جرت في الأعوام الأخيرة عمليات نصب واحتيال ضخمة جداً أدَّت إلى إفلاس مجموعة كبيرة من المواطنين حين خسروا ملايين الدنانير من أموالهم الخاصة وفقدان بعضهم لعشرات بل ربما المئات من العقارات المرهونة عندما أوهمهم بعض النصابين باستثمار أموالهم في مشاريع تجارية واقتصادية واستثمارية وما شاكل، فكانت النتيجة أن فرَّ النصابون من البلاد وبعضهم تم القبض عليه وآخرون باتوا مطلوبين للجهات الأمنية لكنهم متوارون عن الأنظار، أمَّا هؤلاء المواطنون فإنهم خسروا كل ما لديهم من «حلال» ولم تفلح كل جهودهم في استعادة جزء من أموالهم.

على الرغم من هذه التجربة المريرة التي ذاق عذاباتها ومرّها الكثير من المواطنين على حين غفلة من أمرهم وذلك لعدم إلمامهم بالقانون، نجد اليوم تطفو مرة أخرى على السطح قضايا احتيال مشابهة أو بصور مختلفة، ومازالت الجهات الأمنية وعلى رأسها الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني متمثلة في إداراتها الثلاث «إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية وإدارة مكافحة جرائم الفساد» تقوم بدورها وبتنبيه المواطنين من عدم الانجرار خلف الأصوات والسلوكيات المشبوهة التي تغريهم بالتعامل معها بشكل مطلق مقابل مكافآت مالية أو مبالغ استثمارية مضاعفة، سواء على شكل مبالغ مالية حقيقية أو على شكل مبالغ واستثمارات إلكترونية، وفي كل الأحوال فإن وزارة الداخلية -عبر إداراتها الثلاث- دائماً وأبداً ما تهيب بالمواطنين الكرام تجنب التفاعل مع هذه الجهات وعدم الوقوع في أفخاخهم المغرية. الأهم من ذلك هو تحذير الداخلية كافة المواطنين والمقيمين من إعطاء معلوماتهم الشخصية لجهات مجهولة وعدم الاطمئنان لهم، فاللصوص والمخادعون عادة ما يستترون خلف ألف قناع وقناع، ويستخدمون كل ما في وسعهم من حيل حديثة لاختطاف معلومات حساسة عن الشخص المراد استغلاله، للحصول على اسمه ورقم هويته وهاتفه ورقم حسابه البنكي أو كلمة المرور لحساباته المختلفة لمساومته في نهاية المطاف.

يجب على المواطنين والمقيمين أن يكونوا أكثر حذراً من ذي قبل حين يريدون التعامل مع جهات مجهولة أو غير معروفة، كما ننصح كل شخص ليس لديه أي إلمام بالأمور الإلكترونية أن يتجنب التعاطي مع تلك الجهات غير الآمنة أصلاً، فلربما باستجابة واحدة ساذجة قد يخسر «الضحية» كل ما يملك من أصول نقدية وغير نقدية على أيدٍ محترفة في السرقات الإلكترونية، سواء كانت جهات محلية أو خارجية، ففضاءات العالم الافتراضي مفتوحة على مصراعيها ولا يمكن ضبطها أو السيطرة عليها، لكن ما يمكننا فعله على الأقل، هو عدم تفاعلنا معها وعدم إعطائنا المعلومات الحساسة الخاصة بنا لأية جهة غير موثوقة أو غير مصرح لها بأخذ هذه المعلومات، وفي حال تحيَّر الفرد بين جهة وهمية وأخرى حقيقية فما عليه سوى «رفع سماعة الهاتف» والاتصال بإدارة الجرائم الاقتصادية أو الإلكترونية لتزويده بالمعلومات عن كل جهة يشك في أمرها وطريقة عملها، فهي الجهة الوحيدة التي سوف تحميه من كافة أشكال التحايل والابتزاز.