علمنا ديننا الحنيف أن الموت حق، وبأننا جميعاً ضيوف على هذه الدنيا الفانية، وأننا مغادرون ومخلفون كل شيء وراءنا، ولن يبقى لنا في هذه الدنيا سواء «الأثر» الذي تركناه.

وهذا ما استدركته سريعاً فور سماعي بخبر وفاة المغفور له بإذن الله سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، هذا الفقيد الذي كان أحد أعمدة عائلة آل خليفة الكرام، والذي كان يكن له الجميع احتراماً كبيراً كونه «عميداً» للعائلة.

ذكريات سريعة تأخذني إلى عام 2009، عندما أقدمت على كتابة كتابي الأول «ملك يشاطر شعبه تطلعاته»، وهو كتاب علمي يحلل مقالات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أذكر جيداً عندما وقعت عينا سمو الشيخ عبدالله بن خالد على الكتاب، فقال لي « تذكري بأن قلمكم هو ذاكرة الوطن، فاكتبوا كل ما يخص تاريخ البحرين ووثقوه، خشية ضياعه أو تشويهه» وأصر على أن يكون حفل تدشين كتابي الأول تحت رعايته الكريمة رحمه الله.

كان حضوره لحفل تدشين كتابي الأول مدعاة للفخر، فهو عميد عائلة آل خليفة، وله من المآثر الكثير الكثير التي أعجز عن كتابتها في مقال واحد. لم يكن حفل التدشين حفلاً عادياً لشابة بحرينية في مقتبل العمر، بل كان بمثابة «يوم الفرح» بالنسبة لي، فالدعم الذي لقيته من سموه رحمه الله جعلني أشعر بالمسؤولية تجاه ما سأقوم به في المستقبل، ونصيحة سموه رحمه الله مازالت عالقة في ذهني.

كان سمو الشيخ عبدالله بن خالد في غاية التواضع، والمروءة، والوطنية، وحب الخير، وكان همه الأوحد هو الوطن ورفعته، فوضع يده الكريمة رحمه الله في الكثير من المشاريع الوطنية الخيرية والثقافية، وخط بيده رحمه الله فصولاً مهمة في تاريخ مملكة البحرين.

وكما يقال «ما مات من خلف» وها هم أبناء سموه يواصلون مسيرة والدهم رحمه الله بنفس الخصال التي ورثوها عنه.

بفقد سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، فقدت البحرين رجلاً وطنياً خدم البحرين في مختلف المجالات وأسطر «أثر» سيظل حياً على مدى الأعوام والعصور.