* رمضان شهر الطاعات والعبادات لا المسلسلات والفضائيات

* موسم البرامج والمسلسلات الرمضانية وزمن مشاهد "السوشل ميديا"

* المسلسلات السياسية والوطنية في مرحلة ما كانت موضة رمضانية

* لماذا لا ينتج المجتهدون واقع المجتمع الخليجي على مدار أشهر السنة؟

* المسلسلات الخليجية متهمة بإفساد الذوق العام والتأثير على الأخلاق

* مسلسلات الصراخ والبكاء والشجار المتكرر والموت والعذاب ولى بريقها

* الفوازير المصرية تربعت وتصدرت في بداية التسعينات برامج رمضان

* الفنان المؤثر على مواقع التواصل والأعلى متابعة.. هو الموضة

* برنامج "تم" أصبح جماهيرياً وتصدر القلوب.. ومازال الجدل قائماً حوله

هل المسلسلات الرمضانية بقدر كثافتها وتضخم إعدادها خلال السنوات الأخيرة تمثل المجتمع الخليجي والواقع الذي نعيشه أم باتت ما تزال عالقة في موجة زمن ولى وأدبر ؟ هل البرامج الرمضانية باتت روتيناً مملاً معروفاً غالباً ما يتم فيها التهريج مع المشاهدين المتصلين أم هناك تغير طرأ على هذه الساحة الموسمية من كل سنة ؟

القنوات الفضائية تجد من شهر رمضان المبارك الذي عادة يجتمع فيه الأهل والأصدقاء على موائد الفطور والسحور غنيمة كبيرة لأجل جذب أكبر نسبة عدد من المشاهدين مما يعزز مردود الإعلانات التجارية لديهم حتى باتت بعض القنوات المسلسلات هي الفواصل بين الإعلانات الكثيرة وليس العكس ! فرمضان خزينة ألماس ومنجم ذهب بالنسبة لهم والقضية الجدلية الدائمة رمضان من المفترض يكون شهراً للطاعات والعبادات لا شهراً لمتابعة المسلسلات وشاشات الفضائيات !

الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية في كل سنة تفاجئنا بطرح جديد في مجال معين يستحوذ على اهتمام الجمهور ونقد الكتاب والناقدين في المجال الفني فبعض السنوات رأينا المسلسلات السياسية التي تأخذ طابع وقائع حاصلة في بعض الدول الخليجية أو العربية مثل المسلسل الخليجي الذي استعرض بعض وقائع غزو الكويت على سبيل المثال وهي من كانت تتفوق وتبرز وفي سنوات أخرى عجاف لم نرَ إلا مسلسلات البذخ والتركيز على المظاهر السلبية في مجتمعاتنا التي تعزز التصرفات السلبية ولا تمثل الشريحة العظمى من المجتمع الخليجي المعروف بتمسكه بعاداته وتقاليده ورغم أن هناك آراء ترى أن ذلك يأتي لأجل تسليط الضوء على مظاهر تتم دائماً خلف الكواليس وبعيداً عن الأضواء وقضايا حساسة ومن الواجب إظهارها حتى تتم معالجتها بالمقابل هناك اتجاهات رأي ترى أن لشهر رمضان حرمته وجوه الروحاني الذي من المفترض أن تتم مراعاته وبإمكان هؤلاء المجتهدين في كشف واقع المجتمع الخليجي الذي لا يظهر ولا ينقل ولا يكتب إظهاره وتسليط الضوء عليه في بقية أشهر السنة الإحدى عشر !

أكثر الانتقادات الحاصلة للمسلسلات الخليجية بالذات أنه لا يوجد هناك توظيف حقيقي للواقع الذي نعيشه بالقضايا السطحية الهامشية وبمشاهد السيارات الفارهة والقصور وحياة البذخ والاستهتار وأطنان المكياج على الممثلاث رغم أنهن يقمن بمشاهد في المنازل أو المستشفيات وغيرها إلى جانب كثرة عمليات التجميل التي أفقدتهم القدرة على إجادة الملامح التعبيرية لهن كممثلات وكلها لا تلامس واقع المجتمع الخليجي كما أن هناك من يرى أن أجمل المسلسلات الخليجية الرمضانية هي التراثية التي تنقل للمشاهد فترات تاريخية وتسلط على فترة زمنية لا يعرفها الجيل المعاصر وهي مسلسلات توثيقية لذلك الزمن أكثر من أن تكون مجرد مسلسل رمضاني !

المسلسلات الرمضانية الخليجية خلال العشر سنوات الفائتة كانت دائماً في قفص الاتهام إنها تفسد الذوق العام وتؤثر على أخلاق المجتمع وتشجع على المظاهر السلبية وممارسة الرذائل والانخراط في عوالم الفساد والضياع بالأخص تلك المسلسلات التي تستعرض مشاهد المدمنين على المخدرات والخمور والفساد الأخلاقي وجلسات اللهو والسهر والرقص كما أن موضة مسلسلات الصراخ والبكاء والشجار المتكرر قد ولى بريقها ولم يعد المشاهد تجذبه مثل هذه الأعمال التي تجعل الواحد يدخل في « جو نفسية « لا يحتاجه إليه في شهر العبادات والطاعات كما أن مثل هذه المشاهد السلبية باتت مصدر إزعاج للمشاهد دفعته لأن يتابع البرامج التلفزيونية التي تحتوي على كمية من المرح والضحك وسحبت البساط من تلك المسلسلات مما دفع بعض القنوات التلفزيونية إلى تغيير سياستها بشأن شراء مثل هذه الأعمال من المنتجين !

أيضاً هناك مسلسلات يتم فيها الترويج لعبارات وألفاظ ومصطلحات سوقية باتت تؤثر على سلوكيات الأطفال الذين يتابعونها كما أن هناك برامج تلفزيونية رمضانية الرقص والغناء والضحك بصوت عالٍ والقيام بحركات استعراضيه أشبه ما تكون بحركات الشوارع أفسدت الذوق العام وبات مصدر تهديد لأولياء الأمور الذين يجدون أنها أثرت على سلوكيات أبنائهم فبات البعض يتساءل عن مدى مراعاة القائمين على مثل هذه البرامج على الجيل الناشىء للمجتمع والوعي بشأن أهمية المحافظة على جو رمضان الروحاني الذي انتهك على يد منتجين لا يخافون الله ويسعون للربح المادي بأي طريقة كانت حتى وإن كانت عن طريق جلب مذيعة ترقص وتغني وتقفز داخل الاستيديو أكثر من كونها تقدم مواد تتناسب مع جو رمضان فمثل هذه البرامج تقصف الهوية الدينية والأخلاقية وتشكل تهديداً لسلامة الفكر وصحة النفس .

في بداية فترة التسعينات كانت الفوازير المصرية هي المتربعة على العرش في الوطن العربي وتحتل الصدارة وكانت هناك وجوه لفنانات وفنانين استطاعوا ترسيخ بصمة عند المشاهد العربي ورغم أن بعض الفنانات الخليجيات في مرحلة ما بعد الفوازير المصرية حاولن أن يعدن بهذه الموضة الرائجة إلا أن الفشل الذريع وقلة نسبة المشاهدات هو ما أنهى هذا العهد بلا رجوع .

أما في زمننا الحالي فرتم البرامج الرمضانية بات معروفاً ومتكرراً وهناك من يتهم بأن معظم البرامج التلفزيونية الرمضانية نسخ مكررة منذ سنين طويلة فالبرامج الرمضانية معروفة الوجوه المكررة التي ستطل عليها من فنانين وأسماء لممثلين ولعل الإضافة التي جاءت خلال السنوات الأخيرة موضة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وبات هناك أيضاً عرف جديد وهو الممثل أو الفنان أو المطرب المؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي والأكثر متابعة وتلك قصة أخرى فهذا الفنان بالأصل قد لا يكون لديه أي جديد خلال شهر رمضان ولم يشارك في أي عمل تلفزيوني أو برنامج ولكن تتم استضافته بسبب آرائه المثيرة للجدل أو مقاطعة على مواقع التواصل الاجتماعي التي البعض يتعامل معها وفق مبدأ « أنا استفدت شنو الحين من هالكلام ؟ «

إذا ما جئنا إلى شاشة تلفزيون البحرين فنجد أن العصر الذهبي للمسلسلات التلفزيونية كان في تلك الأعمال التراثية التي استعرضت تاريخ أهل البحرين وقصصهم وأهمها تلك التي خطت على يد الكاتب البحريني المبدع راشد الجودر وإخراج المخرج البحريني المتألق والمميز أحمد يعقوب المقلة مثل فرجان اللول وحزاوي الدار وسعدون تلك المقولة السائدة التي يرددها البحرينيون والقاعدة التي ينطلق منها المشاهد البحريني كما أن هناك الكثير من برامج المسابقات واللقاءات خلال شهر رمضان ما تزال راسخة عند الجمهور البحريني مثل فوازير أنور أحمد وسامي هجرس والسهرات الرمضانية الجميلة مع أم هلال.

برنامج تم على شاشة تلفزيون البحرين بات البرنامج الجماهيري الأول المتصدر لقلوب البحرينيين الذي أدمع الأعين وأثر على وجدانهم فهو يخاطب العاطفة ويلامس واقع كثير من البحرينيين ويسلط الضوء على ما يوجد خلف الكواليس وما لا يظهره الإعلام طيلة السنة ! ورغم عدم الاتفاق بين الجمهور الذي يتابعه ما بين مؤيدين للقضايا الإنسانية التي يتداولها وكيف يخدم أصحابها ويظهر معاناتهم وما بين معارضين يجدون أن هناك نوعاً من الاستعطاف والمذلة وفضح حاجات الناس بشكل مهين وغير محبب إلا أن برنامج تم تبقى فكرته المميزة ذات طابع لا يتكرر ونقلة نوعية في برامج تلفزيون البحرين فهو استطاع أن يجذب بذكاء مختلف الشرائح العمرية في المجتمع البحريني ويوظف مثل هذه القضايا الإنسانية بطريقة تعزز مبادىء التكافل والتعاون والشراكة المجتمعية .

لا ينبغي أن ننكر مسألة بالغة الأهمية إننا اليوم في زمن « مشاهد السوشل ميديا « أي مواقع التواصل الاجتماعي التي بات العرف فيها اقتطاع أهم مقاطع اللقاءات والبرامج والمسلسلات الرمضانية ونشرها في الحسابات العامة حتى بات هناك من لا يشهد التلفاز في رمضان بقدر ما يتابع مثل هذه الحسابات التي تقدم له المختصر و» زبدة اللقاء او البرنامج « ولكونها تتيح له التفاعل الفوري المباشر ولعل هذا ما ألغى ظاهرة التعليقات التي تظهر أسفل شاشة المحطات التلفزيونية في زمن لم يظهر فيه بعد اختراع الهواتف الذكية .

السؤال الهام هنا : لماذا لا تتجه القنوات الفضائية والمنتجون إلى إيجاد برامج تلفزيونية تحكي تجارب المسلمين حول العالم وتستضيف فيه أشخاصاً مثيرين للجدل ويطرحون آراء وأفكاراً حول مسائل فقهية أو دينية أو على الأقل أخلاقية بطابع خفيف محبب يجذب المشاهد ؟ لما لا نرى الاهتمام بإيجاد برامج مسابقات ذات طابع ديني وروحاني تتناسب مع أجواء رمضان وتراعي حرمته ؟ لماذا لا يكون هناك تركيز على إنتاج المسلسلات الرمضانية الدينية التي تحكي تاريخ الإسلام الحافل بالكثير من الشخصيات و» لكن « بأسلوب معاصر وطرح إيجابي يحبب في الحياة بعيداً عن المعزوفات الحزينة والمؤثرات الصوتية المليئة بالآهات والحسرات والعبرات !

مملكة البحرين بلد متميز في مجال حصد الجوائر في مجال المسابقات القرآنية على المستوى الاقليمي والعالمي فهل من الصعب أن نرى برامج تطرح التحديات التي خاضها الشباب وهم يدخلون مثل هذه المسابقات وتسليط الضوء حول ما كان يتم خلف الكواليس ؟ هل من العسير أن نشاهد على الشاشة شاباً يحكي تجربته وأشبه ما يكون ببرامج الواقع وكيف دخل إلى عالم المسابقات القرآنية وسرد لقصة حياته وما واجهه خلال حفظه لأجزاء القرآن الكريم ونتجاهل فرضية « الجمهور عاوز كده فالجمهور أوعى بكثير من أن لا نحترمه ونقلل منه بهذه القاعدة التي لا نتفق معها شخصياً ؟ «

دليل كلامنا هذا أن مذيعات التنطط والقفز والتظاهر بالدلع وتقديم المحتوى غير الهادف لم يعدن موجودات على الساحة وانتهى زمنهن وولى والمشاهد هو من أطاح بهم بقلة نسبة المشاهدات وتجاهلهم ونقدهم بطريقة هجومية دفعت أصحاب القنوات لتجنب إنتاج برامج تلفزيونية معهم فالمشاهد الذي يرى أنه لا يتم احترام ذائقته التلفزيونية والفنية يتخذ موقفاً عاماً يلوي ذراع المنتجين بالنهاية ويطيح بتجارتهم فالمنتج والمعد عليه أن يسحر المشاهد ببرامج ومسلسلات تدفعه لاكتشاف جوانب من الحياة جديدة لم يطلع عليها وتضيف إليه لا تفسد ذائقته وأخلاقه!