يقف قلمي حائراً وكلماتي عاجزة وعباراتي تائهة ومشاعري سارحة وأحاسيسي متناقضة. ماذا عساي أن أكتب وكيف لي أن أبدأ ومن أين أبدأ؟ هل أهنّئ الأمة الإسلامية والعربية بحلول شهر رمضان الكريم، أو أرسل عزائي لأمة كتب عليها الشهادة منذ الولادة أمام أمة اقرأ والتي أنا شخصياً وأنت أيضاً ننتمي إليها.. حيث تجد هذه الأمة نفسها فوق السيادة وكتبت على نفسها الخذلان والبلادة.

لا أزال أذكر وعلى ما أعتقد أبناء جيلي أو من كان يمر من ذلك المكان، اللوحة الجدارية لمسجد القدس الموجودة على سور إحدى المدارس في منطقة بيروت وعليها العبارة التالية «حررها عمر وفتحها صلاح الدين»، مع الزمن ولكثرة مروري من ذلك المكان حفظت العبارة عن ظهر قلب رغم جهلي بمعناها والآن أتذكرها فيوجع بها القلب لجهلي عن اليوم الذي سينزل الستار عمن سيدافع عن أقصاها.

أشعر ببركان الغضب هائجاً في أعماقي، وكل صاحب قلم يحاول أن يتسلح بسلاح الجرأة، يكتب ويثور بكلمات صامتة على ورق هذيل فقط كي يشعر بالنزر القليل من راحة الضمير، الضمير المغيّب عن الواقع الأليم.

70 عاماً على نكبة انتفضت لها بلاد العرب، أوطان من بغداد إلى الشام في مايو 1948. 70 عاماً على ذكرى «النكبة» الفلسطينية، وهو اليوم الذي يوافق إعلان «قيام دولة إسرائيل» على أرض فلسطين، بعد طرد سكانها الشرعيين الفلسطينيين، وتوطين اليهود القادمين من مختلف شتات الأرض بدلاً عنهم. مرت 70 عاماً وأطفال كبروا ليجدوا أنهم لايزالون وحدهم يناضلون بحجارة على الذئب وحدهم رامون، وشجرة الزيتون تصرخ وتقول ارحموا من احتمى بجذعي واختبأ بأحضاني فوق الأرض وبعد أن يرحل ويموت. 70 عاماً وصورة المجازر لم تكن كفيلة بذر الرماد في العيون لإيقاظ من هم للحق داعون وعنه بالطبع غافلون.

وها نحن الآن في مايو 2018 أمام مجازر بشرية تفوق المعقول بحق الشعب الفلسطيني الأبيّ والمنكوب خلال احتجاجه السلمي على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبلاد العُرب لاتزال تنظر إلى حل سلمي، ويدان مرفوعتان إلى السماء باستسلام.. وبما أن الصوت غير مسموع والكتاب غير مقروء، فما علي إلا أن أردد ما قاله نزار قباني:

بكيت.. حتى انتهت الدموع

صليت.. حتى ذابت الشموع

ركعت.. حتى ملّني الركوع

سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع

يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء

يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء