في معرض كتابه الحكيم، يقول الله تعالى، «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون الحجر»، «9». أي أن هذا الكتاب محفوظ من الله مما اعترى غيره من الكتب المقدسة من تحريف باطل سواء بالتغيير أو الزيادة والنقصان، وقد عهد الله إلى نفسه الحفاظ على النص القرآني وأحكامه وفرائضه وحدوده.

حسناً فعل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عندما أشار في السابع من مايو الجاري لشخصيات فرنسية واصفاً إياها بالوقحة لمطالبتها بحذف بعض آيات القرآن الكريم، وكان جيداً منه أن نعتهم بالحماقة والجهالة. وربما من الجدير بالإشارة هنا إلى أن هؤلاء الوقحين من بينهم «الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي». جاء ذلك على خلفية خبر نشرته مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية، نقلت فيه توقيع 300 شخصية فرنسية -بينهم الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي- على عريضة تدعو إلى «حذف آيات من القرآن الكريم»، بزعم أنها معادية لليهود، وهي حملة جديدة تم التنسيق لها قبل أسبوعين. وكان لافتاً المقال الذي نشرته صحيفة «لو باريزيان»، والذي جاء تحت عنوان «ضد معاداة السامية الجديدة»، يدعو كاتبه القيادات الإسلامية إلى حذف سور من القرآن الكريم متذرعاً بكونها «تدعو إلى قتل ومعاقبة اليهود والمسيحيين والملحدين»..!!

ويحق لي كمسلمة وآخرين معي أن نتساءل عن دوافع الدعوة إلى الإلغاء والتحريف، ولعلنا لا نرجح تحليلاً أكثر من القول بأن هناك من يعمل على تغيير المسلمين عبر تغيير الإسلام نفسه، وهو أمر ليس بجديد، وقد شهدنا في مطلع القرن الجاري ارتفاع الدعوات الخبيثة لتغيير الإسلام بعد الفشل في تغيير المسلمين بذريعة محاربة الإرهاب، وأول ما هوجم في هذا الصدد مناهجنا وعلومنا الدينية، واختزالها في آيات وصور القتال «الجهاد» على نحو مجرد يخرجها من سياقاتها ومعانيها وأحكامها وضروراتها، وفي هذا الإطار أتيحت الفرص لكثير من الجماعات الدينية «الأحزاب» بالترويج عن فكرها «الوسطي» كصيحة موضة لذاك الوقت، وكانت طعماً شهياً روضنا بل اقتادنا للقبول به والانضواء تحت راياته، ولن أخوض في خطر «التقليعات الإسلام» ومواكبتها لمتطلبات المراحل السياسية، فقد تكشفت من حيث انعدام فرص مواراتها عن الألباب. وبعد إتاحة الفرصة لدعاة الوسطية، وجد الفرنسيون أن بالإمكان المطالبة بحذف آيات من القرآن الكريم، فهل سنجد يوماً قرآننا بنسخته المبسطة أو نسخة مختصرة لا تتعدى صفحتين ولا تتناول من المضامين إلاَّ ما يجاري أهواءهم ويخدم سياساتهم؟!!

* اختلاج النبض:

لا نتحامل على تركيا وإن اتهمنا بذلك من قبل سفارة بلدهم لدينا، والدليل على ذلك أننا نثني على ما قام به وزير الخارجية التركي عندما جاد بما يستحق الثناء، لكن اللوم على رابطة العالم الإسلامي ودول الخليج والمسلمين، ولعل أقل ما يمكننا الإسهام به استنفار إسلامي مهيب، يلغي عريضة الـ300 شخصية أمام حملة على وسائل التواصل الاجتماعي يشنها 300 مليون مسلم ومثقف.