تطرقت في مقالات عديدة سابقة إلى ضرورة إنشاء بعثات دبلوماسية من سفارات أو قنصليات لمملكة البحرين في الخارج لما له من أهمية قصوى في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية للبحرين مع مختلف دول العالم، فضلاً عن تنمية أوسع للعلاقات التجارية والاستثمارية، خاصة وأن عدد بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج حالياً قليلة ولا تلبي الطموحات.

حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد حفظه الله أصدر مؤخراً المرسوم رقم «32» لسنة 2018 بإنشاء بعثات دبلوماسية لمملكة البحرين لدى كل من جمهورية السودان ومملكة ماليزيا وجمهورية إيطاليا وهي خطوة إيجابية وهامة، خاصة وأن هذه الدول لها ثقل سياسي واقتصادي على المستويات الأفريقية والآسيوية والأوروبية، فهذا التنوع في اختيار الدول لا شك في أنه سيصب في مصلحة البحرين واقتصادها الوطني.

اختيار دول كبيرة ومتطورة في المجالات التجارية والصناعية كماليزيا التي تحولت من بلد يعتمد على تصدير المواد الأولية البسيطة إلى أكبر الدول المصدرة للسلع والتقنية الصناعية في منطقة جنوب شرق آسيا، وتتميز بتجربة ناجحة في الصيرفة الإسلامية، كما تمكنت من التوسع في قطاع الصناعة، فضلاً عن التطور السياحي الهائل. ووفقاً لتقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي 2017-2018 فقد صنف التقرير ماليزيا في المركز الثالث عالمياً في قوة حماية المستثمرين، وأكد التقرير أن ماليزيا تعتبر أكبر اقتصاد ناشئ في منطقة آسيا متقدمة على دول مثل كوريا الجنوبية والصين، أما إيطاليا العريقة فهي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد أوروبي ومزدهرة في عدد من القطاعات الاقتصادية أبرزها الصناعة والسياحة، وأخيراً السودان التي تعد دولة رائدة في مجال الأمن الغذائي.

إن معدلات التجارة البينية للبحرين مع ماليزيا وإيطاليا والسودان مرشحة للزيادة والانتعاش خاصة مع إنشاء البعثات الدبلوماسية للمملكة في هذه الدول، حيث بلغ حجم التبادل التجاري للبحرين مع ماليزيا في العام الماضي 2017 قرابة 250 مليون دولار، ومع إيطاليا 600 مليون دولار، أما مع السودان فإن حجم التجارة البينية ضعيف ومن المؤمل أن ينتعش بصورة كبيرة خلال الفترة القادمة خاصة في ظل التعاون البحريني السوداني في مجالات الزراعة والأمن الغذائي.

وجود بعثات دبلوماسية في هذه الدول الثلاث الهامة سيلبي طموح بلادنا نحو تعزيز علاقاتها وفتح أبواب الازدهار الاقتصادي والسياسي مع تلك الدول الهامة والتي يتطلب معها وجود كفاءات دبلوماسية وإدارية هامة تتناسب مع تلك الأهمية والتي أعتقد أن من أهمها تعزيز الجوانب الإعلامية، وهذا دور مهم جداً يقع على كاهل تلك البعثات الجديدة، فلا نريد أن نكرر أخطاء الإهمال الإعلامي لبلدنا والذي لمسنا تقصيره في أزمة 2011.

* مسج إعلامي:

رغم أهمية هذه الخطوة، لا بد من الاستمرار في فتح المزيد من البعثات الدبلوماسية الدائمة للبحرين في الخارج خلال السنوات القادمة في دول ذات أهمية وثقل سياسي واقتصادي وتجاري وصناعي كأستراليا أو نيوزيلندا من جانب قارة أوقيانوسيا، والبرازيل أو الأرجنتين من قارة أمريكا الجنوبية، والمكسيك أو وكندا من قارة أمريكا الشمالية، والنمسا أو إسبانيا أو هولندا من قارة أوروبا، والبوسنة والهرسك من دول البلقان، والسويد أو الدنمارك من الدول الإسكندنافية، وكوريا الجنوبية أو سنغافورة من قارة آسيا، وجنوب أفريقيا من قارة أفريقيا، ليكون تمثيلنا أوسع وأشمل ويغطي أغلب بقاع الأرض.