تناولنا أمس كيف أن جهوداً خليجية قادت نحو الدفع لتفكيك الاتفاق النووي الإيراني من خلال دفع القرار الواشنطني نحو الانسحاب منه، وكيف أن جهوداً دبلوماسية خليجية كبيرة باتت تفرض المرحلة تبوأها صدارة المشهد لتقود إلى أن القضاء على نظام الحكم الجائر في طهران لا يقتصر على تفكيك النووي الإيراني وحده، بل تفكيك الأذرع الإيرانية في المنطقة وأكبرها الحوثيون.

إن الحديث عن اليمن كواحدة من أهم الدول التي يجري على أرضها الصراع والحروب بالوكالة بين واشنطن وطهران، لا يلغي أن ساحات كثيرة قد أوغلت فيها طهران وقد حان أوان التصدي لها في كافة الجهات وعلى كل الأصعدة دفعة واحدة بضربة قوية لا تفيق بعدها أبداً، تفضي لانهيار النظام الطهراني الجائر القائم حالياً، ومنح الشعب الإيراني أيضاً فرصة استنشاق الحرية والانعتاق من عبودية نظامه.

وبمعزل عن الحالة اليمنية التي أوليناها اهتماماً بالغاً في مقالات سابقة عدة من بينها الجزء الأول من هذا المقال، يجدر الوقوف أيضاً على فشل الاتفاق النووي في حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك دول الخليج العربي، ولهذا أصبح مهماً أيضاً أن يكون «حزب الله» ضمن المستهدفين بالتفكيك على إثر تفكيك الاتفاق النووي بضربه في سوريا وحتى لبنان.

ولا ننسى تلك الظلال التي سيلقي بها «الانسحاب» على الساحة العراقية لا سيما بعد النجاحات الكبيرة التي حققها فريق الصدر في الانتخابات العراقية الأخيرة، وفشل المالكي ورموز الحشد الشعبي كالعامري والخزعلي في تحقيق انتصار كاسح، ما يتيح الفرصة لواشنطن لكي تستغل ذلك في كسرهم لأنهم كانوا ذراع قاسم سليماني طوال عقد كامل من الزمن.

أما تركيزنا على واشنطن بالمقام الأول والدور المنوط بها أو المأمول منها في قادم الأيام إزاء تقويض النفوذ الطهراني وتطاير شرر شيطنتها في المنطقة، فمرجعه أن هناك الكثير من العوامل والأسباب التي تشجع واشنطن على التدخل في المنطقة أو دخول صراعاتها ضد طهران عبر أذنابها ومن يدور في فلكها. وهو ما سنقف عليه في المقال التالي ليوم غد.

اختلاج النبض:

ليس ثمة مجال لإجراء مفاضلة في أهمية تفكيك النووي الإيراني من جهة والأذرع الإيرانية من جهة أخرى، فكلاهما قاد للآخر وشجع عليه بطريقة ما، ولذلك أصبح من الضرورة بمكان العمل بخط موازٍ على تفكيك كليهما والعمل على تقويض الدور الطهراني الشيطاني في المنطقة بهد أركانه.