تكاد لا تخلو أي انتخابات سياسية في العالم من المنافسة، فهي قائمة عليها، ويتنوع شكل المنافسة بين المرشحين فمنهم من يعتمد استراتيجية تبنى على إبراز أعماله ومنجزاته للجمهور، ومنهم من يعتمد على استراتيجية إسقاط الخصم إن لم يكن لديه شيء يبرزه، وقد يكون ذلك وفق ما يسمح به القانون أو قد يتجاوزه قليلاً، لكن في العراق الأمر مختلف تماماً.

في العراق يتنافس 7376 مرشحاً ينتمون لـ320 حزباً وقائمة للحصول على 328 مقعداً في مجلس النواب العراقي ومنهم سينتخب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وهذه رابع انتخابات برلمانية تجرى في العراق بعد غزوه واحتلاله في عام 2003، لكن المنافسة على الانتخابات في العراق لا تشبه غيرها في أماكن أخرى وحيث لا أعمال تذكر لأي سياسي أو حزب أو قائمة تمكنهم من اعتماد استراتيجية إبراز المنجزات للجمهور، فكل أعمالهم كانت عبارة عن هدم وسرقات وجرائم، فقد لجأ المتنافسون إلى الاستراتيجية الثانية وهي استراتيجية إسقاط الخصم، لكن إسقاط الخصم هنا يكون بمعناه الحرفي فهو بين اغتيال أو فضيحة جنسية مصورة بالصوت والصورة، ومع اقتراب موعد الانتخابات في كل مرة من المرات الأربع يسقط عدد من المرشحين قتلى في عمليات اغتيال وينجو آخرون، وفي المنافسة للانتخابات أضيف مقاطع فيديوية إلى مكتبة المقاطع الإباحية لمرشحين آخرين، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال، وقد يستغرب كثير من الناس خارج العراق من هذه الأعمال والمنافسة بهذه الطريقة فتأسف الأمم المتحدة وتقلق كعادتها، لكن هذا الاستغراب يزول إذا عرف المتابع أن ممارسة الأحزاب والكتل السياسية لعمليات الاغتيال والتصفية في العراق لأغراض انتخابية هو أمر طبيعي، فهذه الأحزاب والكتل هي في أصلها عصابات وميليشيات لها ذراع سياسي يحكم البلد، والعلاقة بين هذه الأحزاب هي علاقة بين عصابات ولذلك تلجأ هذه العصابات إلى أقصر الطرق للتخلص من منافسيها وهو الاغتيال، كما أن بعض الأحزاب تلجأ إلى عمليات التفجير والقتل الجماعي لإسقاط الحزب الذي يحكم حالاً.

هناك الكل يحارب الكل، والطريف أن الفرقاء السياسيين المشاركين في الانتخابات وقعوا على «ميثاق شرف انتخابي» قبل انطلاق حملاتهم الانتخابية! ثم انطلقت بعدها حملات الاغتيال والفضائح الجنسية، ويبدو أن هذا هو الشرف الانتخابي من وجهة نظرهم! فإذا كان هذا حالهم وهم شركاء في العمل السياسي فما بالك بعلاقتهم مع المواطن ومصالحه ومع البلد وخيراته؟!