أحياناً تقودك الصدف إلى فائدة دينية عظيمة وأنت غافل عنها!

كنت أرافق صديقتي عندما طلبت التوجه إليه لأخذ مشورته في موضوع يخصها، تفرعت الأحاديث من موضوع إلى موضوع حتى وجدته يقول: هل تدرين أنه بإمكانكِ وأنتِ جالسة في منزلكِ أن تحصّني منزلك ومنازل جيرانكِ كلها بنفس الوقت؟

كان متخصصاً في مسائل البرمجة اللغوية العصبية وعلم الطاقة فوجدته يقول: هناك فوائد ثمينة للدعاء بإمكانكِ استغلالها.. عندما تجلسين في مكان ما وتقرئين الأذكار اقرئيها بنية تحصين نفسكِ ومن حولكِ بنفس الوقت وتخيلي أن هناك شيئاً أشبه بالغطاء يحيطكم جميعاً، أيضاً بإمكانكِ وأنتِ تقرئين الرقية الشرعية أن تحفظي منزلكِ ومنازل جيرانكِ وأن تتخيلي طاقة الدعاء تشملهم جميعاً، تخيلي دعاءكِ أشبه بالغطاء الذي غطى زوايا منزلكِ وأسوار منازل جيرانكِ جميعها، دائماً حاولي توسيع دائرة الدعاء بحيث تشمل المحيطين بك.

بعد عدة سنوات من ذلك اللقاء وجدتني أفكر بطريقة أكثر شمولاً، طاقة الدعاء من الطاقات الإيجابية التي من الممكن أن ترسلها للآخرين وأنت جالس في مكانك! الدعاء هو عاطفة حب نقية من الممكن أن توصلها للآخر دون أن يفقه سرها، الغريب أنك تكتشف أحياناً أن دعاءك للآخر قد استُجيب فوراً وكأن هناك ملاكاً مر بك وقال «آمين»، الأغرب أن الشخص الذي دعوت له والذي قد لا تكون على علاقة وثيقة به ستجده يرتاح لك دون أن يجد لهذا النوع من الراحة تفسيراً! لن يدرك أنك ترسل إليه طاقات إيجابية عن طريق الدعاء والنية الصافية، لذا عقله الباطن يرتاح لك بطريقة عجيبة! علم طاقة الدعاء موجود بالأصل في ديننا ويدعو إليه عن طريق الدعاء بظهر الغيب لأخيك.

حتى في الدين اعترف بهذه الطاقة حينما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثلٍ»، كما قال: أفضل الدعاء دعوة غائب لغائب».

يحدث كثيراً أننا نسهو في صلاتنا وعباداتنا ونحن نؤديها، بل وأحياناً أخرى نجد أنفسنا أن الصلاة التي نؤديها بها روتين قد يدفعنا لأن نسهو للأسف «أستغفر الله» ونهمل أن نفتح باباً عن طريق الصلاة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى بمد جسور الدعاء.

من طرق استثمار الصلوات الدعاء في كل سجدة، فالسجود كما قيل من أعظم مواطن استجابة الدعاء والشيخ ابن باز رحمه الله يقول: يشرع للمؤمن أن يدعو في صلاته في محل الدعاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة، ومحل الدعاء في الصلاة هو السجود وبين السجدتين، وفي آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وقبل التسليم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم».

يحدث أن ننشغل بأمور كثيرة لمن هم من حولنا، في اليوم الواحد أنت تلتقط مئات الأخبار عمن حولك.. فلان اكتشف فيه مرض.. علان توفاه الله.. تقع على خبر تكتشف من ورائه هناك شخص يعاني أو به بلاء عافانا الله، تسمع عن مصاب شخص عزيز عليك فيتكدر خاطرك دون أن تتفقه أنه بإمكانك أن تدفع طاقة الخبر السلبية التي أصابتك وأزعجتك بطاقة الدعاء الإيجابية له.

جرب في كل يوم يمضي بك أن تتخذ من هذه العادة باباً لأجل إشاعة المحبة وبث طاقة الدعاء في داخلك ولمن حولك ونثر جسور المحبة بالدعاء، جرب في كل لحظة تلتقط فيها خبراً عن إنسان سواء تعرفه أو لا تعرفه أن تدعو إليه في موعد صلاتك القادمة، في كل سجدة قم بالدعاء له ولغيره وستكتشف في نهاية يومك أنك تدعو إلى الكثيرين سواء تعرفهم أو لا تعرفهم فتعمل على إرسال طاقة الدعاء التي ترد عليك بمئات الحسنات وتعزز طاقتك الإيجابية وتشيع المحبة لك عند من حولك.

رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حث على الدعاء للمؤمن في ظهر الغيب سواء في الأسحار أو أدبار الصلوات كون هذا السلوك يكون خالياً تماماً من النفاق والمجاملة والمديح الكاذب والرياء. مما ورد كذلك أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات، قال تعالى «والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم».

إنما الحب الحقيقي هو تمني الخير لأخيك أو صديقك أو عائلتك أو من حولك، والدعاء بظهر الغيب لهم.