوم تحولت من «ثنائية» بين القارئ والصحيفة لقارئ متفاعل

* أي وسيلة إعلامية تظهر تعتبر من ضمن الإعلام الجديد!

* الصحف الورقية لاتزال صامدة

* الصحيفة تنشر يومياً 15 إعلاناً تفاعلياً على موقعها الإلكتروني و«التواصل»

منى علي المطوع

الفرق بين الصحافة

الإلكترونية والتفاعلية

هذا السؤال حتى نجيبكم بدقة عليه، علينا أولاً أن نعي الفرق بين الصحافة الإلكترونية والصحافة التفاعلية والتي ينطبق عليها مصطلح «صحافة مواقع التواصل الاجتماعي»، كما لا بد من تحديد السؤال بدقة أكثر.. هل تنتهي يوماً الصحافة الورقية لتحل محلها الصحافة الإلكترونية؟ كان هذا السؤال مطروحاً قبل خروج مواقع التواصل الاجتماعي، لذا فاليوم السؤال الصحيح هل تنتهي الصحافة الورقية والإلكترونية لتحل محلها الصحافة التفاعلية؟

تفاعل صحافي لا انتهاء له

نحن في عصر باتت الصحف الورقية لديها تحدٍّ في جانبين، الأول إنشاء مواقع إلكترونية لها والثاني إيجاد مساحة لها في العالم الافتراضي عبر إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إيجاد المزيد من التفاعلية بينها وبين جمهورها من القراء من جهة، وضمان انتشارها ووصولها إلى مستخدمي الإنترنت من جهة أخرى.

وحتى مسألة الاتصال بين الصحف والقراء لم تعد اليوم كما السابق، أي اتصال ثنائي وفوري بين الصحيفة والقارئ فقط، كما يحدث على المواقع الإلكترونية للصحف سابقاً، فقد بات التواصل من الممكن أن يكون بين قارئ متفاعل على إحدى مواد الصحفية في إحدى حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، وبين عدد لا انتهاء له من القراء المتفاعلين مع رأيه.

الصحف التفاعلية البحرينية توثيق لأحداث المملكة

عندما نأتي إلى الصحافة البحرينية، نرى أنها اهتمت بهذا الفضاء وقامت بنقلة نوعية هائلة عندما سعت هي الأخرى لمواكبة هذا التطور الإلكتروني في إطلاق مواقع إلكترونية للصحف اليومية وفي التطوير المستمر لهذه المواقع، حتى تحولت مع الوقت إلى مواقع تفاعلية يتفاعل معها قراء الصحف والزوار.

ومن الممكن القول إنها أيضاً أصبحت سلطة رابعة إلكترونية وقوة مؤثرة بشكل أقوى من السابق ومرجعاً بحثياً وتوثيقاً لأخبار البحرين وقضاياها واستطلاعات رأي مواطنيها، حيث أصبح بإمكان أي قارئ أو متصفح للإنترنت في أي مكان في العالم أن يطّلع على الصحافة البحرينية الإلكترونية ونشاطها وأهم الأحداث الهامة الحاصلة في البحرين في أي مرحلة زمنية وما تتداوله من قضايا وأخبار تختص بالمجتمع البحريني.

«الشرق الأوسط» السعودية

أول من اقتحم عالم

الصحافة الجديدة

إن المجتمع البحريني شأنه شأن بقية المجتمعات التي اقتحمتها هذه الأدوات التفاعلية التي تعرف بمواقع التواصل الاجتماعي، فالصحف البحرينية لم تتأخر عن ركاب الصحافة العربية والعالمية في إيجاد مواقع إلكترونية لها وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

فعندما نأتي إلى تاريخ الصحافة الإلكترونية البحرينية والخليجية على الإنترنت، سنجد أن صحيفة الشرق الأوسط السعودية في عام 1995 أصدرت نسختها الإلكترونية يوم 9 سبتمبر لتكون أول صحيفة سعودية خليجية تظهر إلكترونياً على الإنترنت.

وبعد ذلك بأشهر معدودة تبعها صدور الصحف الخليجية والعربية على شبكة المعلومات الدولية، حيث بادرت صحيفة الأيام البحرينية عام 1997 بإصدار أول نسخة إلكترونية لها حيث قامت أغلبية الصحف الخليجية في عام 2002 بإنشاء مواقع إلكترونية لها على الإنترنت.

نعود لسؤالنا المطروح هل تنتهي الصحافة يوماً؟.. إن تأملنا تاريخ نشأة الإعلام سنرى أن التحول والتغير أمر طبيعي لم يؤدِّ يوماً إلى إلغاء أو انتهاء أي وسيلة من وسائل الإعلام الأساسية «الصحافة - الإذاعة - التلفزيون - العلاقات العامة»، حتى فيما يخص التطور التكنولوجي الحاصل والذي يعتبر اليوم جوهر حياة الإعلام والاتصال فأي وسيلة إعلامية تظهر تعتبر من ضمن الإعلام الجديد حتى تليها وسيلة أخرى، فقد كان الإعلام جديداً مع ظهور الطباعة وجديداً مع تطور الصحافة المكتوبة وجديداً مع ظهور الإذاعة وجديداً مع ظهور التلفزيون.

ولو عدنا لمطالعة تاريخ الإعلام الجديد في بداية القرن العشرين، لوجدنا أنه منذ ذلك الحين قد تساءل الخبراء والباحثون في هذا الحقل عن مصير الإعلام المكتوب أمام الدور الاتصالي الذي بدأت تؤديه الإذاعة وعن مصير الإذاعة أمام الاستقطاب الإعلامي المرئي الذي حققه التلفزيون أواخر النصف الأول من القرن ذاته.

المواد الصحافية على هواتفنا الذكية صحافة تفاعلية

أيضاً، هناك حاجة للتفريق بين الصحافة الإلكترونية وتكنولوجيا الصحافة، فالصحيفة الإلكترونية هي موقع إلكتروني له عنوان ثابت يقدم خدمات النشر الصحافي على الشبكة كالمواقع التي تنشر الأخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات.

أما تكنولوجيا الصحافة، فقد أوجدت تقنية لصناعة الصحافة الإلكترونية التفاعلية، وهو أحد الأبواب التي جعلت المواد الصحافية والقضايا والموضوعات والأحداث في متناول الجميع سواء عن طريق المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت أو عن طريق التطبيقات الهاتفية أو من خلال تصفح المواقع الإلكترونية للصحف أو حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الهواتف المحمولة. فما يتوافر لدينا اليوم من مواد مقروءة على هواتفنا الذكية هو نوع من أنواع تكنولوجيا الصحافة ويدرج ضن الصحافة التفاعلية لا الصحافة الإلكترونية.

جيل قراء الصحف الورقية الشريحة المؤثرة الباقية

اليوم نحن في عصر الصحافة الإلكترونية، حيث يمكن لكل مواطن في منزله الحصول على صحيفته المفضلة على الشاشة أو الوصول بشكل مباشر إلى الموضوع الذي يرغب في قراءته فقط.

وفي محاضرة ألقاها د.بيتر ديرا عميد كلية الصحافة بجامعة ويسترن اونتاريو في كندا، أشار إلى أن الصحافة المطبوعة في أمريكا وكندا تواجه مرحلة تحديات خطيرة، ففي معظم الدول الأوروبية والأمريكية لا ينقضي أسبوع دون أن تضطر صحيفة إلى إغلاق أبوابها أو إعلان إفلاسها أو الاندماج مع صحيفة أخرى. فالصحافة العالمية تفقد السباق يوماً بعد يوم وتبحث عن منافذ جديدة للصمود في وجه منافسة شديدة مع الإعلام الإلكتروني.

ورغم أن شركة مايكروسوفت لقطاع التطوير التكنولوجي، خمنت أنه بحلول عام 2018 من المتوقع أن تنقرض الصحف الورقية تماماً لأن الصحف الإلكترونية هي المستقبل أما الورق فهو من الماضي، إلا أن الصحف الورقية لاتزال صامدة لسبب بسيط وهو أن الجيل الذي نشأ على حب مطالعة الصحف الورقية لايزال من الشريحة المؤثرة لقراء الصحف بالعموم.

الصحافة البحرينية

صامدة ومستمرة

لو جئنا إلى أسباب صمود الصحافة البحرينية التي واكبت النقلة النوعية العالمية الجارية في عالم الصحافة والإعلام، سنجد أنها قد استشعرت هذه التهديدات فعمدت إلى التركيز على الإعلانات، وقد اتجهت نحو التركيز على نشر الإعلانات في مختلف المجالات سواء الإعلانات الحكومية أو التجارية أو الاقتصادية أو التعليمية أو الصحية المدفوعة وغيرها على مواقعها الإلكترونية، من خلال تخصيص مساحات لها إلى جانب نشرها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي. الصحافة التفاعلية، فتحت للصحف عدة أبواب للتربح المادي عوضاً عن الإعلانات الورقية على النسخة المطبوعة، وهو ما نلحظه في إعلانات الصحف على موقع التواصل الاجتماعي «الإنستغرام»، بحيث قد تنشر الصحيفة في اليوم الواحد أكثر من 15 إعلاناً حسب دراسة قمنا بإجرائها شخصياً عن الصحافة التفاعلية عام 2016، كما تستطيع نشر العديد من الإعلانات التفاعلية على موقعها الإلكتروني، مما يعني أن المردود المادي الذي كانت تحصل عليه من الإعلان الواحد على الصحيفة الورقية قد تضاعف عشرات المرات.

المرحلة الرابعة

من الصحافة البحرينية

بمناسبة يوم الصحافة البحرينية، علينا أن نؤكد أننا نمر اليوم بعهد صحافي جميل ومشرق وهو عهد الصحافة البحرينية التفاعلية الذي أُطلق فضاء لا محدود له لانتشار الكلمة والرأي أمام دول قيدت الصحافة لديها مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني.

ولو رجعنا إلى تاريخها، سنجد أنها مرت بثلاث مراحل، حيث بدأت المرحلة الأولى عام 1939 بصدور جريدة البحرين، والمرحلة الثانية للصحافة البحرينية فقد كانت عام 1965 باستئناف النشاط الصحافي بعد توقفه عشر سنوات، حيث صدرت في ذلك العام صحيفة الأضواء التي تعد البداية الأولى للصحافة الحديثة في البحرين، واستمرت هذه المرحلة حتى إعلان استقلال البحرين عام 1971، وتعد المرحلة الثالثة هي ما بعد الاستقلال في 14 أغسطس عام 1971 في عهد المغفور له بإذنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة.

اليوم، لو أردنا أن نؤرخ مرحلة صحافية جديدة في مملكة البحرين علينا أن نقول، إن هناك مرحلة رابعة للصحافة البحرينية تتمثل في انتقالها إلى عصر المعلوماتية والإنترنت وتحولها إلى صحافة إلكترونية مطلع الألفية، ثم إلى صحافة إلكترونية تفاعلية آخذة في التطور ومواكبة التقدم الحاصل على مستوى الصحافة العالمية وتوفير حاجات ورغبات الأجيال الحالية الذين يختلفون عن مرحلة الأجيال السابقة من ناحية ثقافة المطالعة، والتي تحولت من المطالعة الورقية إلى ثقافة المطالعة الإلكترونية وتصفح الجرائد عن طريق الإنترنت، والرغبة في التفاعل المباشر عوضاً عن نمط التفاعل القديم في المرحلة الثالثة من تاريخ الصحافة البحرينية، والذي كان يتم عن طريق إرسال الرسائل البريدية بعد وضع الطوابع عليها، وانتظار عدة أيام لوصولها إلى مقر الصحيفة، ومن ثم يتم داخل الصحيفة جمعها وتقسيمها وإرسالها إلى القسم المعني، مما يستلزم الكثير من الانتظار والوقت والجهد، حيث يرسل القراء إلى صفحات محددة بالصحيفة الورقية، وغالباً ما تكون لصفحة بريد القراء أو الشكاوى، أو الكتابة يدوياً إلى كتاب الصحيفة.

فالمرحلة الحالية من الصحافة البحرينية التي تحولت إلى صحافة إلكترونية تفاعلية، قد أتاحت للقارئ مراسلة كتاب الجريدة والتواصل معهم عن طريق البريد الإلكتروني أو الصفحات التفاعلية للصحيفة على موقعها الإلكتروني أو حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي بأقل جهد ممكن وبأسرع وقت، كما مكنته من التعرف على اهتمامات الكاتب وطبيعة أنشطته الإعلامية والصحافية عن طريق متابعة حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب إتاحة الفرصة له للنقاش وإدارة حوارات والتواصل مع قراء الصحيفة والتفاعل معهم.

الصحف البحرينية

متوافرة بعد الـ12 صباحاً

كما تطورت ملامح النشر الإلكتروني بحيث بتنا نرى اليوم الصحف البحرينية بعد الساعة الثانية عشرة صباحاً تبدأ في نشر المحتوى الإلكتروني للصحيفة الورقية اليومية. كما أنها تحوي خدمات أخبار أونلاين عن طريق فرق متخصصة تقوم ببث الأخبار المحلية والإقليمية والدولية بشكل مستمر على مدار 24 ساعة.

ولعل بعض هذه الجرائد لم تكتفِ بالموقع الإلكتروني للصحيفة، بل أيضاً اتجهت للنشر على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر والإنستغرام، وبات القارئ البحريني اليوم يستطيع أن يتداول أخبار صحيفته المفضلة وينشرها على برامج التواصل الاجتماعي كالواتس آب والمجموعات الهاتفية، كما بات بمقدوره مشاركة عناوين المواضيع وروابط المقالات مع الآخرين وإرسالها لهم على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي في الفيس بوك وتويتر والإنستغرام.

كما أن خاصية هذه البرامج التفاعلية، قد مكنت القارئ من الحصول على نسخ إلكترونية من جميع المواد الصحافية التي يفضلها وحفظها في هاتفه الذكي أو على جهاز الكمبيوتر الخاص به، أو إرسالها على بريده الإلكتروني الخاص به أو بالآخرين، كما أصبح بإمكانه الوصول بشكل مباشر إلى المواد الصحافية التي يرغب بها من خلال تقسيم وتبويب الزوايا والأقسام على الموقع الإلكتروني للصحيفة عوضاً عن تصفح الصحيفة كاملة.

ظاهرة جديدة في عالم الصحافة البحرينية

علينا أن ننتبه أيضاً، إلى ظاهرة جديدة في عالم الصحافة البحرينية وهي شرائح قراء الصحف، فالصحافة الورقية كان لها جمهورها الخاص المتمثل في نخبة المجتمع والمثقفين والمفكرين فقط، حيث كان البعض يراها وسيلة إعلامية نخبوية، ثم مع اتجاه الصحافة إلى الصحافة الإلكترونية وصحافة قضايا الشارع العامة، باتت تستقطب قراء أكثر من مختلف المستويات الفكرية والثقافية والعمرية داخل وخارج مملكة البحرين، مما أدى إلى تغيير اللغة الإعلامية والصحافية المستخدمة بحيث تكون مناسبة للجميع.

واليوم نرى هناك تغييراً أيضاً فيما يخص قراء الصحف، حيث اتسعت الدائرة لتضم كافة فئات المجتمع من شباب وأطفال ومراهقين مقيمين بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتفاعلون مع ما تطرحه حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للصحف، لذا فهناك حاجة ضرورية للاهتمام بأن يكون المحتوى الصحافي على حسابات الصحف التفاعلية ملائماً وجاذباً لهذا النوع من القراء الجدد.

«الصحافة التي لا تمثل مطالب الشعب وتعكس اتجاهاتهم ومواقفهم ستبقى دائماً صحافة بلا نبض وصحافة علاقات عامة للدولة»، تلك القاعدة التي يجب على كل صحافي أن يضعها أمام نصب عينيه وهو يقتحم مهنة المتاعب.

وبمناسبة مهنة المتاعب، فإن الصحافة تعتبر حسب المدرسة الإعلامية «أم الإعلام»، فكل ما في الإعلام أساسه الكلمة سواء صحافة مكتوبة أو صحافة مرئية «التلفزيون» أو صحافة مسموعة «الإذاعة» واليوم من الممكن أن نضيف إليهم الصحافة الإلكترونية والتفاعلية كذلك!

الكلمة هي أساس كل الإعلام، لذا فوصف الصحافة بـ«الأم» للإعلام وصف دقيق يختصر أهمية الصحافة التي تعتبر سلطة رابعة في البحرين ودول كثيرة، في حين في دول أخرى وجدناها سلطة أولى اقتلعت العديد من الرؤساء ودفعت لاستقالة كبار الوزراء والمسؤولين بل وأغلقت مؤسسات وأفلست شركات بسبب «جرة قلم»، لذا مخطئ جداً من يستهين بقوة الصحافة ولا يحترم مكانتها الهامة في المجتمع.

حديثنا بهذه المناسبة يأتي تزامناً مع ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة «3 مايو» ويوم الصحافة البحرينية «7 مايو».. هناك سؤال يشغل عموم قراء الصحف والمثقفين.. هل تنتهي الصحافة يوماً أمام اتجاه الجيل الناشئ إلى صحافة «السوشيال ميديا» أي صحافة مواقع التواصل الاجتماعي؟